بداية النهاية….نتنياهو في حالةٍ من الهستيريا السياسيّة

أولاً وقبل كلّ شيء، يجب تأكيد المؤكّد وتوضيح الموضّح: الانتصار على إسرائيل في المعركة على الأقصى، جاء بفعل الهبّة الشعبيّة للشعب العربيّ الفلسطينيّ، وليس بفضل هذا الزعيم العربيّ أوْ ذاك الملك العربيّ، وبهذا النصر أثبت الفلسطينيون لكلّ مَنْ في رأسه عينان على أنّ ألـ”غول الإسرائيليّ” ما هو إلّا فيل في حانوت الخزف، أوْ كما وصف الدولة العبريّة، السيّد حسن نصر الله، الأمين العّام لحزب الله اللبنانيّ، حين قال إنّها أوهن من بيت العنكبوت، وأنّها خلافًا للماضي، باتت تتكلّم كثيرًا وتفعل قليلاً.

نتنياهو، وعلى الرغم من أنّه يُحاول توجيه الرسائل للعالم، وبشكلّ خاصٍّ لمُعسكر الانبطاح العربيّ بأنّه سياسيّ قويّ وبأنّه سيّد الأمن، هو سياسيّ يخاف من ظلّه، كما يُجمع المُحللون للشؤون السياسيّة في وسائل الإعلام العبريّة. إنّه يخاف من اليمين، والمركز وما يُسّمى باليسار الصهيونيّ الإسرائيليّ، ويعمل على إرضاء الجميع، لأنّ همّه الوحيد، كما يؤكّد كبير المُحللين في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، المُحافظة على منصبه وعلى كرسيّ رئاسة الوزراء.

النكسة التي سببها لنفسه بسبب عنجهيته وتطرّفه وحقده الدفين عادت إليه ككيدٍ مرتّدٍ، وأرعبته مفاعيلها وتداعياتها، وباشر باتخاذ الخطوات لدرء تبعاتها على مستقبله السياسيّ في تل أبيب. فجأةً وبدون سابق إنذار، بدأ يُطالب بإعدام الفلسطينيين، الذين يُنفّذون الأعمال الفدائيّة. وفي توقيتٍ لافتٍ للغاية، تمّ النشر في صحيفة (هآرتس) العبريّة عن أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ اقترح على الإدارة الأمريكيّة الجديدة بقيادة دونالد ترامب تطبيق نظرية وزير أمنه المُتشدد، أفيغدور ليبرمان، والقاضية بتبادل الأراضي بين الدولة العبريّة وبين الفلسطينيين

بحيث يتّم نقل وادي عارة إلى خارج الخّط الأخضر، مُقابل فرض السيادة الإسرائيليّة على الكتل الاستيطانيّة، التي تؤكّد إسرائيل في مناسبةٍ أوْ بغيرها، على أنّها ستبقى ضمن حدود الدولة العبريّة في أيّ حلٍّ سياسيٍّ مع السلطة الفلسطينيّة في رام الله. وبحسب الصحيفة، فإنّ هذا التسريب جاء ردًّا على مشاركة ألآلاف من الفلسطينيين من داخل ما يُطلق عليه الخّط الأخضر في تشييع جثامين شهداء عملية القدس في مدينة أمّ الفحم.
علاوةً على ذلك، نتنياهو يعلم علم اليقين بما قالته والدة أحد الشهداء: أشهد بأننّي أزف ابني عريسًا اليوم، فيما قال موقع (المصدر) الإسرائيليّ، شبه الرسميّ أنّ مراسم التشييع صدمت صنّاع القرار في تل أبيب، علمًا أنّه بحسب قرار المحكمة العليا كان يجب مشاركة ثلاثين شخصًا فقط في مراسم التشييع.

صحيفة (هآرتس) العبريّة نشرت في عددها الصادر اليوم الجمعة، وعلى صدر صفحتها الأولى وبالبنط العريض، أنّ نتنياهو، وبعد قرار المجلس الوزاريّ الأمنيّ-السياسيّ المُصغّر (الكابينيت) بإزالة البوابات الالكترونيّة من على أبواب الأقصى، بات ينشر شمالاً وجنوبًا، شرقًا وغربًا، وعلى مدار الساعة أخبارًا لصدّ الهجمة الشرسة التي يتعرّض لها من قبل اليمين المُتطرّف، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، لفتت الصحيفة العبريّة إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ أوعز لمقربيه بنشرٍ نبأٍ مفاده أنّه أمر ببناء مستوطنةٍ للإسرائيليين الذين تمّ إخلاؤهم قبل فترةٍ وجيزةٍ من المُستوطنة العشوائيّة عمونا في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ كلّما اشتدّ الهجوم عليه من قبل اليمين، يقوم بنشر الأخبار عن قضايا سيقوم بفعلها، في محاولةٍ يائسةٍ وبائسةٍ لدرء الخطر الذي يُشكلّه اليمين المُتطرّف على مستقبله السياسيّ، كما قالت المصادر الرسميّة الإسرائيليّة للصحيفة العبريّة.

وقال مُراسل الشؤون السياسيّة في صحيفة (هآرتس)، باراك رافيد، إنّ قائمة المشاريع التي طرحها نتنياهو في الأيّام الأخيرة لن تُنفّذ، بل ستبقى جزْءً من الفولكلور الذي لا يُسبب الضرر. وتابع قائلاً إنّه من الصعب كيف يُمكن ترجمة التصريحات إلى لغة الأفعال، ولكنّه استدرك قائلاً إنّه لا ضريبة على الكلام.
وأوضح المُحلل رافيد أنّ هدف البيانات الصادرة عن ديوان نتنياهو والتسريبات من محيطه هو محاولة لصرف الأنظار عن الإجماع الإسرائيليّ، من اليمين حتى أقصى اليسار، الذي يؤكّد على أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ وحكومته فشلا فشلاً مدويًّا في معالجة قضية الأقصى، وانتهاجهما سياسة ملتوية، انتهت بالتراجع، على حدّ تعبيره.

من ناحيته، هاجم موقع (WALLA) الإخباري العبري، أيضًا، نتنياهو بعبارات حادة جدًا، مشيرًا إلى أنّ النتيجة النهائية للأزمة تظهر أنّ إسرائيل تراجعت أمام أعمال العنف، ومن دون تزيين ما حدث بكلمات جميلة، تراجعت إسرائيل وذيلها بين أرجلها، في إشارة إلى الخزي والعار، وأزالت البوابات وكذلك الكاميرات، من على مداخل الحرم.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى