بعد فرنسا، فنلندا تعترف رسميا بمغربية الصحراء
أعلنت فنلندا الثلاثاء أن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية التي طرحتها الرباط في العام 2007 هي أساس جيّد لحل النزاع حول الصحراء، لتلتحق رسميا بقائمة طويلة من الدول الغربية التي أقرت بسيادة المغرب على كامل أقاليمه الجنوبية وبمبادرة الحكم الذاتي أساسا وحيدا لحل الأزمة.
وانطلاقا من هذا الموقف الجديد، تعتبر فنلندا أول دولة من دول الشمال الأوروبي تدعم رسميا وبشكل صريح، مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي ووحيد قابل للتطبيق لإنهاء النزاع المفتعل في الصحراء.
وعبرت هلسنكي عن هذا الموقف في بيان مشترك صدر عقب اللقاء الذي جمع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بنظيرته الفنلندية إلينا فالطونين.
وجاء في البيان “فنلندا تعتبر مخطط الحكم الذاتي المقدم سنة 2007، مساهمة جادة وذات مصداقية في المسلسل السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة. وأساسا جيدا لتسوية متوافق بشأنها من قبل الأطراف”.
فنلندا : دعم “المسلسل السياسي الرامي إلى التوصل إلى حل سياسي عادل .
وجددت فنلندا تأكيدها على دعم “المسلسل السياسي الرامي إلى التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف”. في تأكيد يعكس تناغم الموقفين المغربي والفنلندي بشأن الدور الحصري للأمم المتحدة في الحراك السياسي لحل النزاع المفتعل.
وجدد بوريطة وفالطونين التأكيد على دعمهما لقرارات مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة. وتأييد بلديهما لجهود المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الرامية إلى الدفع قدما لانهاء النزاع على أساس واقعي قابل للتطبيق.
ويأتي الموقف الجديد لفنلندا في إطار دينامية الدعم الدولي لسيادة المغرب على صحرائه. ولمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربيةأيضا. وهي المبادرة التي أيدتها العديد من البلدان. وهو التأييد الذي كان ثمرة للدبلوماسية الهادئة التي تستمد دعائمها من مقاربات وتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس.
اعترافات دولية وازنة بمغربية الصحراء
ونجح المغرب في السنوات الأخيرة في انتزاع اعترافات دولية وازنة بمغربية الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادته أساسا وحيدا لحل النزاع. بينما عززت تلك الاعترافات عزلة جبهة بوليساريو الانفصالية وحاضنتها الجزائر.
وتشير مجمل التطورات إلى أن الرباط تتجه بثبات لإنهاء النزاع وتفكيك الطروحات الانفصالية التي تؤججها الجزائر عبر دعمها للكيان غير الشرعي المسمى الجمهورية العربية الصحراوية. ممثلة في ذراعها المسلحة جبهة بوليساريو.
ولم يأت اعتراف فنلندا بمغربية الصحراء من فراغ. إذ يشكل في توقيته نتاج حراك دبلوماسي مغربي وثمرة تمسك المغرب بثوابته الوطنية. وجعله من مغربية الصحراء منظورا لعلاقاته الخارجية وثابتا وطنيا غير قابل للمساومة والابتزاز أيضا.
ولا يعتبر موقف فنلندا استثناء في سياقاته السياسية الدولية. لكنه يشكل تطورا لافتا وجوهريا بالمقارنة مع المواقف التي كانت تعبر عنها هلسنكي في الماضي. والتي كانت تنحصر أساسا في التعبير عن دعم جهود الأمم المتحدة.
موقف فنلندا يأتي بعد أسبوع واحد من اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء،
ويكتسب موقف فنلندا أهمية أكبر في سياقاته. إذ يأتي بعد أسبوع واحد فقط من اعتراف فرنسا رسميا بمغربية الصحراء. وهو اعتراف يفتح الباب لمواقف مماثلة لدول لم تعترف بعد بسيادة المغرب على كل أقاليمه الجنوبية.
وتبدد هذه الاعترافات تدريجيا محاولات عبثية من جبهة بوليساريو. ومن الجزائر لانتزاع مواقف غربية داعمة للطرح الانفصالي تحت مسمى “تقرير المصير”. وهو طرح بدا في التفكك على وقع قناعات دولية بأن الواقعية السياسية تفرض الإقرار بوحدة وسيادة المملكة المغربية على كامل ترابها باعتبارها الضامن الوحيد للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وباعتبارها أكبر شريك موثوق في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.
ومن شأن موقف هلسنكي الجديد أن يعزز الزخم الذي يشهده الاتحاد الأوروبي حيال قضية الصحراء المغربية. حيث أن فنلندا تشكل الدولة العضو الـ17 في الاتحاد التي تدعم الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. كما أنه يأتي. في سياق الدينامية الدولية التي تشكلت بفعل الزخم الذي أطلقه الملك محمد السادس على مدى السنوات القليلة الماضية. وهي الدينامية التي أفضت في النهاية إلى إعلان العديد من الدول من مختلف أنحاء العالم عن دعمها لسيادة المغرب على صحرائه. كما واعترافاها بأنه لا محيد عن خطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية أساسا وحيدا وواقعيا لإنهاء النزاع المفتعل.
موقف فنلندا يعبر عن موقف دولة وينبثق عن جميع مكوناتها التنفيذية والتشريعية
ويعتبر موقف فنلندا الجديد مهما ليس في توقيته وسياقاته فحسب بل أيضا كونه يعبر عن موقف دولة وينبثق عن جميع مكوناتها التنفيذية والتشريعية أيضا. فالقرار الرسمي اتخذ بالتشاور مع الرئيس الفنلندي وبعد التشاور على مستوى الحكومة ومع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان أيضا.
وعلى ضوء اعتراف فنلندا بمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب أساسا وحيدا لحل النزاع المفتعل بعد نحو أسبوع من اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، يبدو واضحا أن هذه الخطوة ستجر اعترافات عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف مماثل.
وكان كزافييه درينكور السفير الفرنسي السابق بالجزائر، قد اعتبر في مقابلة مع صحيفة ‘لو بوان دافريك’ أن المغرب يقترب أكثر فأكثر من الحل النهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء.
وقال درينكور إن “قيام فرنسا بهذه الخطوة الدبلوماسية المهمة إلى الأمام سيكون له تأثير مضاعف على الدول الأوروبية الأخرى”، مضيفا أعتقد أن هناك عددا معينا من الدول الأوروبية التي ستقول لنفسها إنه بما أن باريس وهي شريك مهم وتعرف البلدان المغاربية جيدا وهي القوة الاستعمارية السابقة في الجزائر، تتخذ هذه الخطوة، فهذا أمر بالغ الأهمية”.
وأشار إلى أن الجزائر تخشى بالفعل من أن دولا أوروبية أخرى بعد إسبانيا وفرنسا، ستعترف بمغربية الصحراء.
ميدل إيست أون لاين