هل تستحق اللقب ؟؟؟
هل تستحق اللقب ؟؟؟ وأنا أتصفح الانترنت .. لفتني خبر ( تكريم فيفي عبدو بمنحها جائزة الأم المثالية لعام 2013 من نادي الطيران في مصر )
خبر ليس بالمهم .. بل تافه في ظل الأخبار المتسارعة والمصيرية التي تشهدها المنطقة والعالم بأحداث أقرب ما تكون للكارثية في بعض الأحيان .. ولكنه خبر أثار حفيظة الكثير من النشطاء العرب الاعلاميين والفيسبوكيين ، الذين اعتبروه انتقاصاً من مكانة الأم ، وتحقيراً لدورها الانساني المترافق بتربية وتعليم وبناء الأجيال .. لتأتي التعليقات أهم من الحدث باستهزاء واستخفاف واضح .. بعضها ناقد لاذع باعتبار الرقص مهنة غير أخلاقية ، وبعضحها متسامح باعتبار أنها انسانة محترمة ، ومن حقها أن تكون أمّاّ مثالية بغض النظر عن مهنتها التي لا يعتبرها البعض إساءة ..
ابتسمت لهذا الخبر الذي شغل الناس حالياً مع اقتراب موسم عيد الأم ، ليتحول إلى قضية جدلية خاضعة للنقد والتقييم والتبرير والتمحيص .. ضحكت وتساءلت هل فعلاً تستحق الراقصة لقب أم مثالية أم أنهم يبالغون بالاستهزاء ؟؟؟ أوليست إنسانة ولها مهنة وهل الرقص مهنة محترمة أم هي غير محترمة فقط في مجتمعاتنا التي تعتبر هذه المهنة لا أخلاقية ، ومسيئة لجسد المرأة وكرامتها ؟؟ ولكن فعلاً في نفس الوقت للتكريم قواعد وأسس ..
(( الأم مثال الأخلاق ومنبت القيم والمبادئ ، ومنارة الأجيال ))
هذه صورة الأم الحقيقية والمثالية في عقولنا .. فهل هم محقون بانتقادها أم مجحفون بحقها ؟؟!!
هنا استوقفني مصطلح المثالي أو المثالية .. فلقد ارتبط في أذهاننا دوماً بالمرأة الخارقة أو الرجل الكامل حيث الخطأ ممنوع والضعف ممنوع ، والعطاء مطلق والأخلاق كاملة مكملة لا تتجزأ .. فالمثال نحن من نصنعه في أذهاننا ، ونسقطه على من حولنا بحثاً عن قدوة أو سيرة ذاتية حسنة نقتدي بها ونهتدي بخطاها ، ونسير مثلها على درب الحياة التي نطمح .. لنصل إلى ما نريد ..
فكل إنسان بحاجة إلى مثل أعلى يقتدي به في حياته .. لذلك جاء الرسل ونزل الأنبياء ليكونوا لنا قدوة ومثلاً حسناً.. كما بحثنا في شخصيات آبائنا وأمهاتنا ومعلمينا عن المثل المناسب لينيروا لنا خطوط المستقبل .. لذلك وضعناهم في أيقونة مزخرفة
جميلة مقدسة ، ومنعنا عنهم الخطأ وعاملناهم كملائكة وليس كبشر .. ليسقطوا من أعيننا عند أول دمعة خوف أو نبرة ضعف أولهجة اعتذار .. ويسقط المثل .. !! لندرك بعدها مع الوقت والخبرة والتجربة ، أن الإنسان إنسان من حقه أن يخطئ ويخاف ويضعف .. وأنه غير كامل وغير منزه عن الخطأ .. و لكل إنسان حولنا إيجابيات وسلبيات حتى مثلنا الأعلى عنده سلبياته وضعفه ، نتعلم منه شيئاً مفيداً و نغفر له شيئاً سيئاً .. مما يساعدنا على مجابهة الحياة بصدر منفتح لنقبل ضعفنا ، ونسامح
ذلاتنا ونتصالح مع خوفنا ..ونعلم أولادنا أننا بشر نخطئ ونعتذر .. كما نغفر لمن أساء لنا ونسامح.
فالأم المثالية هي من تعرف كيف تربي طفلاً ليتحول إلى رجل ناجح أو امرأة مميزة ..
والأب المثالي هو من يعرف كيف يصنع سمعة تقوم على الصدق والأمانة واحترام الآخر ..
والانسان المثالي هو من يحترم الانسان الآخر ولا يجرحه في كرامته وإنسانيته ..
وبالتالي فإذا كانت فيفي عبدو تستحق لقب الأم المثالية أم لا تستحقه .. تبقى حاجتنا الأهم أن نعرف كيف نحترم الانسان كما هو ونبحث عن النواحي الإيجابية التي يملكها ونحترم إنسانيته ونتعلم منها.
19.03.2014