بين ورثة بليغ حمدي وجاي زي: معركة تنتظر الحسم

بعد أكثر من ثماني سنوات من المعارك القضائيّة، حدَّد قاضٍ في ولاية كاليفورنيا الأميركيّة شهر تشرين الأوّل/ أكتوبر المقبل، موعداً للبتّ في الدعوى المرفوعة من ورثة الموسيقار بليغ حمدي (1932 ـ 1993)، ضدّ مغنّي الراب الأميركي جاي زي (1969). وسائل الإعلام الغربيّة انشغلت بالقضيّة، واستعادت تفاصيل المعركة التي بدأت في العام 2007، على خلفيّة أغنية Big Pimpin (القوّاد الكبير في معناها الحرفيّ، وتقال عن الرجل متعدّد العلاقات)، والتي استعان فيها جاي زي بالمقدّمة الموسيقيّة لأغنية «خسارة» لعبد الحليم حافظ (تأليف مأمون الشناوي، ألحان بليغ حمدي). تعود أغنية «خسارة» إلى العام 1957، وقد غنّاها العندليب الأسمر للمرّة الأولى في فيلم «فتى أحلامي» من إخراج حلمي رفلة.

تجدّد اهتمام الإعلام الغربي بالقضيّة بالرغم من أنّ الحكم النهائي لم يصدر بعد، نظراً لتزامن الملفّ مع صدور حكم الشهر الماضي، مُنح بموجبه ورثة المغنيّ الأميركي مارفن غاي (1939 ـ 1984) تعويضاً مالياً بلغ 7,4 ملايين دولار، ألزم بدفعه المغنيان الأميركيّان فاريل وليامز وروبن ثيكي، لنسخهما أحد ألحان الراحل، في أغنية «بلورد لاينز».

يقول أمين صندوق «جمعية المؤلفين والملحنين في مصر» الشاعر والصحافي المصري فوزي إبراهيم لـ»السفير» إنَّ الجمعيّة تساند ورثة حمدي في مسعاهم القضائي، وقد أصدرت لذلك شهادة رسميّة تؤكّد ملكيّة اللحن للموسيقار المصري، وتمّ توثيقها من وزارة الخارجية المصرية، بهدف تقديمها كوثيقة للجهات القضائيّة الأميركيّة المعنيّة. لكنّ إبراهيم يشير إلى أنّ الأزمة الحقيقيّة بدأت حين تنازل ورثة بليغ حمدي عن حقوق ملكيّة عدد كبير من ألحانه، لرجل الأعمال المصري محسن جابر، صاحب شركة «عالم الفن». ذلك ما يبرّر إصرار فريق الدفاع عن جاي زي على أنّ موكله استحوذ على اللحن بشكل قانوني عبر شركة EMI التي ربما تكون اشترت العمل من «عالم الفنّ». ذلك غير مؤكّد حتى الآن، بحسب إبراهيم، الذي يرى أنّ الأمر يتجاوز مسألة كيفيّة الحصول على اللحن، لأنّ جاي زي لم يقم أصلاً بنسبه إلى مؤلّفه، وذلك ما يتعارض مع كلّ قوانين الملكيّة الفكريّة في العالم.

تراهن «جمعية المؤلّفين والملحنين» على صرامة القوانين الأميركية في ما يتعلّق بالملكيّة الفكريّة، وتتوقّع أن يحصل ورثة حمدي على تعويض مادي كبير، بعد المحاكمة، في الخريف المقبل. ربما يكون ذلك خاتمة لسجال بدأ قبل نحو 15 عاماً، إذ إنّ جاي زي سجّل أغنية Big Pimpin في العام 1999، وأطلقها رسمياً في نيسان/ أبريل من العام 2000. يومها أشار الكاتب المصري طارق عطيّة إلى وجود سرقة محتملة، في تقرير نشرته صحيفة «الاهرام ويكلي»، أثار جدلاً في حينه. يقول عطيّة لـ «السفير» إنّ مقالته كانت محفّزاً على الدعاوى القضائيّة المرفوعة، إذ إنّ وسائل إعلام أميركيّة اهتمّت بالقضيّة، ومنها «واشنطن بوست»، إلى جانب بعض الأكاديميين الباحثين في شؤون الاقتباس الموسيقي، والتبادل الموسيقي بين الشعوب.

وفي العام 2007، بدأ أسامة أحمد فهمي ممثّل ورثة بليغ حمدي، إجراءات مقاضاة جاي زي عن طريق محامٍ أميركي. يقول فهمي لـ «السفير» إنّ «الأزمة تتجاوز مسألة السرقة، إلى تشويه لحن مهم لبليغ حمدي وتركيبه على أغنية أقرب إلى الإباحيّة، من حيث الكلمات وطريقة التصوير، رغم أن قوانين الملكيّة الفكريّة تؤكّد على ضرورة عدم تشويه أي عمل حين يتمّ اقتباسه، فما بالك بأنّ جاي زي سرق اللحن ولم ينسبه أصلاً لبليغ حمدي». ويضيف أنّ «ورثة بليغ حمدي منحوا محسن جابر حقّ استغلال أغلب ألحانه، لكنّ ذلك لا يشمل بيع تلك الألحان إلى شركات موسيقى عالميّة». من جهتها، رفضت شركة «عالم الفن» في اتصال هاتفي مع «السفير» التعليق على الأمر، «مؤكِّدة أنَّها ليست طرفاً في القضية».

تجدر الإشارة إلى أنّ جاي زي كان قد أعلن في تصريحات إعلاميّة تعود للعام 2010 أنّه نادم على كلمات أغنية Big Pimpin، وأنّه حين يتذكّرها، يسأل نفسه «أيّ حيوان يمكن له أن يغنّي كلمات مماثلة»، في إشارة إلى ما تتضمّنه من إهانات وعنف موجّه ضدّ النساء.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى