تأملات على صفيح ساخن : جاذبية فنية، ومحتوى عميق للنقاش

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

استطاع المخرج السوري سيف الدين سبيعي أن يستثمر نصاً جيداً ليخلق أجواء لافحة بتعبيرها . كما استفاد بشكل دقيق من موهبة مجموعة من النجوم الباهرين في أداء الأدوار الرئيسية ليجعل من مسلسله ( على صفيح ساخن) عملاً يقدم جاذبية فنية وفق هارموني مظبوط و مضبوط بدقة ، وهذا سر جاذبيته وإنشداد الجمهور لمتابعته بإعجاب و تأثر.

نجاح ( على صفيح ساخن) واستقطاب المشاهدين بقوة – على الأقل حتى الآن- يفتح المجال للحديث مطولاً عن كل عنصر من عناصر هذا النجاح، و يمكن الكتابة مطولاً عن كل ممثل و كل شخصية وكل محور درامي . ولكن، ما أريد أن أتأمله معكم الآن في هذه العجالة مسائل يطرحها المسلسل وتبدو عادية، مع أنها بالعمق تطرح أسئلة جوهرية ذات دلالات مهمة. فنحن أمام  مزبلة واسعة وممتدة، وتشكل مصنعاً لإنتاج مكاسب يتصارع عليها وفيها رجال أعمال بعضهم خلق ثروات متراكمة و كبيرة جداً. كما رأينا عندما فتح الطاعون خزانته فبدت الأموال مكدسة من الأرض إلى السقف، كما أن بعض رجال أعمال الزبالة صار لهم، نتيجة ثروات متراكمة من الزبالة، سلطة وسطوة على مجتمع الزبالة والآغا مثال . . واللافت للنظر والتأمل حتى الآن تقاطع عالم المزبلة ورجال أعمالها مع البنوك والمصارف عبر علاقة دارين بالطاعون. كذلك هناك تقاطع المزبلة مع كارثة هاربين لاجئين احتال عليهم مهرب بشر وأكل أموالهم. تتقاطع المزبلة وأعمالها، عبرعمل هلال بالفندق، مع عالم توزيع المخدرات، الذي يتقاطع بدوره مع عالم رجال الدين وجمعياتهم الخيرية، وكل ذلك تحضر فيه  الجريمة والقتل كأحد وسائل التفاعل .

لا شك أن المخرج سيف سبيعي، مع نجوم التمثيل، قد قدم بدقة وبجاذبية فنية طاغية، خففت من قوة الأفكار التي تحملها، أو أنها جعلتها محتوى فنياً إبداعياً مؤثراً في ضمير المشاهد بعمق ، بينما هو يستمتع بالجاذبية الفنية والجمالية الإبداعية المقدمة . ومع ذلك، فإن هذه الجاذبية وهذا الجمال الفني يقوي محتواها ويعمقه طارحاً الأسئلة ، مثاراً للتأمل، حول معاني ساحة المزبلة كمصنع إلى جانب مصنع المخدرات إلى جانب البنك، والإحتيال المصرفي إلى جانب رجال الدين، إلى جانب تهريب البشر، إلى جانب القتل والجريمة ، و تشتمل الأسئلة طبعاً على رجال أعمال المزبلة والمخدرات و . . .  هذه التأملات التي ولدها لدينا مسلسل (على صفيح ساخن) حتى الآن – اليوم الحادي عشر من رمضان – ربما يغير في طبيعة أسئلتها ومعانيها تطور أحداث المسلسل اللاحقة . و ربما يكون لدى الدراما مسارات تضيف للمعاني، المطروحة حتى الآن، أبعاداً أخرى تجعلنا قادرين على نقاشها بشكل أشمل . . سنرى!!. .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى