وثائق حرب 1973 تكشِف: قادة إسرائيل درسوا استخدام الأسلحة النوويّة لشطب سوريّة كليًّا عن الخارطة بعدما تبيّن لهم أنّ العرب في طريقهم للانتصار

 

يُؤمِن الكاتب الإسرائيليّ المُخضرم، توم سيغف، أنّه على الرغم من أنّ المؤرخين الإسرائيليين على مختلف انتماءاتهم حاولوا تجميل شخصية وزير الأمن الإسرائيليّ الأسبق، الجنرال في الاحتياط، موشيه دايّان، إلّا أنّهم لم يتمكّنوا من إخفاء شخصيته التي كانت انتحاريّة بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، وقصة حياته مُعقدّة ومُركبّة، مليئة بالتناقضات والألغاز، مع كثيرٍ من اليأس، تمامًا مثل قصة دولة إسرائيل، على حدّ وصف المؤرّخ سيغف.

وجاءت أقوال سيغف تعقيبًا على إصدار المؤرّخ والنائب السابق في الكنيست الإسرائيليّ، مردخاي بارأون، من حركة (ميرتس)، الـ”يساريّة” كتابًا جديدًا يستعرض فيه مسيرة دايّان، (1915-1981)، الذي قال بعد عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، إذا أردت أنْ تبحث عن العدل، فلن تجد إسرائيل، وإذا أردت أنْ تبحث عن إسرائيل فلن تجد العدل، ولم يُخفِ سيغف أنّ المؤلّف يكّن الاحترام والتقدير للشخص الذي يسرد سيرة حياته، خصوصًا وأنّهما يعرفان الواحد الآخر منذ العام 1956.

ويكشف الكتاب عن أنّ أكبر إخفاق في تاريخ دايّان كان في حرب تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 1973، والتي تُسّمى إسرائيليًا بـ”حرب يوم الغفران”، إذْ أنّه كان شريكًا في المسؤولية عن المفاجأة، كما أنّه تحمّل قسطًا كبيرًا من الهزائم التي لحقت بالجيش الإسرائيليّ، وخصوصًا في الأيّام الأولى للحرب. أمّا الإخفاق الأكبر، بحسب الكتاب، فكان رفض دايّان لرسائل الرئيس المصريّ في ذلك الوقت، أنور السادات، والتي كان بإمكانها منع الحرب. ويُضيف المؤرّخ بارأون: في الأيّام الأولى من الحرب أُصيب دايّان بكآبة شديدةٍ وهلعٍ كبيرٍ، وذلك لاعتقاده بأنّ العرب سيقومون بالقضاء على إسرائيل، وتحدّث عن الخراب الثالث للهيكل المزعوم. أمّا سيغف، ومن خلال مراجعته للكتاب، فيُشير إلى أنّه في تلك الأيّام، كان الحديث في إسرائيل عمّا يُسّمى بـ”الخيار النوويّ”، وهذا من أهّم الأحداث في تاريخ إسرائيل، على حدّ قوله.

بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، يقول مؤلّف الكتاب إنّ دايّان اقترح على رئيسة الوزراء آنذاك، غولدا مائير، أنْ تلجأ إلى الخيار النوويّ، وطلب منها أنْ يكون جاهزًا. وفي هذا السياق يقول الكتاب إنّ دايّان في تلك الأيّام كان يُثير الشفقة، وبالتالي فإنّ إمكانية انتخابه فيما بعد لرئاسة وزراء إسرائيل لم تعُد قائمةً. كما يتطرّق الكتاب إلى دور دايّان في التوصّل إلى سلام مع مصر، والذي توِّج في اتفاق “كامب ديفيد” عام 1979، ويقول المؤلّف إنّ دايّان وبيغن جعلا من التوصّل إلى الاتفاق مهمّةً شبه مستحيلة، لأنّهما دققا في كلّ نقطةٍ وفاصلةٍ، الأمر الذي هدّدّ المشروع برّمته، مؤكّدًا على أنّ هذه التصرّف كان بمثابة مقامرة في غير محلّها، على حدّ تعبيره.

وجريًا على العادة الإسرائيليّة، فإنّ الرقابة العسكريّة في كيان الاحتلال، تقوم في الذكرى السنويّة للحرب المذكورة، والتي تحِّل وفق التقويم العبريّ، غدًا الأربعاء، التاسِع من تشرين الأوّل (أكتوبر) 2019، بنشر وثائق عن الحرب كانت حتى اللحظة سريّةً وممنوعةً من النشر، وبحسب ما تمّ نشره اليوم الثلاثاء من وثائق سريّةٍ في جميع وسائل الإعلام العبريّة، يتبيّن أنّ الارتباك والبلبلة وكانت سيدّتا الموقف خلال الأيّام الأولى من الحرب، حيث قال قائد المنطقة الجنوبيّة في الجيش الإسرائيليّ، الجنرال حاييم بارليف إنّ العرب يتقدّمون بسرعةٍ كبيرةٍ، ومن المُمكِن جدًا أنْ يحسموا الحرب لصالحهم ويتغلبوا علينا، على حدّ تعبيره.

وبحسب الوثائق فإنّ وزير الأمن خلال الحرب ديّان خاف أكثر ممّا خاف من أنْ تبقى إسرائيل بدون سلاح وبدون جنودٍ، لذا اقترح على الحكومة القيام بتجنيد الشباب اليهود من جميع أصقاع العالم، وبشكلٍ خاصٍّ من القارّة العجوز ومن الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وحتى من جنوب إفريقيا. وكُشِف النقاب أيضًا عن أنّ القائد العّام لهيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيليّ خلال الحرب، دافيد إلعزار، اقترح خلال جلسةٍ تمّ عقدها مع الجنرالات والقادة السياسيين توجيه ضربةٍ قاضيةٍ لسوريّة تشطبها عن الخريطة تمامًا، قائلاً في الوقت عينه إنّ العلم سيقوم بالشجب والاستنكار ولكن باستطاعتنا تخطّي ذلك، وذلك في إشارةٍ واضحةٍ لاستخدام إسرائيل الأسلحة النوويّة التي بحسب المصادر الأجنبيّة تمتلكها.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى