تحليلات سياسيةسلايد

تبون يعلن صراحة اصطفاف الجزائر مع روسيا في مواجهة الضغوط الغربية

قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون خلال لقائه الخميس نظيره الروسي فلاديمير بوتين إن “ضغوط الدول الأجنبية لن تؤثر على علاقة الصداقة بين الجزائر وروسيا”، مضيفا أن “صون استقلال الجزائر يأتي بمساعدة روسيا في تسليحنا والدفاع عن حريتنا في ظل ظروف إقليمية صعبة جدا”، بينما يثير التقارب الروسي الجزائري انزعاج الغرب من تصاعد نفوذ موسكو في منطقة تُعتبر إستراتيجية بالنسبة إلى أوروبا وللولايات المتحدة.

بدوره وصف بوتين العلاقات بين البلدين بـ”ذات إستراتيجية خاصة”، بينما أكد تبون حرص بلاده على تعزيز التعاون مع موسكو واتفاق الجانبين على أغلب النقاط حتى دون التشاور بينهما، في وقت تحوم فيه الشكوك حول زيارة الرئيس الجزائري المبرمجة إلى باريس، بعد تجدد التوتر بين البلدين.

ووقع الرئيسان الروسي والجزائري “إعلان الشراكة الاستراتيجية المعمقة” بين البلدين واتفاقية للتعاون في مجال استخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، بحسب ما نشر موقع “روسيا اليوم” الحكومي ووكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

وقال بوتين إن “التعاون بين روسيا والجزائر في إطار أوبك+ يسهم في استقرار أسواق الطاقة”، مضيفا “التفاعل البناء بين البلدين مستمر في أماكن أخرى ولا سيما في الأمم المتحدة”، داعيا نظيره الجزائري لحضور القمة الروسية الأفريقية.

وطالب بتسريع انضمام بلاده إلى منظمة “بريكس”، معتبرا أن هذه الخطوة تهدف إلى “الخروج من سيطرة الدولار واليورو”، قائلا إنها “تقدم فائدة كبيرة للاقتصاد الجزائري”.

وأعلنت الجزائر اليوم الخميس قبول روسيا وساطة تبون في نزاعها القائم مع أوكرانيا، وفق بيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، مضيفة أن الرئيس تبون أكد لنظيره الروسي أن هذه الثقة “ستكون في محلها”.

وبدأ الرئيس الجزائري زيارة دولة إلى روسيا بدعوة من بوتين هي الأولى له منذ توليه الحكم نهاية 2019، في محطة يعوّل عليها لتعزيز التقارب بين البلدين.

ويشارك تبون في أعمال المنتدى الاقتصادي الدولي بمدينة سان بطرسبورغ الروسية، الذي يعقد بين 14 و17 يونيو/حزيران الجاري.

وكانت الرئاسة الجزائرية أعلنت نهاية يناير/كانون الثاني الماضي أن تبون اتفق مع نظيره الروسي على زيارة دولة ‏سيجريها إلى موسكو في مايو/أيار 2023، لكنها لم تتم في موعدها ‏لأسباب لم تعلن عنها سلطات البلدين.‏

وتتزامن زيارة تبون إلى موسكو مع شكوك تحيط بأخرى مبرمجة إلى باريس ‏تأجلت إلى النصف الثاني من الشهر الجاري بعد أن ‏كانت مقررة في مايو/أيار الماضي، بينما أشار مصدر من الرئاسة الفرنسية إلى وجود محادثات بين الطرفين لإيجاد تاريخ ملائم لهذه الزيارة، ما يؤشر على أنها لن تتمّ في موعدها.

واصطدمت التحضيرات لزيارة تبون إلى باريس بعقبة جديدة عقب تصويت نواب حزب الرئيس الفرنسي بالبرلمان الأوروبي يوم 11 مايو/أيار الماضي على لائحة تنتقد وضع حقوق الإنسان في البلد العربي، مخلفة غضبا في الجزائر، فيما بدأت وسائل إعلام فرنسية الحديث عن تأجيل آخر لزيارة تبون.

ويرى مراقبون أن الجزائر تتفادى أن تتسبب زيارة تبون إلى موسكو في توتير العلاقات مع الغرب، في وقت تعوّل فيه على إبرام صفقات هامة لتزويد أوروبا بإمدادات الطاقة كبديل للغاز الروسي.وسبق للرئيس الجزائري أن أكد في لقاء مع وسائل إعلام محلية أنه ‏سيزور موسكو وأن لبلاده علاقات جيدة مع جميع الدول، بما فيها الولايات ‏المتحدة والصين.‏

وبشأن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قال تبون إن الجزائر لا تدين العملية ولا تؤيدها وإن موقفها هو “عدم التحيز لأي طرف”.

وقبل أشهر صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لقناة “روسيا اليوم” ‏المحلية بأن “الرئيس تبون يفهم جوهر وتاريخ ومستقبل الشراكة الاستراتيجية ‏الروسية الجزائرية”، مضيفا أن “البلدين لديهما حوار نشط في جميع المجالات ونحن ‏شركاء مع الجزائر”.

وتشير بيانات جزائرية رسمية إلى أن البلاد تعتبر ثاني شريك تجاري لروسيا ‏في القارة الإفريقية بحجم مبادلات قارب 3 مليارات دولار في 2021.‏

وبحسب تقرير معهد استوكهولم للأبحاث حول السلام “SIPRI”، الصادر في مارس/آذار 2023، تعد الجزائر ثالث مستورد عالمي للسلاح الروسي بعد الهند والصين، فيما ‏تعتبر موسكو أول ممول للجيش الجزائري بالأسلحة والأنظمة الحربية بنسبة تفوق ‏‏50 في المئة.‏

كما تحدث لافروف عن قضية انضمام الجزائر إلى مجموعة “بريكس”، مبينا أن هناك عدة دول تقدمت بالطلب نفسه، ملمحا إلى وجود ضغوط أميريكية على الجانب الجزائري بسبب ‏علاقاته مع روسيا.‏

وقال “سمعت أن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي قد وجهوا رسالة خاصة إلى ‏وزير الخارجية أنتوني بلينكن يعربون فيها عن انزعاجهم بشأن عدم ‏انضمام الجزائر إلى العقوبات ضد روسيا”.‏

وأضاف “الجزائريون ليسوا ذلك الشعب الذي يمكن أن يملي عليه أحد ما يفعله بهذا ‏الشكل ولا يمكن الانتظار من الجزائريين أن يمتثلوا وينفذوا بإشارة يد من وراء ‏المحيط توجيهات تتناقض بشكل مباشر مع مصالحهم الوطنية”.‏

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى