خاص
عرض فريق رؤية السينمائي في دار الفنون بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما فيلما سينمائيا قصيرا اقتبس عن قصة الدكتور محمد عامر المارديني (مرآة الشعور) المنشورة في مجموعته القصصية (أسلاك شائقة) ، وقمت أنا بكتابة السيناريو عن القصة المذكورة، وقام المخرج هشام فرعون بإتمام العملية .
وبعد العرض جرى نقاش شبه نقدي عن الفيلم تناول مضمونه الساخر، وأداء طاقم العمل فيه، وأثنى البعض على هذه الخطوة، إلا أن أحدا لم يتوقف عند هذه التجربة كنقلة في أعمال المشاركين الهواة، فإذا كان الفنان جمال العلي قد أبدع في أداء دوره (الهدهد)، فإن كثيرين من المشاركين معه (الهواة) أبدعوا أيضا في أدوارهم وفي وقوفهم أمام فنان محترف..
وليس من المهم الآن تعداد الأسماء أو إطراء هذه الزاوية أو تلك من العمل الذي شاهدناه، أعتقد أن المهم هو مناقشة تجربة الهواة في فريق رؤية، الذين بادروا إلى إنجاز فيلم سينمائي بأدوات بسيطة وتكاليف لاتكاد تذكر في عرف الإنتاج السينمائي.
وفي هذا الإطار، من المفيد الحديث عن أن إنتاج عمل سينمائي بلغت مدته 12 دقيقة، في أكثر من لوكيشن يحتاج إلى الكثير، ومما يحتاجه : ملابس وإكسسوارات محددة تناسب طبيعة الشخصيات ناهيك عن المكياج المتعلق بشخصية (أبو زعبوط) التي أداها الفنان فريد واكيم بثلاثة أدوار يتطلبها النص .
في لغة الإنتاج السينمائي والدرامي يتصدر رأس المال عملية الإنتاج، فهو المحور الأول لانطلاق العملية بدءا من الفكرة وصولا إلى العرض، أي أن الرأسمال هو الطاقة اللازمة للتشغيل، وعندما يجري الحديث عن تجربة الهواة، تغيب هذه الطاقة، إلا من قبل إرادة المشاركين فيها، وهنا على النقد أن يعي المسألة.
في تجربة الأفلام القصيرة التي تنتجها المهرجانات المعروفة، يحتاج الفيلم السينمائي القصير إلى رأسمال وافر وضروري، وتحدد حجم هذا الرأسمال الفكرة والسيناريو ولغة الإخراج التي يعتمد عليها المخرج، وفي هذه العملية كل شيء له حساب :
النص ، المخرج ، مساعد المخرج، اللوكيشن، معدات التصوير، معدات الصوت، معدات الإضاءة ، عملية المونتاج، تنفيذ الإنتاج ، الإطعام ، النقل، ثم يأتي دور أجور الفنانين في الفيلم، وهي عملية يطول الحديث عنها في هذا المجال.
في فيلم (أبو زعبوط) ، 95% من التكاليف كانت تطوعية، أي أن جميع من شاركوا في هذا الفيلم اشتغلوا على إنجاحه، على الأقل بعملهم التطوعي، ولذلك كان لابد من انكشاف بعض النقص لضعف الإمكانات .
عندما تم عرض فيلم أبو زعبوط في سينما الكندي برعاية كريمة ومشكورة من المؤسسة العامة للسينما، جرى نقاش نقدي، وهذا النقاش الهام والمفيد، أثبت أن النقد جاد في عمله، وأن الجهة المنتجة (الهواة) جادون في الإنصات إلى مختلف الآراء بغض النظر عن موقفها المؤيد أو المتردد في تأييده، وفي المجمل نحن أمام خطوة ناجحة في إنتاج فيلم قصير قام على التطوع ، وهنا لابد من الشكر لكل المشجعين بدءا من كاتب القصة الدكتور محمد عامر المارديني ووصولا إلى المدير العام للمؤسسة العامة للسينما مهند إبراهيم إضافة إلى مدير دار الفنون جورج بشارة .
والنتيجة أن جميع من ساهم في هذا الفيلم خاضوا التحدي ، ونجحوا فيه .
بوابة الشرق الأوسط الجديدة