تجربة مصر «فشلت» لاعتمادها على عائدات ريعية

 

القاهرة – رويترز

في مقارنته بين تجربتي مصر وتركيا في مجال الاقتصاد في السنوات الثلاثين الأخيرة، يسجل الباحث المصري عمرو إسماعيل العادلي تشابه البدايتين. لكن تركيا نجحت بفضل اقتصاد يعتمد على قاعدة تصنيعية، وفشلت مصر لاعتمادها على «مصادر ريعية». وكانت الأوضاع الاقتصادية في مصر، من العوامل التي فجرت الاحتجاجات الشعبية التي نجحت في إنهاء حكم الرئيس السابق حسني مبارك قبل حوالى سنتين.
واعتبر العادلي، أن النظام الاقتصادي في عصر مبارك «افتقد البنية المؤسسية الضرورية لصيانة نظام رأسمالي منتج، وكان النمو نتيجة مصادر ريعية مثل ارتفاع أسعار الغاز، كما تداخلت السلطة مع الثروة في ظل الاستبداد السياسي وغياب أي مساءلة أو شفافية».
ورأى في كتابه (الأصول السياسية للتنمية… الاقتصاد السياسي للإصلاح المؤسسي في مصر وتركيا 1980 – 2011)، أن تركيا «ابتكرت أطراً لتنظيم التفاعل بين الدولة والقطاع الخاص، ونجحت في زيادة الصادرات على نحو مثير للإعجاب من 8 بلايين دولار عام 1980 إلى أكثر من 107 بلايين عام 2008».
وفي حين توافقت مصالح النخبة الحاكمة في تركيا مع إصلاح المؤسسات لإعادة هيكلة الصادرات، لفت إلى أن النخبة الحاكمة في مصر «ظلت محافظة على الأوضاع في جهاز الدولة، وتجنبت تحمل التكاليف الاقتصادية والسياسية والإدارية لإصلاح مؤسسات الدولة».
وربط المؤلف نجاح التجربة التركية بوضعها برنامجاً للإصلاح الاقتصادي، في «أجندة معلنة للتحوّل الاقتصادي المتزامن مع التحرير الاقتصادي، وتجنّب أخطار تقويض البنية الصناعية الوطنية»، ما وفّر حماية للقطاعات الصناعية مع استمرار التحرير التدريجي للاقتصاد منذ بداية الثمانينات.
وفي المقابل، يرصد العادلي الحال المصرية التي تبنّت سياسات التخصيص المتسارعة للقطاع العام، وخفّضت الإنفاق على الخدمات كالتعليم والصحة والإسكان، والوصول إلى «أقصى درجات رأسمالية المحاسيب» بالانحياز إلى مجموعة مختارة من رجال الأعمال المقربين سياسياً وعائلياً وشخصياً من رموز نظام مبارك وعائلته وأشار إلى التبعات الاجتماعية لما يعتبره «فشلاً للسياسيات الاقتصادية» في بلاده، أدت إلى «زيادة وتيرة الاحتجاجات بين الأعوام 2004 و2010، بأشكال «لا سابق لها في ظل نظام سلطوي، دأب على محاصرة كل أشكال التنظيم الجماعي وتصفيتها» خصوصاً الاحتجاجات العمالية.
وأوضح أن في ظل تصاعد حركات الاحتجاج المصرية في السنوات الأخيرة، «كان الجميع يعلم أن ما سيحسم مستقبل النظام هو استمرار قدرته على القمع»، وأن الظروف أصبحت في نهاية عام 2010 مهيأة «لسقوط نظام مبارك»، وأن نجاح الاحتجاجات التونسية في إنهاء حكم الرئيس زين العابدين بن علي شجع على «تكرار النموذج» الاحتجاجي بالدعوة إلى التظاهر يوم 25 كانون الثاني (يناير) عام 2011.
ولاحظ أن سرعة الاستجابة إلى التظاهر في كل البلاد خصوصاً مدن قناة السويس، كان حاسماً في إنهاء حكم مبارك حيث كان يوم «جمعة الغضب 28 يناير فاصلاً في تاريخ الحركة الاحتجاجية التي تطورت إلى ثورة شعبية أطاحت نظام مبارك في 18 يوماً».

صحيفة الحياة اللندنية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى