ترامب نحو تسعير عداوته لطهران
يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب مصمّماً على استخراج الذرائع التي تسمح لبلاده بالخروج من الاتفاق النووي، ففي الوقت الذي أفادت فيه صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه أعلم مساعديه بضرورة البحث عن حجّة تسمح بالتصريح عن أن إيران تنتهك شروط الاتفاق، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن واشنطن فرضت عقوبات تستهدف البرنامج الإيراني للصواريخ البالستية، غداة قيام طهران بتجربة لإطلاق صاروخ يحمل أقماراً اصطناعية لوضعها في مدار الأرض.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخزانة، أن العقوبات تستهدف منظمات وكيانات إيرانية مرتبطة بالبرنامج البالستي للجمهورية الإسلامية، فيما ندّدت الوزارة بـ«الأعمال الاستفزازية» لطهران و«التهديد» الذي تمثله إيران للشرق الأوسط.
في هذه الأثناء، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن ترامب «المحبط من مساعديه في مجال الأمن القومي، لم يستسلم أمام البحث عن خيارات تسمح للولايات المتحدة بالخروج من الاتفاق النووي». ووفق الصحيفة، أخبر المسؤولون الأميركيون «حلفاءهم بضرورة التحضّر للانضمام إلى مفاوضات جديدة مع إيران، أو أن يتوقّعوا خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، كما فعلت في اتفاق باريس للمناخ». وبحسب عدد من المسؤولين الأجانب، «بدأت واشنطن البحث مع المفتشين في فيينا في إمكان المطالبة بالدخول إلى المنشآت العسكرية الإيرانية، حيث توجد شكوك منطقية بالقيام بأبحاث نووية أو تطوير نووي». وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى أن «الأميركيين يعوّلون على رفض إيران المحتمل جداً لذلك، كي يتمكنوا من إعلان أن طهران تنتهك الاتفاق».
وقد جاءت تعليمات ترامب بعد سلسلة من المواقف الحادّة المتبادلة بينه وبين وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الأسبوع الماضي، والتي أعقبت رفض ترامب الإعلان للمرة الثانية أن إيران تلتزم، ثمّ وافق بعد تردّد، على التصريح بالأمر». ووفق مسؤولين اثنين، فقد كان ترامب يتوقّع أن تُقدّم له خيارات بشأن كيفية الخروج من الاتفاق النووي، وقد أشار أحدهما إلى أنه «عانى من شبه انهيار عندما لم يكن ذلك من ضمن الخيارات». ترامب أوضح أنه لا يريد أن يسمح بحصول ذلك مرة ثانية. «نقوم بإجراء دراسات تفصيلية»، قال لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأسبوع الماضي، مضيفاً أنه «خلال الأيام التسعين المقبلة من مراجعة الاتفاق، أعتقد بأنها (إيران) لن تكون ملتزمة».
من جهتهم، أكد مساعدو ترامب أنهم غير واثقين من النتيجة، ووصفوا الدراسات التي أشار إليها بأنها «جهود مبذولة من أجل تقييم تكاليف وفوائد البقاء داخل الاتفاق في مقابل الخروج منه». وعلى الرغم من الانقسام بشأن نتيجة الخروج من الاتفاق النووي، إلا أنه يبدو أن ترامب اتخذ قراره، على ما ذكرته «نيويورك تايمز»، التي أشارت أيضاً إلى أنه «حتى المنتقدون الدائمون للاتفاق في الكونغرس لديهم شكوكهم بشأن الحكمة من الخروج منه». وفي هذا المجال، لفتت إلى مقابلة أجراها ديفيد إغناتيوس في صحيفة «واشنطن بوست» مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر، حيث أكد هذا الأخير أن «الوقت ليس مناسباً للخروج من أمر يسير على ما يرام». «ما أقوله للرئيس، وهذا ما يقوله (وزير الخارجية ريكس) تيلرسون، و(وزير الدفاع جايمس) ماتيس، و(مستشار الأمن القومي اتش آر) ماكماستر، هو أنه يمكنك أن تمزّق الاتفاق مرة واحدة»، صرّح كوركر، مضيفاً أن «الوقت الحالي ليس كما لو أن هناك سلاحاً نووياً يجري تطويره».
في مقابل ذلك، وفيما من المنتظر أن تدلي طهران بموقف رداً على العقوبات الأخيرة المتعلّقة بالبرنامج البالستي، أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إلى التصريحات الأميركية المتعلّقة بالاتفاق النووي، منوّهاً إلى أن بلاده التزمت بمضمون ونص الاتفاق النووي على عكس أميركا. وفي تغريدة على موقع «تويتر»، قال إنه «جرى التفاوض بشكل دقيق حول أي كلمة في الاتفاق النووي»، مؤكداً أن إيران لا تنتج صواريخ تم تصميمها لتكون قادرة على حمل أسلحة نووية».
من جهته، أكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشوري علاء الدين بروجردي، أنه يجب أن «نلقّن الرئيس الأميركي دونالد ترامب درساً في الأدب السياسي، ليدرك أنه بعد التوقيع على الاتفاق الدولي مع الإدارة الأميركية السابقة، وتأييد الاتفاق في مجلس الأمن الدولي، لا يحق لأميركا أن تقوم بانتهاكه». ولفت إلى أن «هناك دولاً قليلة في العالم قادرة على صنع وإطلاق الأقمار الاصطناعية، وكانت مبادرة إيران في هذا المجال إجراء استراتيجياً».
كما أن «إيران ليست الوحيدة التي تحتج على السلوك الأميركي المتمثل في انتهاك خطة العمل المشترك الشاملة (الاتفاق النووي)، بل إن الدول الخمس الأخرى المعنية بالاتفاق تحتج على أميركا، ومن هذا المنطلق لا يبدو أنها ستحقق شيئاً وستتلقى رداً حازماً من النواب الإيرانيين».