ترامب وشركاؤه يعمِّقون الانقسام!

كشف دونالد ترامب وزملاؤه في «الحزب الجمهوري» عمق الانقسام في المواقف تجاه دور المواطنين المسلمين في المجتمع الأميركي. وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجراها مركز «زغبي» أن الانقسام يزيد عن مجرد اختلاف في التصريحات، إذ إنه ديموغرافي أكثر من كونه حزبياً. ولم يعد يتعلق كثيراً بالنظريات الفلسفية السياسية المتنافسة، بل بات يرتبط أكثر بالمجموعات التي تشكل حالياً التيار السائد في كل حزب.

يمكن القول، بصراحة، إن الخوف من المسلمين لا يتعلق فقط بأثر ما يقوله هذا المرشح أو ذاك، لأن الآراء التي يعرب عنها المرشحون هي انعكاس لما يعتقده أفراد قاعدة الناخبين البارزون في كل حزب. ويُعرَّف الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة بالمجموعات الديموغرافية المختلفة من الأميركيين الذين يشكلون أنصار هذين الحزب.

وعندما يُصر المرشحون «الجمهوريون»، مثلاً، على أن المسلمين يجب عدم الوثوق بهم، وأنه يتعين حظر دخول المهاجرين المسلمين، أو أنه يتوجب تمييز المسلمين، أو عندما يتعهد مرشحون بعرقلة التزام الرئيس أوباما باستقبال لاجئين سوريين في الولايات المتحدة، أو يزعمون أن أوباما مسلم سراً، فإنهم يكررون آراء الغالبية الكبرى من الناخبين «الجمهوريين» الأساسيين. ويؤكد استطلاع الرأي الذي أجريناه ذلك، وهي الحقيقة التي يتوجب فهمها ومعالجتها.

وقد استطلع مركز «زغبي» آراء ما يزيد قليلاً على ألف شخص من الناخبين المحتملين بعد أيام معدودات من تصريحات ترامب، التي طالب فيها بحظر دخول المهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة. وتوصّل المركز إلى أن ترامب لا يزال متقدماً بشكل كبير على بقية المنافسين في «الحزب الجمهوري»، بتأييد 38 في المئة من الناخبين «الجمهوريين» المحتملين، فيما تتقدم هيلاري كلينتون على منافسيها «الديموقراطيين» وبنسبة 56 في المئة.

وقد سألنا المستطلَعين عن مواقفهم تجاه الأميركيين العرب والمسلمين الأميركيين، وكانت النتائج مزعجة، إذ عكست آراء كل من «الديموقراطيين» و «الجمهوريين» تبايناً واضحاً. فمثلا، بينما كان 51 في المئة من «الديموقراطيين» إيجابيين حيال الأميركيين العرب مقارنة بـ23 في المئة سلبيين تجاههم، وكان 44 في المئة مؤيدين للمسلمين الأميركيين مقابل 28 في المئة من غير المؤيدين، كانت مواقف «الجمهوريين» مختلفة، إذ إن 34 في المئة فقط منهم يؤيدون الأميركيين العرب، مقابل 44 في المئة ممن ينظرون إليهم بسلبية، بينما كانت نسبة التصويت 26 في المئة لمصلحة المسلمين الأميركيين، مقابل 53 في المئة ضدهم.

وأظهر الاستطلاع أيضاً آراء مختلفة بصورة مماثلة بشأن ما إذا كان الناخبون يشعرون بأن الأميركيين العرب أو المسلمين الأميركيين يمكن أن يكونوا مخلصين لدى الاضطلاع بمسؤولياتهم في الوظائف الحكومية؛ فقد اعتبرت غالبية «الديموقراطيين» أنه يمكنهم ذلك، بينما رأت أكثرية «الجمهوريين» أن الأميركيين العرب أو المسلمين سيتأثرون على نحو غير ملائم بعرقيتهم أو عقيدتهم الدينية.

وبدا ذلك الانقسام واضحاً في الرد على أسئلة بخصوص ما إذا كان ينبغي تمييز المسلمين الأميركيين أو الأميركيين العرب، أو ما إذا كان ينبغي قبول اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة، إذ أكد ستة من كل عشرة ناخبين «جمهوريين» أن الأميركيين العرب والمسلمين الأميركيين ينبغي تمييزهم، ورفضت النسبة ذاتها إعلان أوباما رغبته بقبول عشرة آلاف لاجئ سوري سنوياً.

ويخفي هذا الانقسام الحزبي انقساماً ديموغرافياً أعمق، حيث يشكل كبار السن، والبيض، والناخبون الأقل تعليماً، خصوصاً الذين يعرفون أنفسهم على أنهم «مسيحيون ولدوا من جديد»، النسبة الكبرى من «الجمهوريين»، بينما يشكل الأميركيون الأفارقة واللاتينيون والشباب والناخبون المثقفون غالبية الجانب «الديموقراطي».

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى