تركيا تخرج من سوريا لكي تبقى.

طرح موقع “برافدا.رو” أسئلته على أحد الخبراء الروس عن خلفيات قرار أنقرة المفاجئ إنهاء عملية “درع الفرات”، وعن العوائق التي حالت دون تقدم القوات التركية إلى الضفة الغربية للفرات.
وجاء في المقابلة: أعلنت تركيا رسميا عن انتهاء عملية “درع الفرات” العسكرية. وأكد مجلس الأمن التركي أن الهدف من التدخل في سوريا قد تم إنجازه: فالقوات التركية حررت مدينتي جرابلس والباب من الإرهابيين.
ويذكر أن عملية “درع الفرات” بدأت في آب من العام الماضي، وكان قد أُعلن أن هدفها الأساس هو تحرير المناطق الشمالية في سوريا من إرهابيي “داعش”.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن عن نيته إقامة “منطقة آمنة تماما على هذه الأراضي، بهدف إيواء اللاجئين”. لكن تركيا سحبت قواتها من سوريا.

من جانبه، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أنه “بنتيجة إجراء العملية الخاصة تم تحرير أكثر من 2000 كيلومتر مربع في شمال سوريا”، وأن “السكان المحليين بدأوا بالعودة إلى النقاط السكنية المحررة”، وأن “الإشراف عليها قد عهد به إلى “الجيش السوري الحر”. وأضاف يلدريم أن “الحياة تعود إلى طبيعتها. والعملية انتهت، ولكن، إذا برز أي تهديد لتركيا مستقبلا، فنحن نستطيع استئناف العمليات العسكرية”.
فلِمَ غيرت القيادة التركية خططها، وتخلت عن وجودها في البلد المجاور؟

عن ذلك وغيره، أجرى موقع “برافدا.رو” مقابلة خاصة مع الخبير العسكري، رئيس قسم دراسات نزاعات الشرق الأوسط وقوات المنطقة المسلحة في معهد التنمية الابتكارية أنطون مارداسوف:
– أعلن مجلس الأمن التركي رسميا عن إنهاء عملية “درع الفرات”. هل حقيقة تم إنجاز الأهداف المعلنة سابقا كافة؟ ولماذا تم إنهاء العملية؟ وما هي الأسباب الحقيقية، التي تكمن وراء هذا القرار؟ وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على الوضع في سوريا؟

عملية “درع الفرات” التركية جرت بعلم كل من موسكو، طهران ودمشق. وكانت العملية ترمي إلى تحقيق هدفين اثنين:
الأول، منع الالتحام بين الكانتونات الكردية، وما سينجم عنه من تعزيز للموقف الأمريكي وسيناريو تقسيم سوريا، واللعب على وتيرة الفدرالية الكردية.
ثانيا،كان من الممكن إعادة توجيه البوصلة التركية للحرب ضد تنظيم “داعش”. وتطهير شمال محافظة حلب من تنظيم “داعش”، وإنشاء منطقة عازلة تحدثت عنها تركيا على مدى عامين، لإسكان الناس من الطائفة السنية هناك.

وكما نحن نفهم، فإن التنسيق مع تركيا كان يجري في المقام الأول عبر هيئات الأركان العسكرية لكلا البلدين. والعملية العسكرية كانت متواصلة حتى اللحظة الأخيرة. ولكنْ، حقيقةً يبرز سؤال يرتبط بإنهائها. ففي واقع الأمر، إن الوضع، الذي نشأ حول مدينة منبج، منع القوات التركية من توسيع المنطقة العازلة. فبعد إحكام السيطرة على مدينة الباب توحدت القوى العسكرية الموالية للدولة السورية مع قوى التحالف الكردي–العربي (قوات سوريا الديمقراطية) في مواقع جنوب المدينة. وهكذا أمكن منع القوات التركية من التقدم إلى الضفة الغربية لنهر الفرات باتجاه الرقة.
وأردوغان لم يوف بوعده في شهر شباط الماضي، حول اقتحام مدينة منبج. لكن القوات الأمريكية بعيدة النظر، دخلت كقوة حفظ السلام إلى المدينة، وأيضا، انتشرت قوات ما يسمى بحرس الحدود السورية، بمساعدة القوات العسكرية الروسية في الجنوب الغربي. وهكذا تم حرمان القوات التركية من إمكانية التوسع.

– بمعنى آخر، لم يبق أمام تركيا خيار آخر؟
نعم! وعلاوة على ذلك، وضعت روسيا نقطة النهاية في عملية توسيع المنطقة العازلة. وذلك عبر إنشائها مركز مصالحة للأطراف المتنازعة. والوضع مفهوم هنا، الوجود الرمزي لعدد كبير من الجنود الروس، لا يمنح تركيا إمكانية لتنفيذ عملية واسعة النطاق ضد الكرد.

– كيف تقيمون نجاحات تنفيذ عملية “درع الفرات”؟
مبدئيا تم تنفيذ العملية. وإذا قيمنا العملية اعتمادا على التقارير المعلنة، فلقد حققت بمقدار النصف فقط. ومن بين المنطقة العازلة بمساحة خمسة آلاف كيلومتر مربع تبلغ مساحتها الآن 2300 كم مربع فقط. وكل ذلك حدث قبيل الاستفتاء لتغيير الدستور في البلاد، ما سيكون له تأثيره السلبي نسبيا.
كذلك، تبرز هنا مخاطر محددة بسبب وجود المعارضة السورية في “درع الفرات”، (بين 5000 و8000 مسلح سوري) وهذا بنفسه يبقى عاملا مؤججا للصراعات المختلفة، بسبب أن تركيا ليست بحاجة في نهاية المطاف إلى الاحتفاظ بالمعارضة السورية ورعايتها.

– ولكن الإعلان عن انتهاء العملية جاء مفاجئا…
نعم، وبسبب الضبابية، التي واكبت الإعلان عن انتهاء العملية التركية، انتشرت شائعات حول خلافات تركيا مع روسيا. وبالفعل، لقد ثبت أن 500 شخص على الأقل تم نقلهم من الأراضي التركية إلى مدينة ادلب، والآن يشاركون في العمليات العسكرية ضد القوات الحكومية.

– هل يمكن التعاون لاحقا بين روسيا وتركيا عسكريا في سوريا، أم أن هذا هو الحد النهائي، وتوقف كل شيء الآن؟
توجد أرضية للتعاون بين روسيا وتركيا، وبحسب رأيي إنها تشكل أهمية أكثر من غيرها. وليس سرا أن وزارة الدفاع (الروسية) ضمت بعض المجموعات المسلحة إلى قائمة المعتدلين.

وشاركت هذه المجموعات في محادثات أستانا. ولدى الاتفاق على وقف إطلاق النار ودخوله حيز التطبيق، قاتلت هذه المجموعات “المعتدلة” “جبهة النصرة” المتطرفة. وتستطيع تركيا لاحقا التأثير في هذا المجال أكثر ضد “جبهة النصرة، وحتى إدخال هذه المجموعات الموالية لها إلى إدلب لمواجهة المجموعات المتطرفة هناك. ونحن هنا مع تركيا يمكن أن نكون مفيدين جدا بعضنا لبعض.

صحيفة الديار الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى