تقدير رئيس الاستخبارات العسكرية إلى نتنياهو:تغيّر إيراني على الصعيد الداخلي لا النووي (حلمي موسى)

 

حلمي موسى

أقرّ رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال أفيف كوخافي في تقدير استخباري أن إيران تمرّ منذ فوز حسن روحاني في انتخابات الرئاسة بعملية تغيير سياسي استراتيجي. وقد سلّم كوخافي هذا التقدير لرئيس حكومته بنيامين نتنياهو، قبيل إلقاء الأخير لخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الأول من تشرين الأول الحالي، ولكنه لم يغيّر من لهجته المتشدّدة. وقد كشفت النقاب عن ذلك أمس صحيفة «هآرتس»، التي أوضحت أن التقدير كان موقفاً شخصياً من كوخافي، وليس من وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات.
ويتسم هذا التقدير بأهمية كبيرة في ضوء الخلاف العلني بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والحكومة الإسرائيلية حول الشأن الإيراني. وقد بلغ الخلاف أشدّه مؤخراً بخروجه، تلميحاً إلى العلن، بتصريح وزير الخارجية الأميركية جون كيري حول أن الإدارة الأميركية «لن تخضع لتكتيكات التخويف»، التي اعتبرها المعلّقون تكتيكات نتنياهو بتهديداته توجيه ضربة عسكرية لإيران.
ولا يقلل تقدير كوخافي هذا من أهميته واقع أنه موجّه باسم رئيس الجهاز المسؤول رسمياً عن تقدير الموقف الاستراتيجي لإسرائيل، وليس من وحدة الأبحاث في الجهاز نفسه. وبحسب «هآرتس»، فقد أصبحت هذه عادة في المؤسسة الأمنية مؤخراً، وأن كوخافي نفسه سلم نتنياهو في العام الأخير تقديرات كهذه أكثر من مرة في قضايا أخرى. وعادة يرسل التقدير نفسه أيضاً لوزير الدفاع موشي يعلون.
ونقلت «هآرتس» عن جهات حكومية عليا مطلعة على تفاصيل التقدير نفسه قولها أن الوثيقة تتناول الوضع في إيران منذ الانتخابات الأخيرة من جوانب عدة، وهي الوضع السياسي الداخلي والمزاج العام، وسياسة النظام إزاء المشروع النووي والضلوع الإيراني في «الإرهاب»، والحرب الأهلية في سوريا. وفي تقديره يشير كوخافي إلى أنه لم يطرأ حتى اللحظة تغيير فعلي في سياسة و«رؤية إيران النووية». وكتب أن «إيران لا تزال تسعى لبلوغ مكانة دولة الحافة النووية»، التي تستطيع من بعدها تحقيق اختراق خلال زمن قصير نسبياً إذا اتخذ القرار السياسي بإنتاج قنبلة نووية.
وفي المقابل، أشار كوخافي إلى التغييرات التي تحدث في الحلبة الداخلية الإيرانية في الأشهر الأخيرة، التي مرّت منذ الانتخابات التي لم تشهد إيران مثيلاً لها منذ سنوات طويلة. وقد شدّد كوخافي على أن فوز روحاني أفضى إلى سيرورة عميقة للتغيير في إيران لا يمكن تجاهله. ووصف التغييرات بأنها «جوهرية» بل «استراتيجية».
ووجّه كوخافي في تقريره اهتماماً نحو صعود قوة المعسكر المعتدل في إيران وحقيقة أن 51 في المئة من الجمهور الإيراني صوّتوا لحسن روحاني، الذي لم يكن المرشح المفضل لدى المرشد الأعلى علي خامنئي. ورسخ كوخافي تقديره أيضاً على إعلان النيات من جانب روحاني وحكومته بشأن إدخال إصلاحات داخلية في إيران، وتعزيز انفتاح الدولة على الغرب وإزالة العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها.
وأوضحت «هآرتس» أن كوخافي سلّم نتنياهو التقرير قبل أيام من خروج الأخير إلى أميركا في نهاية شهر أيلول الماضي، حيث التقى مع أوباما وألقى خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي خطابه، فضلاً عن سلسلة خطابات ومقابلات أعطاها في تلك الأيام، لم يُشر نتنياهو تقريباً بأي صورة إلى حدوث تغييرات داخلية في إيران، وعندما أشار إليها كان يُقلل من أهميتها.
بل أكد نتنياهو في خطابه أمام الأمم المتحدة أن لا فارق جوهرياً بين المرشد الأعلى خامنئي أو الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبين الرئيس المنتخب حسن روحاني، بل وصف الأخير بأنه «ذئب في جلد حمل». وقال نتنياهو حينها أن «رؤساء إيران يأتون ويذهبون، قسم منهم يُعتبر معتدلاً وآخر متطرفاً. ولكن على الدوام كانت إيران بيد ديكتاتور يدعى المرشد الأعلى». وفي البداية كان آية الله الخميني واليوم آية الله خامنئي. الرئيس روحاني، مثل الرؤساء السابقين له، خادم مخلص للنظام.
وفي مقابلة منحها نتنياهو بعد ذلك بيوم واحد لشبكة «بي بي سي» باللغة الفارسية، توجّه إلى الشعب الإيراني مشيراً إلى أنهم «يستحقون زعامة أفضل». وأضاف أن انتخاب الرئيس روحاني تمثل «رغبة في التغيير» في إيران، إلا أن الأخير لا يملك تفويضاً بشأن كل ما يتعلق بالقرارات المهمة التي يتخذها خامنئي.
وبعد أسبوعين من ذلك أقرّ نتنياهو في خطاب أمام الكنيست بوقع تغييرات في إيران. وعزا تلك التغييرات إلى الضغوط الدولية، مضيفاً أن تقليص الضغط «لن يعزز الميول المعتدلة وإنما سيعزّز الرؤية المتصلبة لحاكم إيران الحقيقي آية الله خامنئي، وستعتبر انتصاراً جوهرياً له».

صحيفة السفير اللبنانية

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى