تل أبيب: تهديد الكميّة المُرعِبَة من القذائف والصواريخ التي يملكها “حزب الله” يُشكِّل المشكلة الأمنيّة الأخطر لإسرائيل

 

رأى المُحلِّل الأمنيّ الإسرائيليّ المُخضرم، عاموس غلبواع، أنّ “حزب الله” لا يتسلّح فحسب، بل يهيئ مجتمعًا مخلصًا لساعة الحسم، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الهدف الأعلى لدى “حزب الله” هو تحويل الطائفة الشيعيّة في لبنان إلى مجتمع مقاومةٍ، أيْ: مجتمع يُسانِد المعركة ضدّ إسرائيل، على حدّ تعبيره.

وساق المُحلِّل في مقال بصحيفة (معاريف) العبريّة أنّه بعد الاطلاع على التطورّات الحزبيّة عشية الانتخابات العامّة بالكيان، قرّرّ أنْ تتركّز هذه المقالة على أحد أعداء إسرائيل ـ تنظيم “حزب الله”، الذي عاد إلى احتلال العناوين هذا الأسبوع، مُوضحًا أنّ الأمين العام للحزب، سيّد المقاومة، حسن نصر الله، توعّد باستهداف 1.000 هدف في الخاصرة الرخوة لدولة إسرائيل.

وردّ عليه قادتنا، كعادتهم، بحسب المُحلِّل غلبواع، بأنّ نهايته ستكون تحت الأنقاض، وجزم المُحلّل أنّ تهديد الكمية المُرعِبة من القذائف والصواريخ التي يملكها “حزب الله” يشكل، في رأيي، المشكلة الأمنية الأخطر بالنسبة إلى إسرائيل، لكن ليس هذا ما أريد معالجته هنا، بل البنية التحتية المدنية لهذا التنظيم الشيعي، بالذات.

وتابع قائلاً: يعكف مركز المعلومات في مجال الاستخبارات والإرهاب، التابع لمركز التراث الاستخباراتي، هذه الأيام، على مشروع فريد يقوم بدراسة البنية التحتية المدنية لدى “حزب الله” وترسيم خريطتها: ما الذي يمكن الاستفادة منه، حتى الآن؟ يتضح، إذن، أنّ “حزب الله” قد أنشأ منظومة إدارية متشعبة، أشبه بمنظومة حكومية، تهتم بالسكان المدنيين الشيعة في لبنان وتعالج قضاياهم، مُضيفًا أنّه من الصعب معرفة عدد الشيعة الدقيق في لبنان، لكن الحديث يجري، في كل الأحوال، عن الطائفة الأكبر في لبنان، والتي تشكل نحو ثلث عدد سكان الدولة.

وهؤلاء، أيْ الشيعة، أضاف غلبواع، موزعون، بصورةٍ أساسيّةٍ ومركزةٍ، في جنوب بيروت، الجنوب والبقاع. ولئن كانت الطائفة الشيعية هي الأكثر فقرًا وتخلفًا في لبنان حتى وقت غير بعيد، فهي لم تعد كذلك الآن، فضلاً عن كونها القوة العسكرية الأقوى في الدولة.

وشدّدّ غلبواع: يشغّل “حزب الله” لمصلحة السكان الشيعة “وزارة إسكان وزراعة” تهتم بالتأهيل، والترميم وإقامة مبانٍ جديدة وتقديم مساعدات للعاملين في مجال الزراعة؛ “وزارة صحة” تقيم بنى تحتية واسعة من العيادات والمستشفيات، “وزارة تعليم” تبني شبكات من المدارس الخاصة، إضافة إلى “جهاز بنكي” يتركز عمله الأساسي على منح السكان الشيعة قروضاً مالية من دون فوائد. وثمة مؤسسات أُخرى تعالج قضايا الشباب، والجرحى وعائلات القتلى (الشهداء).

ونقل عن مصادره الأمنيّة في تل أبيب أنّ الجزء الأكبر والأساسي من تمويل هذه المؤسسات، الخاضعة، بالمناسبة، لعقوبات اقتصادية أمريكيّة، مصدره من إيران. الهدف الأعلى، الرؤية الأبعد، بالنسبة إلى “حزب الله” هو تحويل الطائفة الشيعية في لبنان إلى “مجتمع مقاومة، أي مجتمع داعم للتنظيم عمومًا، وفي المعركة التي يخوضها ضد إسرائيل تحديدًا، مجتمع يتجنّد وينخرط في المعركة، على حدّ تعبير المصادر التي اعتمد عليها المُحلِّل الإسرائيليّ.

بالإضافة إلى ذلك، أشار المُحلِّل الإسرائيليّ في سياق تحليله إلى أنّه  ثمة فوارق كثيرة بين حزب الله في لبنان وحركة “حماس” في قطاع غزة، من أبرزها التعامل مع السكان المدنيين الخاضعين لسيطرتها، والاهتمام بهم والحرص عليهم، واختتم قائلاً: حركة “حماس” لا تهتم بالسكان المدنيين في نطاق مسؤوليتها ولا تعتبر نفسها مسؤولة عنهم وتجاههم، ولذلك، فإنّ الكلمات أوْ العبارات السحرية من قبيل “تأهيل” أوْ “نخلق واقعًا بحيث يصبح لديه ما يخسره” وما شابه لا تعني شيئًا بالنسبة إليها، أمّا “حزب الله”، فهو يهتم بالسكان الشيعة ويحرص ويقلق عليهم، لأنه يعتبر نفسه مسؤولاً عنهم، على حدّ قول المُحلِّل غلبواع ومصادره الأمنيّة والسياسيّة في دوائر صنع القرار بتل أبي.

وخلُص إلى القول: من هنا، يمكن أنْ نفهم أيضًا، على الرغم من وجود أسباب أُخرى طبعًا، لماذا يحرص “حزب الله” على حفظ الهدوء عند الحدود مع إسرائيل ويحافظ على ميزان ردع في مقابلها، فللسكان المدنيين الذين يرعاهم أهمية كبيرة بالنسبة إليه، وفي تقديري، أنّه في حال اندلاع مواجهة شاملة بين إسرائيل وإيران، سيكون لدى نصر الله تخبط غير بسيط بشأن ما إذا كان سينضم أمْ لا، إلّا إذا تلقى أوامر مباشرة وصريحة من خامنئي، سيده الأعلى، وفي حال وقوع المواجهة، ثمة بنك أهداف لدى إسرائيل ليس لضرب الدولة اللبنانية فقط، بل لضرب الدولة الشيعية في لبنان أيضًا، على حدّ زعمه.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى