«توارت بالحجاب» رواية للعكيمي.. تتناول التحولات الفكرية في المجتمع السعودي

 

أصدر الكاتب السعودي عبدالرحمن العكيمي رواية جديدة بعنوان «توارت بالحجاب» (الدار العربية للعلوم ناشرون ـ بيروت) وهي الرواية الثانية له بعد روايته الأولى «رقصة أم الغيث». تقع الرواية الجديدة في 206 صفحة وجاء الإهداء فيها كالتالي: «إلى أنثى صوفية الهوى، تردد ابتهالات الوجد، وحكايات الغياب». تدور أحداثها بين مدينة تبوك والبر الشمالي والعاصمة الأردنية عمان. والرواية ‏الرواية غنية بأحداثها وحواراتها التي تتناول التحولات الفكرية التي مر بها المجتمع السعودي، عبر سردية تتدافع لتشكل فصولها الغنية بأحداثها، إذ تقتحم الرواية عالم الإلحاد في محاولة لتعريته حين يكتشف بطل الرواية يوسف الغربي أن خطيبته ضحى تتحول فجأة من عالمها الصوفي الجميل الذي كان يحبه إلى عالم مثخن بالغسق وهو الإلحاد ليواجه خيبة ليست متوقعة. فهو يواجه تلك الحالة بالرفض والغضب ليجد نفسه متورطا بها فيتطور الأمر لملاحقتها قضائيا بتهمة الردة والإلحاد، بعد نشرها منشورات ومقالات عبر حسابها في موقع الفيسبوك.

كما تناقش رواية «توارت بالحجاب» قضية خروج الشباب للجهاد وترصد مرحلة الغزو الأميركي للعراق، وكيف تركت الحرب على مدينة الفلوجة أبعادها الكبيرة في نفوس الشباب المتحمسين، إذ يصاب باللوعة والأسى من مقتل صديقه عمار الذي قتل في العراق في ظروف غامضة، ويجد نفسه محاطا بتلك الآلام لذلك يسخر الغربي قلمه وهو الذي يعمل صحافيا وكاتبا وكشف حالات تجنيد الشباب والزج بهم في عالم غامض وموت رخيص. إضافة إلى تحليل ظاهرة الإلحاد عبر حوارات الشخصيات في الرواية. تمضي الرواية في مسارات كثيرة إذ تبرز في حياة الغربي زميلة صحافية أردنية تنتشله من حالات الوجع إلى عوالم أخرى، يمضي معها في سردية شعرية في العديد من فصول الرواية.

من أجواء الرواية:‏

أحبك وأحلم بك صوفياً عاشقاً يعرف روحه، قبل أن يعرف روحي معرفة متناهية، وكم حلمت بك وبي روحاً واحدة، تصافح الفجر وتلثم النور القادم من السماء السابعة، أحبك حين تقرأ الذات المجنونة في داخلي… أكره فيك هذا الجفاف؛ غير أني أرى وجهك المغروس دائما في روحي ووجداني… خذني إلى صحراء، لا تخاتلها ريح الشمال.. خذني إلى شجر يكتظ ولايخون الظلال… كلّما شعر بحالة الوجع، يرتمي في حضن الصحراء، هناك حيث تتوزع الصخور ذات اللون الأبيض، والرمل النقي على مساحات واسعة، في تلك المنطقة الغنية بجمالها وتكويناتها، وحيث الجبال متكأ، والفضاء يبوح بالحرية التي تصنعها الصحراء بقوانينها الخاصة؛ فلا سقف للنهايات، ولا حواف تحيط بالمكان، ولا نهايات تجلب الكدر؛ حيث لا قيود هناك كالتي تشكلت وجمدت بين جدران المدينة، هذه الصحراء العريضة تختصر نفسها في هذا المخيم، هي أكثر حنانا ورحمة واحتواء، وأكثر صفاء ونقاء، من بعض المدن والقرى؛ تلك القرى العابسة، في المخيم الهادئ البعيد، نتحول إلى صعاليك أنقياء… رياح الشتاء تعلمنا مهارة المحو؛ المحو كتابة… كان السكون يحيط بالمكان، سألته بقلق: هل هناك أحد حولنا في هذا البر الصامت؟ قالها بلغة ساخرة يمازحها: ليست ثمة ذئاب قريبة من أرضنا، لا تخافي حبيبتي؛ لكن ثمة ذئبا يعوي وحيدًا بين أضلع صدري، وأصغي لصوته حين يكون جائعا، بين الحين والآخر… حين يهطل المطر؛ تفكّ الأرض أزرار قميصها وتغنّي… أغتابك حبا لأقاوم حالة اليباس فوق فمي.

كان يردد في نفسه ليت لديها عيوبا أخرى، غير تلك اللوثة الفكرية التي أصابتها!

ليت لديها نقصا في الجمال، أو أية عيوب يمكن مداراتها، ليت إلحادها كان بعيدا عن أعين الناس، كم تمنيت لو ظلت تلك الخيبة مخبوءة بعيدا عن ألسن الناس الحادة! هذا المجتمع الذي يحاكم الأبرياء والبسطاء والصامتين؛ فكيف بمن أعلنت إلحادها الصريح.

فما زلت تكتب عن ظلال الأشياء، ولم تنضج بعد، ستركض وتهرول إلى ما لا نهاية دون أن تحقق ما تريد.. أنت لم تحبني في يوم ما.. ولن تحبني أبداً، كنت تحب جسدي وتدور حول ظلالي فقط، كانت روحي هائمة بك لكنك خذلتها، أنت لم تحب امرأة في يوم ما، ولن تحب أبداً؛ لأنك تعشق عطر النساء، وثرثرة الغاويات.

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى