تحليلات سياسيةسلايد

تونس تكافح الإشاعات والأخبار الزائفة بقرار جمهوري

أثار مرسوم رئاسي يهدف إلى مكافحة الإشاعات والأخبار الزائفة جدلا واسعا بين التونسيين الذين انقسموا بين مرحب بالمرسوم معتبرا أنه سيحد من حالة الانفلات الإعلامي خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبين منزعج يرى أنه مدخل لتكميم الأفواه وتقييد حرية النقد.

وصدر بالجريدة الرسمية (الرائد الرسمي) للجمهورية التونسية الجمعة، مرسوم رئاسي، يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.

وينص المرسوم، في الباب المتعلق بالجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال والعقوبات المستوجبة  في قسم الإشاعة والأخبار الزائفة، على أنه

“يعاقب بالسجن مدة 5 أعوام وبخطية قدرها 50 ألف دينار (15 ألف دولار) كل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.

ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية.

وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه”.

الفصل 24 من المرسوم عدد 54 لسنة 2022 لمكافحة الأخبار الزائفة بتونس

واستنكر بعض الصحفيين والحقوقيين أحكام المرسوم معتبرين أن يرمي إلى ضرب حرية التعبير المضمنة بالدستور.

وأبدى بعض الصحفيين استغرابهم من تدخل السلطة التنفيذية في مسائل تهم حرية النشر والإعلام، متسائلين عن دور الهيئات التعديلية في هذه الحالة.

وانفصل الإعلام التونسي بعد الثورة في 2011 عن وصاية الدولة ليتم تركيز هيئات تعديلية تعتم بالشؤون التنظيمية في مجال الصحافة والإعلام.

وتكونت الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري كجهاز يقوم بمهام التنظيم والتوجيه والتصويب والرقابة لمختلف مؤسسات الإعلام السمعي البصري.

وتم مؤخرا تركيز مجلس الصحافة يمارس آليات التنظيم الذاتي ويسهر على حسن تطبيق الأخلاقيات الصحفية ويتقبل الشكاوى في حال المس من تلك الأخلاقيات.

في المقابل تحمس عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي للمرسوم الذين يعتبرون أنه سيردع المارقين في ظل حالة الانفلات الإعلامي التي تعيشها تونس منذ سنوات، والتي كرست ثقافة الإفلات من العقاب الأمر الذي فتح باب الإشاعات والأخبار الزائفة لغايات عدة أبرزها الثلب والنيل من سمعة وكرامة الآخرين دون وقوع تحت طائلة القانون.

وواجه العالم بأسره ظاهرة الأخبار الزائفة التي اجتاحت الفضاء العام مع تفشي وباء كورونا، ووُضعت بالمناسبة العديد من التشريعات الردعية في عدد من دول العالم لما تسببت فيه تلك الأخبار الزائفة من بث هلع وزعزعة للسلم الاجتماعية في زمن انشغل فيه الجميع بمواجهة الوباء.

ويتساءل البعض لماذا يحاول البعض إثارة جدل حول المرسوم الرئاسي كأنه سابقة والحال ان التشريع التونسي ينص في عدد من فصوله على معاقبة مروجي الإشاعات والأخبار الزائفة.

وينص الفصل 54 من مرسوم الصحافة الصادر في 2011 على أن كل من تعمد نشر أخبار زائفة من شأنها أن تنال من صفو النظام العام عن طريق وسائل الإعلام السمعي والبصري والإلكتروني، يُعاقب بخطيّة مالية من ألف إلى ألفي دينار.

ويعتبر الفصل المذكور أن نشر الأخبار الزائفة يندرج في إطار “مؤامرة واقعة لارتكاب اعتداء على أمن الدولة الداخلي”.

وأقرّ الفصل 68 من المجلة الجزائية عقوبات بالسجن تصل إلى 5 أعوام على كل مؤامرة واقعة لارتكاب اعتداء على أمن الدولة الداخلي.

وتنص أحكام الفصل 142 من المجلّة الجزائية على عقوبات بالسجن بين 3 أشهر وعام، ضد كل من “يرتكب فعلا يُكيّف للإيهام بجريمة” أي كل من يُعلم السلطات العمومية بمخالفة وهو يعلم علم اليقين بأنها لم توجد أو كل من ينشئ حجة كاذبة تتعلّق بجريمة وهمية”.

وتعرض قانون الإرهاب في تونس لجريمة ترويج الأخبار الزائفة بهدف “بث الرعب بين السكان لتحقيق أهداف من شأنها قلب النظام في البلاد”.

ويذكر الفصل 13 من القانون أن “كل مرتكب جريمة إرهابية وكل من يبث الرعب بين السكان من خلال الإضرار بالأمن الغذائي أو يُعرّض حياة السكان أو صحتهم للخطر يُعرّض نفسه لعقوبة بالسجن بقية العمر ولخطية مالية قدرها 150 ألف دينار (49 ألف دولار) في صورة إلحاق أضرار بدنية بالمواطنين”.

وتنامت في تونس ظاهرة الأخبار الزائفة المنتشرة بشكل خاص عبر المنصات الاجتماعية. ومسّ مضمون بعضها من أمن البلاد وصورة رموز الدولة وبعض المؤسسات السيادية على غرار الجيش الوطني.

ويعكف القطب القضائي بتونس على التحقيق في القضية الشهيرة المعروفة إعلاميا بقضية إنستالينغو، وهي مؤسسة مختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي وتدير عددا هائلا من الصفحات والمواقع التي تبث أخبارا كاذبة وتروج الفتنة خاصة بعد يوليو 2011.

وتشير التحقيقات الأولية إلى علاقة وطيدة بين صاحب الشركة الفار في تركيا وحركة النهضة الإسلامية.

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى