جملة اعتراضية أسئلة وأجوبة عن الأزمة (علاء الاسواني)

علاء الاسواني

1 ـ لماذا تعارضون الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي؟
ـ لأنه يعطي الرئيس صلاحيات شبه إلهية، يعطل بها القانون، ويفعل ما يشاء بلا أدنى رقابة أو محاسبة. الرئيس مرسي بهذا الإعلان قد ألغى ارادة الشعب التي حملته الى الرئاسة وتحول الى ديكتاتور، وكل ديكتاتور هو بالضرورة عدو للثورة التي قامت أساساً من اجل إرساء دولة القانون.

2 ـ لماذا لا تسمحون للرئيس مرسي بصلاحيات مطلقة مؤقتة لمدة شهور قليلة؟
ـ لا يوجد ديكتاتور مؤقت. كل الحكام المستبدين زعموا أنهم مضطرون الى إجراءات استثنائية بشكل مؤقت ثم استبدوا بالسلطة الى الأبد. فلنتذكر هنا كيف تعهد الضباط الأحرار العام 1952 بالعودة الى ثكناتهم بعد ستة أشهر وظلوا في الحكم سنوات طويلة. اذا سمحت لأي حاكم بتعطيل القانون يوماً واحداً سيتحول الى ديكتاتور الى الأبد.

3 ـ ألا يمكن أن يكون الرئيس مرسي مضطراً الى إجراءات استثنائية من أجل محاربة النظام القديم وحماية الثورة؟
ـ الحرية وسيادة القانون واحترام ارادة الشعب كل هذه المبادئ تشكل غاية انسانية في حد ذاتها. أي انجاز يأتي عن طريق الاستبداد مرفوض، كما أن كل الأنظمة الاستبدادية عبر التاريخ أدت في النهاية الى فشل وكوارث. إننا نعاني من انهيار الحياة في كل المجالات نتيجة لاستبداد مبارك فلا يمكن أن نقبل باستبداد مرسي. إن الرئيس مرسي والإخوان المسلمون لم يحاربوا النظام القديم، وإنما تواطأوا معه لمصلحتهم على حساب الثورة. من الذي حشد الناس من أجل الموافقة على تعديلات مبارك على دستور 71؟ من الذي تحالف مع المجلس العسكري ورفض أن يكون الدستور أولاً، وأصر على الانتخابات أولاً، حتى يتمكن الاسلاميون من كتابة الدستور على هواهم؟ من الذي اتهم الثوار بالبلطجة وسخر من البنات اللاتي هتك الجنود أعراضهن في مذبحة مجلس الوزراء؟ من الذي وصف المطالبين بالدستور أولا بأنهم شياطين الإنس ووصف أعضاء المجلس العسكري القتلة بأنهم قرة الأعين؟ الاخوان المسلمون هم من تواطأوا وعقدوا الصفقات مع العسكر على دماء الشهداء. ماذا فعل الرئيس مرسي خلال خمسة أشهر من حكمه؟ لقد استعان بوزير الداخلية أحمد جمال الدين المسؤول عن مذبحة محمد محمود التي أودت بحياة سبعين شهيداً. الرئيس مرسي هو الذي وفر خروجاً آمناً للمشير طنطاوي والفريق عنان المسؤولين سياسياً على الأقل عن كل المذابـح التي راح ضحيـتها مئـات من الأبرياء. الرئيس مرسي أبقى على جهاز أمن الدولة المسؤول عن إهدار آدمية ملايين المصريين. الرئيس مرسي استعان بوزراء مبارك وبرجال الأعمال الفلول الذين نهبوا الشعب المصري وكونوا ثروات هائلة من قوت الفقراء. اذا أراد الرئيس مرسي تحقيق أهداف الثورة، لكان قد فعل، لكنه في الواقع يعمل لمصلحة الاخوان وليس لمصلحة الثورة.. في النهاية فإن الرئيس مرسى وعد كثيرا ولم ينفذ وعوده قط، وبالتالي لا يوجد سبب لأن نصدقه عندما يزعم انه سيكون ديكتاتوراً لفترة قصيرة. اذا كان لم يصدقْ في السابق قط فهو بالتأكيد لن يصدق هذه المرة.

4 ـ لماذا أعلن الرئيس مرسي الاعلان الدستوري؟
الرئيس مرسي ينفذ تعليمات «مكتب الإرشاد» الذي رأى أن مصلحة الجماعة ستتحقق باسترضاء النظام القديم لا بمحاربته… لقد أراد الاخوان المسلمون إبقاء أجهزة الدولة كما كانت أيام مبارك على شرط أن يكون ولاؤها للاخوان بدلا من ولائها للمجلس العسكري ومبارك. لذلك أبقى الرئيس مرسي على جهاز أمن الدولة ووضع على رأسه اللواء المسؤول عن ملف الاخوان، كما أبقى الرئيس مرسي على وزارة الاعلام ووضع على رأسها مسؤولا اخوانياً حتى يدير الاعلام لحساب الاخوان. كانت حسابات مرشد الاخوان أن عقد صفقة مع النظام القديم ستمكن الاخوان من الاحتفاظ بالسلطة الى الأبد، ثم اكتشف مرشد الاخوان أن النظام القديم يتآمر ضد الاخوان.. اكتشف أن هناك أجهزة تعمل على نشر الفوضى من أجل التخلص من الرئيس مرسي. عندئذ كان لا بد لمرشد الاخوان من ضربة استبقائية يحمي بها الرئيس الاخواني. لذلك أعلن مرسي الاعلان الدستوري ليعطل القانون ويحتفظ بالسلطة كما يشاء.. هناك أيضاً اللجنة التأسيسة للدستور التي ستحكم المحكمة الدستورية العليا ببطلانها لثاني مرة، ما سيؤدي الى تشكيل لجنة متوازنة تكتب دستوراً جديراً بمصر.. بينما مرشد الاخوان يريد أن يحتفظ باللجنة التأسيسية الحالية كي تكتب دستوراً يمكن الإخوان من الاحتفاظ بالسلطة الى الأبد. إن هذا الاعلان الدستوري الاستبدادي يأتي في سياق صراع على السلطة بين الاخوان والنظام القديم. الثورة في رأيي غير معنية بهذا الصراع .كل ما نسعى اليه أن نمنع صناعة ديكتاتور جديد.

5 ـ كيف يخرج الرئيس من هذا المأزق؟
الحل الوحيد أن يتراجع الرئيس عن الإعلان الدستوري ويعود الى احترام القانون، واذا قضت المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشوري واللجنة التأسيسية يجب على رئيس الدولة أن يحترم القانون ويقوم بتنفيذ أحكام القضاء فوراً. وإذا أصر الرئيس مرسي على الاعلان الدستوري الديكتاتوري يكون قد فقد شرعيته. لا شرعية لرئيس يدهس القانون بقدمه حتى لو كان منتخباً..

6 ـ من المسؤول عن وصول الاخوان الى الحكم.. أليسوا هؤلاء الثوريون الذين دعموا مرسي ضد الفريق شفيق؟
ـ أنا شخصياً لم أنتخب مرسي، ودعوت الى مقاطعة الانتخابات في مقال منشور في «المصري اليوم».. لكنني في الوقت نفسه أتضامن بالكامل مع الثوريين الذين انتخبوا مرسي، هؤلاء أرادوا حماية الثورة ومنع عودة النظام القديم ممثلا في احمد شفيق، تلميذ مبارك ورجله المخلص.. كان الاختيار بين الاخوان والنظام القديم، فاختار الثوريون الاخوان، وهم يعلمون مدى انتهازيتهم، لكنه كان الاختيار الوحيد المتاح لحماية الثورة. لقد نجح الرئيس مرسي بأصوات المصريين الذين لا ينتمون للاخوان وغالباً لا يحبونهم، لكنهم انتخبوا مرسي من أجل إسقاط شفيق. لا أرى في دعم الثوريين لمرسي ضد شفيق ما يستوجب الاعتذار إطلاقاً، فقد كانت هذه الطريقة الوحيدة لمنع نظام مبارك من العودة. ان الذين يتوجب عليهم الاعتذار في رأيي هم مرشحو الرئاسة الثوريون الذين رفضوا التوافق على مرشح واحد للثورة لأنهم تسببوا في تفتت أصوات الثوريين فرسبوا جميعاً في الدورة الأولى ووقعنا في هذا الاختيار البائس بين مرشح الاخوان ومرشح الثورة المضادة. ان الذين لا زالوا يعتبرون أحمد شفيق مناسباً لرئاسة مصر، مع احترامي الكامل لرأيهم، لا يعترفون بالثورة المصرية أو هي لا تهمهم كثيراً. فلا يمكن أن تقوم ثورة ضد نظام مبارك ثم ننتخب أحد أعمدة النظام الذي قامت ضده الثورة.

7 ـ لقد انتخب شفيق 12 مليون مصري. هل كل هؤلاء لا يعترفون بالثورة؟
الذين لا يعترفون بالثورة عددهم أكبر من ذلك. لقد قام بالثورة المصرية عشرون مليون مصري وإذا أضفنا اليهم عشرين مليوناً من المتعاطفين نجد أن من ينتمي الى الثورة أقل من نصف الشعب المصري. هذا قد حدث في كل الثورات، لأن عشرة في المئة من الشعب كفيلة بإحداث الثورة، ومصر قدمت عشرين في المئة، لكن علينا أن نفهم أن أربعين مليوناً من المصريين فاجأتهم الثورة على غير توقع، وكثيرون منهم لم يفهموا الثورة ولم يكونوا في حاجة اليها وليس لديهم أدنى استعداد للتضحية من أجلها. من هنا أعتقد أن الذين انتخبوا شفيق لا تهمهم الثورة، لا أتصور أن أحداً اشترك في الثورة من الممكن أن ينتخب مبارك آخر.. لكني أستثني الأقباط من هذا الحكم لأنهم أقلية، تم ترويعها عمداً أو جهلاً من جماعات الاسلام السياسي، فكان من الطبيعي أن يدفعهم خوفهم على حياتهم وحقوقهم الانسانية الى انتخاب أي شخص يمنع الاخوان من الوصول الى الحكم. معظم الأقباط الذين أعرفهم لم يكن شفيق اختيارهم الأول، وإنما انتخبوا مرشحاً ثورياً في الدورة الأولى. فلما أصبح الاختيار بين الاخوان والنظام القديم اختاروا النظام القديم لأنهم في حالة خوف أتفهمها ولا يمكن أن يحس بها إلا من يعيش كأقلية دينية في بلد قمعي يعاني من التطرف الديني مثل مصر.

8 ـ ما العمل الآن؟
ـ يجب أن يناضل المصريون جميعاً من أجل إسقاط الاعلان الدستوري الديكتاتوري. يجب أن نستعمل كل وسائل الضغط حتى يتراجع الرئيس مرسي عن الاستبداد.. ولكن علينا أن نمتنع عن العـنف تماماً لأنه سيؤدي بنا الى كوارث. هذه الثورة العظيمة يجب أن تظـل سلمـية، كما يجـب أن نرى المشهد المختلط بوضوح. ان الذيـن يعارضون الاعـلان الدسـتوري نوعان من المصريين: ثوريون وفلول نظام مبارك.. إنهم يقولون العبارات نفسها ويتـخذون نفس المواقـف لكن لأهـداف مختلفة تماماً.. الثوريون يريدون إلغاء الاعلان الدستوري من اجل بناء دولة القانون التي قامـت من أجلها الثـورة، امـا الفلول فيريدون هدم كل شيء في مصر وإحداث حالة من الترويع والانفلات الأمني تمهيداً لتدخل الجيش وعودة النظام القديم.

9 ـ الفلول مواطنون مصريون فلماذا نحرمهم من المشاركة السياسية؟
ـ أنا لا أنادي بحرمانهم، لكني اؤكد انهم أعداء للثورة، وأنهم الآن يعملون على اعادة نظام مبارك الى الحكم. اما كونهم مصريين فذلك لا يعفيهم من المحاسبة السياسية.. الذين عذبوا الأبرياء وقتلوهم وفقأوا أعينهم وهتكوا أعراض زوجاتهم أمامهم، كل هؤلاء مصريون فهل ننسى جرائمهم؟

10 ـ هل فشلت الثورة المصرية؟
ـ الثورة تغير إنساني بالأساس يؤدي الى نتائج سياسية. الثورة معناها تغليب المعنى على المصلحة. الثورة معناها أن مجموعة من الناس، في لحظة معينة، تصبح على استعداد للموت من أجل الكرامة والحرية. هذا السلوك النبيل نادر، مما يفسر أن الثورات الحقيقية قليلة عبر التاريخ الانساني.. التغير الانساني هو إنجاز الثورة الحقيقي. المصريون كسروا حاجز الخوف ولن يعودوا الى الخلف أبداً. الإنجازات السياسية للثورة تأخرت وتعثرت نتيجة لتواطؤ العسكر والاخوان وتشرذم القوى الثورية. لكن الثورات عادة ما تستغرق أعواماً طويلة حتى تشيد الدولة الديموقراطية. لقد خلعنا مبارك في أقل من ثلاثة أسابيع، ولو قارنا هذا الإنجاز بتاريخ الثورات الأخرى سنفخر بثورتنا. الثورة مستمرة حتى تنتصر وتحقق أهدافها بإذن الله.
الديموقراطية هي الحل

 صحيفة «المصري اليوم»

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى