حرب خليج ثالثة؟

مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي بين المملكة السعودية وإيران. المشهد اليمني، بتحوّلاته المتسارعة، يؤشّر إلى «الارتقاء» في مستويات الصّراع وأشكاله إلى إمكانيّة الصدّام المباشر بين قطبي العالم الإسلامي. المملكة وحلفاؤها يدخلون عسكرياً وبلا تردّد على خطّ الأزمة اليمنيّة، فيما يقرّر الحوثيّون المواجهة. فالأخيرون هم حلفاء طهران، ويتخطّى استهدافهم الاعتبارات اليمنيّة إلى كونهم معطى أساسياً في معادلة الصراع في المنطقة. فيما لا يستبعد أن يكون انخراط الرياض المباشر في المسألة اليمنية ناتجًا عن استنفاد الخيارات، وبديلاً متاحًا للدخول في مواجهة مباشرة مع الحليف الإيراني، لتعويض خيبات المواجهة عبر الأذرع والبدلاء. وفي ظل مروحة الاحتمالات المفتوحة أمام مسارات هذه الأزمة، يبقى موقف طهران أساسيّاً في تحديد وجهة الأحداث ومآلاتها.

ترى مصادر إيرانيّة معنية أنّ «البروباغندا» التي تسوقها السعودية لتدخّلها العسكري، هي وحلفاؤها في اليمن، لن تغيّر حقيقة أنّ هذا التدخّل يضع الرياض على حافة الإفلاس في التعامل مع ملفّات المنطقة. وفي كل الأحوال، تتابع المصادر عينها، لن تتخطّى المنجزات السعودية الإطار الاستعراضي، وإلحاق الأذى بالمدنيين من دون القدرة على إحداث تغيير في الواقع الميداني، هذا في حال اقتصر عدوان الرياض وحلفائها على الضربات الجويّة. أمّا إذا أرادت الرياض التدخّل عسكريًّا عبر قوّات بريّة، فإنّ الأمور مرشّحة للتّفاقم. وبدلاً من أن يستطيع الغزاة ضبط المعركة اليمنية بالطريقة التي يريدونها، فإنّ السعوديّة – تضيف المصادر- مرشّحة أن تتحوّل جزءاً ملتهبًا من المعركة، حيث يمتلك الجيش اليمني و «أنصار الله» من الأسلحة والقدرة والكفاءة ما يمكّنهم من تبديل وجهة المعركة، من غزو دولة لأخرى إلى مواجهة متكافئة بين دولتين. هذا فضلاً عن أن الغزاة وأسلحتهم سيكونون أهدافًا سهلة للمقاومين اليمنيين».

تستبعد المصادر نفسها أن تتدخل إيران عسكرياً وبشكل مباشر في المسألة اليمنية، وذلك لانتفاء الحاجة، ولقدرة اليمنيين على مواجهة العدوان وحدهم وإفشال أهدافه، من دون أن يعفي ذلك طهران من تقديم الدعم اللوجستي والسياسي، فضلاً عن الخبراء والمستشارين، لحلفائها اليمنيين.

وإذ لم تستبعد المصادر إمكانية أن تؤثر الأزمة اليمنية سلباً على المفاوضات النووية بين إيران والغرب، رجحت القول بأن «من شأن هذه الأزمة الربط على نحو غير مسبوق بين أزمات المنطقة وملفاتها كافة، خصوصاً أن العقد الجدية في الجولات الأخيرة من التفاوض النووي قد تكون شجّعت واشنطن إلى تبنّي العدوان السعودي على اليمن وتغطيته، بهدف الضغط على طهران لدفعها الى التراجع وتقديم التنازلات، في وقت تصرّ فيه طهران على التمسّك بحقوقها النووية بعيداً من التهويل والضغوط».

وبرغم استبعاد المصادر «أن تتحول الأزمة اليمنية الى حرب إقليمية شاملة، فقد اعتبرت أن احتمال مثل هذه الحرب يبقى قائماً، خصوصاً إذا تدهورت الأمور بشكل غير منظور وخارج التوقّعات». وتختم المصادر بالقول: «من الممكن أن تشكل أزمة اليمن مقدّمة لوضع أزمات المنطقة في سلة واحدة، والعمل على حلّها سلمياً وفق تسوية شاملة، بعد وصول العدوان السعودي على هذا البلد إلى حائط مسدود، وذلك تعويضاً عن حالة الإفلاس المتوقعة لسياسات الرياض الإقليمية، وإلا فإن البديل هو غرق المملكة في الرمال اليمنية، أو انفلات الأمور نحو حرب خليج ثالثة، وهو احتمال قائم مع أنّ أحداً لا يريده».

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى