علوم وتكنولوجيا

حرب سرية لتخليق الروابط العصبية وإعادة ضبط الدماغ البشري

جسم الانسان وتحديداً جهازه العصبي والدماغ لهما قدرة خاصة تجعلهما يعملان وفق ظروف معينة كأجهزة إرسال واستقبال يمكنها العمل مثل الهوائيات خاصة إذا جرى رفع مستوى قدراته الدماغية وتطوير بعض الحواس.

 

محمد الناصري – الرباط – خلال القرن العشرين، ونتيجة للتقدم والتطور في مجال العلوم والمعرفة والأجهزة المعملية، جرى التوصل إلى أن الدماغ آلة تعمل مثل الكبيوتر، يقوم بتخزين المعلومات الاساسية في حجرات مناسبة، واستمر هذا الاعتقاد يُدرس في المناهج التعليمية حتى أواخر الخمسينيات. وبعد ذلك بسنوات، اثبت أن الدماغ ينقسم إلى قسمين: الدماغ الأيمن، ويهيمن على الصور، الألوان، أحلام اليقظة. والدماغ الأيسر، يهيمن على الأنشطة العقلية مثل: الكلمات، الأرقام، المنطق، التحليل. بالإضافة إلى أنه ينقسم لعلوي وسفلي. ويُسمى الدماغ العلوي بـ “العقل الواعي” وطبياً يسمى قشرة الدماغ، وهو المسؤول عن النشاطات الفكرية، أما الدماغ السفلي يسمى (العقل اللاواعي) وهو يعالج الأنشطة اليومية التي لا يدركها العقل الواعي بالضرورة، مثل: ضبط درجات حرارة الجسم، ضغط الدم، التوازنات الكيماوية، عملية الهضم، الخ، ومسؤول عن المشاعر العاطفية ايضاً. وأن كل جانب من الدماغ يسيطر على الجزء المعاكس له من الجسد.

يشكل الدماغ مركز الجهاز العصبي في الانسان، حيث تحتوي القشرة المخية على مليارات من الخلايا العصبية أو العصبونات المرتبطة بواسطة المشابك مع الاف العصبونات الأخرى، والتي تقوم بمعالجة ونقل المعلومات عبر إشارات كهربائية أو كيميائية بين الخلايا العصبية، تتلقاها من المُستقبلات (القنوات) الحسية وترسلها إلى الدماغ، ويقوم الدماغ من خلالها ايضاً بإرسال الأوامر لبقية أجزاء الجسم والأعضاء الحركية، وبالتالي يتولى الدماغ معظم أعمال الجسم والعقل معاً.

ماهي الروابط العصبية؟ وكيف تتشكل؟

شبهنا سابقاً دماغ الانسان بالكمبيوتر فيما يتعلق بتخزين البيانات والمعلومات التي يستقبلها من القنوات أو الاعصاب الحسية عند القيام بنشاط معين مثل السمع، النظر، التذوق، الشم، اللمس، فكلما قمنا بفعل ما نستخدم فيه حاسة واحدة أو أكثر، نرسل إشارات عصبية إلى الدماغ بواسطة شبكة من الخلايا العصبية المنتشرة والمتصلة مع بعضها، وبدوره يقوم الدماغ بمعالجة الإشارات العصبية المُرسلة، من خلال إعادة اصدار الأوامر بواسطة تلك الخلايا العصبية ايضاً، اما للقيام بفعل معين على مستوى: وظائف الجسم، السلوك الحركي، الأفعال العقلية، أو إرسال المعلومة إلى الدماغ اللاواعي، وبكلا الحالتين، يقوم الدماغ بإنشاء “رابط عصبي” مخصص للنشاط الذي قمنا به ويتم تخزينه في الدماغ، وبتكراره لأكثر من مرة، تعمل الإشارات العصبية على تقوية ذلك الرابط العصبي، مما يُسهل استدعائه عند الضرورة أو عندما نقوم بممارسة نفس الفعل. وعلى سبيل المثال، عندما تبدأ دروس تعلم قيادة السيارة، فانت تستخدم مجموعة من الحواس، تستمع للمدرب (حاسة السمع)، تستخدم يديك وقدميك في ممارسة القيادة (حاسة اللمس)، تنظر للطريق اثناء القيادة ( حاسة النظر)، وعند القيام بذلك فإن الأعصاب الحسية تُرسل  إشارات كهربائية الى الدماغ ويُنشئ ملف عصبي (رابط عصبي) يُسميه “قيادة سيارة”، ومع تكرار إجراءات الممارسة يقوي دماغك ذلك الرابط العصبي المُخزن من خلال تكرار الإشارات العصبية التي ترسلها الاعصاب الحسية الى الدماغ، ولهذا السبب تتحسن قيادتك تدريجيا مع كل عملية تكرار، وذلك لأن (الرابط العصبي) المخصص لقيادة السيارة قد غُرس بشكل جيد في افعالك السلوكية. وهذا الحال ينطبق حرفياً على كل شيء نقوم به في الحياة، سواء على مستوى الأداء السلوكي أو الادراك الحسي، والذي ينعكس على طبيعة تفكيرنا وقراراتنا وآرائنا الشخصية حيال مختلف القضايا من حولنا.

كيف يتم برمجة الأوامر العصبية لدى جمهور مُستهدف؟

دعونا نطرح السؤال التالي: كيف يتم استهداف الأشخاص للتأثير والسيطرة على أفعالهم؟، وهل يمكن تحقيق ذلك دون إدراك منهم؟

شبه، أليودورمانوليا، العالم الباراسيكولوجي المتخصص في مجال الامن والدفاع، الكائنات الحية بالأجهزة المتطورة جداً، التي يمكنها التواصل فيما بينها، والتأثير على بعضها البعض. والانسان تحديداً، يمكن التأثير على أفكاره وقراراته ومواقفه وسلوكياته والتحكم بها بشكل كامل باستخدام بعض المؤثرات الخارجية التي تستهدف خلاياه العصبية لإنشاء روابط عصبية جديدة أو تحفيز روابط موجودة، من خلال رسائل حسية محددة، تعمل تلك المؤثرات وبطرق معينة على زرعها في الدماغ اللاواعي وتغذيتها باستمرار عبر طرق ووسائل مدروسة بعناية، لغرض ترسيخها في الجهاز العصبي وانتقالها تدريجياً من حالة اللاواعي إلى حالة الوعي بها، وذلك أن يقوم الشخص أو الجمهور المُستهدف بممارسة أفعال سلوكية معينة (الأوامر التي تحملها الرسائل المُشفرة)، ولكن دون إدراك منهم بإن ما يقومون به بالأساس هو بسبب تأثيرات خارجية موجهة عليهم، معتقدين أنها أفعال نابعة عن قناعاتهم الخاصة، ولكن حقيقة الامر عكس ذلك تماماً!

وأشار مانوليا، إلى إمكانية التواصل بين الكائنات الحية بواسطة مجال طاقي خاص يصدر عن أجسامها، وتستجيب له خلايا الجسم فتحدث عملية الاتصال بين خلايا النسيج لجسمين أو أكثر، ويتم ذلك بإرسال واستقبال المعلومات على شكل “شيفرة” خاصة لكل نوع من أنواع الكائنات، وتتضمن هذه الظاهرة نقل المعلومات عن بُعد إلى العقل اللاواعي للشخص المُستهدف، أي أنها تدخل إلى عقله اللاواعي وتستقر فيه وتعمل التأثير اللازم دون أدنى شعور منه تماماً، وهي من ظواهر التأثير عن بُعد (السيطرة والتحكم بالعقول).

وحدد العالم الباراسيكلوجي، عناصر ومتطلبات إجراء هذا الاتصال بوجود مُرسل، شيفرة، قناة اتصال، رسالة، مُستقبل، اتصال عكسي من المُتلقي إلى المُرسل.

وفي هذا السياق، يمكننا تصور عمل الأنظمة الحية، من وجهة نظر فيسيولوجية، على شكل تذبذبات لموجات الطاقة الى الطبقات التحتية للهيكل المادي للإنسان، حيث إن استقرار هياكلنا الطاقية يتم تأمينه من قبل مناطق مُوصلة يقوم جسم الانسان من خلالها بتنظيم ذاتي لموجاته الطاقية، وتم تحديدها وهي مناطق نقاط الوخز بالإبر، وذلك لأن المقاومة الكهربائية فيها (مناطق الجلد المثقوبة) تكون أضعف من بقية مناطق الجسم. ووفقاً لنتائج البحوث التجريبية التي أجراها مانوليا، لقياس إمكانيات الجلد الكهربائية، توصل إلى أن إجراء أي تغيير في خطة الكهرباء الحيوية للجسم سيؤدي لتغيرات في أغشية الخلايا، والتي ترتبط مباشرة بحالة عمل الخلايا، ويمكن إجراء تلك التغييرات بواسطة محفزات كهربائية أو كيميائية (ميكانيكية) على بعض مناطق الجسم (نقاط الوخز بالإبر) والتي اثبت أن لديها إمكانية إرسال إشارات قادرة على إعادة عمل توازن كهربائي وكيميائي للجسم، وبالتالي إعادة ضبط التوازن الفيسيولوجي للشخص المُستهدف وفقاً للحالة المطلوب أن يصل إليها.

ليس بجديد القول ان العديد من البحوث قد أجريت منذ عشرات السنوات لمعرفة طبيعة التأثيرات العصبية للإنسان عند تعرضه لموجات كهرومغناطيسية، والتي أظهرت ان الدماغ والجهاز العصبي، عرضة لتأثيرات المجالات الكهرومغناطيسية، وذلك لأن طبيعتهم الوظيفية داخل الجسم تعتمد على النبضات العصبية، وإجراءات الاشارات الكهربائية بين أغشية الخلايا العصبية.

وفي إطار موضوعنا والتجارب البحثية العلمية التي أجريت في هذا الخصوص، فقد ثبت ان للموجات الكهرومغناطيسية تأثيرات على جسم الانسان، وخاصة العقل، مطابقة لتأثيرات الادوية في حالات معينة، ومنها على سبيل المثال: جعل العقل المُستهدف يتقبل بعض الاقتراحات الشفهية وينسجم تماماً مع أخرى، دون ان يدرك حقيقة ذلك الامر. فقد أظهرت واحدة من التجارب، ان العديد من وظائف الخلية تكون مُحفزة أو مقموعة عند تعرضها لتذبذبات موجات كهرومغناطيسية منخفضة، وبالتالي تم التوصل إلى أن تلك الموجات المُسلطة على الخلية هي التي تعيد تخليق الروابط العصبية بين الخلايا، التخليق الحيوي للأحماض النووية والبروتينات، ووفقاً للتجربة، فعملية التفعيل تتطلب تضخيم للمجالات الكهرومغناطيسية المنخفضة.

بمعنى آخر، ان جسم الانسان، وتحديداً جهازه العصبي والدماغ، لهما قدرة خاصة تجعلهما يعملان وفق ظروف معينة، كأجهزة إرسال واستقبال، يمكنها العمل مثل الهوائيات، خاصة إذا جرى رفع مستوى قدرات الدماغ وتطوير بعض الحواس البشرية، والتي أشارت احدى البحوث أنها 17 حاسة كحد أدنى عند الشخص المُتلقي/ المُستقبل في ظروف معينة. كما أن الطرف المُرسل والذي يوصف بالمُحرض، إذا أراد إجراء عملية يكون الهدف من ورائها “التأثير والسيطرة” على شخص آخر، أو مجموعة محددة من الناس بواسطة محفزات من شأنها تخليق روابط عصبية جديدة، أو تنشيط روابط عصبية موجودة لديهم، وفي هذه الحالة هو يتفوق على الطرف المُتلقي/ المُستقبل، والذي يصبح ضحية له، لأن المُرسل في هذه الحالة يقوم بإجراءات قد تعمل على تغيير طريقة تفكير / سلوكيات المُستهدفين دون ادراكهم لهذا الامر. أما قناة الاتصال، فهي قد تكون وسيلة اتصال وتواصل بين الطرفين، المُرسل والمُتلقي، ومنها على سبيل المثال، يكون على شكل وسيلة إعلامية أو منصة تواصل اجتماعية، ضمن حدود عالمنا المادي، أو وسيلة تواصل طاقية (التخاطر) خارج حدود العالم المادي، ولا تنطبق عليها شروط وقواعد الزمكان.

ومن الوسائل العامة المستخدمة على نطاق واسع، شديدة التأثير وشائعة الانتشار، هي وسائل الاعلام والصحافة ومنصات التواصل الاجتماعي والألعاب الالكترونية والاعمال الفنية وغيرها، جعلت من الانسان المُستهلك للتكنلوجيا على ارتباط وثيق بها بشكل لحظي، وبالتالي تساهم بشكل فعال للغاية في تخليق روابط عصبية جديدة و/أو تضخيم روابط موجودة بالفعل، مثل غرائز أو مشاعر معينة، سلبية أو إيجابية، وأصبحت تؤثر بشكل كبير على ديناميكية التفكير والفهم، وأصبحت تُبرمج سلوكنا البشري بشكل متزايد. حيث أنها تنقل الينا الرسائل والرسائل الايحائية عبر موجات كهرومغناطيسية، نستقبلها عبر القنوات الحسية، وتتفاعل الخلايا العصبية معها، مما يؤدي لنتائج على مستوى القرارات والسلوكيات الشخصية، خاصة عندما نكون في حالة استرخاء ما قبل النوم، وهي الحالة التي يمكن الوصول إليها قبل النوم فعلياً، أو عندما نجلس لمشاهدة التلفزيون أو تصفح منصات التواصل الاجتماعي مثلا، فعندها تتولد حالة استرخاء تكون فيها “ألفا” موجات الدماغ أكثر نشاطاً و سيطرة، وحالة ألفا تتميز بتقبُّل متزايد ونقص في الروح النقدية، وهي الحالة التي تجتاز فيها الصور والاقتراحات حاجز الوعي بسهولة بالغة. ومن الوسائل غير التقليدية، غير الشائعة، هي إجراء عملية الاتصال والتأثير أو السيطرة الكاملة، عبر المجال الطاقي للإنسان. لكل واحد منا كيان طاقي يغلف جسده المادي، ويحتوي على كل البيانات والمعلومات الخاصة به، ويمكن لبعض الأجهزة المتخصصة أن تظُهر بوضوح طاقة الشخص وتستخلص كافة المعلومات والتفاصيل النفسية والسلوكية عنه، وتحللها بدقة شديدة للغاية، وتقديم النصائح اللازمة في كيفية تطوير الشخص لنفسه ورفع مستوى قدراته العقلية والجسمانية.

يمكن للشخص المُحترف في إجراءات الطاقة والتواصل عن بُعد، أن يؤثر على شخص آخر أو جمهور مسُتهدف بواسطة إجراءات (هجمات طاقية) يصدرها بنفسه نحو الطرف المُستهدف، سواء بشكل سلبي ويمكن استشعارها على شكل الالام أو حرارة بالرأس تصيب الشخص المستهدف عند تعرضه لهجوم من هذا النوع، أو إيجابي حيث ترتفع روح السعادة والراحة والتفاؤل. ومثلما يتأثر الانسان العادي بما تحمله الموجات الكهرومغناطيسية (وهي موجات لا تحتاج لجسم مادي للانتقال) رغم أنها قادرة على إجراء تغييرات على الشخص الذي يتعرض لها، فإن الهجمات الطاقية أيضاً، بتقديري أن لها القدرة على إجراء تغييرات كبيرة في الكيان المادي للإنسان، سواء على المستوى الحسي أو السلوكي، خاصة أن إمكانية إرسال المشاعر، الأفكار، الموجهة بدقة تكون عالية جداً لدى الأشخاص المحترفين لهذا المجال، بل وحتى غير المحترفين بمجرد تطويرهم لقدرات معينة يكون بإمكانهم التواصل والتأثير عن بُعد، بشكل جيد، واللافت جداً أن إجراء التأثير عن بُعد يمكن أن يتم دون أن يدرك الطرف المستهدف ذلك تماماً. ومثلما يمكن استخدام بعض المحفزات (الضوئية، الصوتية، الطاقية، الكهربائية، الكيميائية) والارتجاع البيولوجي، في تطوير قدرات الدماغ وتحسين مستويات التعلم والانتباه والكفاءة، بل وإجراء تغييرات دماغية، لدرجة يمكن ان يصل فيها الشخص خلال بضعة أسابيع فقط لنتائج مذهلة، يمكن للشخص العادي أن يصلها خلال عشرين عام!، وقد جرى اثبات ذلك وفق احدى البحوث العلمية. فإنها يمكن ان تستخدم بشكل سيئ للغاية ايضاً، فهذا النوع من المعرفة بكل أجزائه، البشرية والتكنلوجية، هو سلاح فتاك ذو حدين، فلا يمكنك مغادرة فكرة استخدامه في مسائل التطوير ورفع مستوى القدرات، ولا يمكنك ايضاً تخيل حجم الكارثة والسوء إذا جرى استخدامه بشكل سيئ لتدمير المجتمعات البشرية.

ودليل ذلك حاضر في أيامنا هذه، فمنذ سنوات طويلة تستخدم العديد من المؤسسات العسكرية وأجهزة المخابرات في العالم هذه المعرفة وهي تتكتم على الكثير من أسرارها للحفاظ على مستوى التفوق والقدرة لديها و الامن القومي. وهنا علينا الاعتراف بإن تحقيق الامن والاستقرار عملية شاقة للغاية ومسؤولية جسيمة تتطلب توظيف واستخدام كل وسيلة ممكنة من أجل ذلك، ومن هذا المنطلق أتفهم هذه السرية التي تفرضها تلك المؤسسات على هذا النوع من المعرفة، ولكن الخوف والسوء يأتي من الأنظمة العدوانية والأطراف الخارجة عن القانون، كالجماعات الإرهابية والعصابات الدولية المُنظمة والمافيات، وغيرها من الأطراف المشابهة، فهذا النوع من المعرفة يجري استخدامه ويمكننا ملاحظة نتائجه بشكل واضح أو أقل وضوحاً، في العديد من المظاهر والظواهر من حولنا في العالم المادي!.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى