حروب قطر على الجميع (فاروق يوسف)

 

فاروق يوسف

ايُعقل أن تكون قطر قد خططت لأن تضع يدها على مصر من خلال جماعة الاخوان المسلمين التي تدعمها؟ شيء لا يصدق عاقل وقوعه. غير أن الوقائع أثبتت أن قطر كانت أكبر المتضررين من خلع الرئيس الاخواني محمد مرسي.
ردود فعلها الغاضبة على ما جرى في مصر تقول ذلك.
كانت السنوات الاربع الماضية قد شهدت تضخما قطريا على المستوى السياسي لا يتناسب وحجم الدولة الخليجية الصغيرة، فهل حدث ذلك بسبب جنون ذاتي أم أن الزعامة القطرية كانت مجبرة على الدخول في مغامرات، رسمت أطراف دولية خرائطها؟
إذا ما قفزنا على ضعف جامعة الدول العربية في هذه المرحلة العصيبة، وهو ما جعل تلك المؤسسة في أحيان كثيرة ترتدي عباءة قطرية، فان الدور الخطير الذي لعبته قطر في الحرب التي شنتها قوات حلف الناتو على ليبيا انما يشير إلى تسويق غربي لطريقة قطر في النظر إلى حجمها المتخيل في المجتمع الدولي.
فهناك من يؤكد أن تلك الحرب ما كان لها أن تقع لولا التمويل القطري.
وهو ما دفع قطر إلى أن تعتبر نفسها راعية لمرحلة ما بعد القذافي في ليبيا.
وإذا ما كانت قد فشلت في حلمها الامبراطوري في ليبيا، بسبب ما أنتهى إليه الوضع هناك من تعقيدات، كانت قطر، بسبب محدودية قدرتها على التحكم بما أفرزه الواقع الليبي المتفجر من قوى مقاتلة على الأرض عاجزة عن فهمه، فان ما جرى في سوريا قد أحيا ذلك الأمل في خيالها.
يقال أنها انفقت حتى الآن ستة مليارات في تمويل جماعات مسلحة، مختلفة الولاءات والأهداف، غير أن الجزء الأكبر من ذلك التمويل كان قد ذهب إلى الجماعات الاسلاموية المتشددة.
وفي وقت سابق كانت قطر قد فرضت على المعارضة السورية ضم أكبر عدد من ممثلي سياستها الاخوانيين وهو ما أفضى إلى ولادة الائتلاف الوطني السوري المعارض، الذي لم تعد الغلبة فيه لعلمانيي الثورة السورية.
كان الموقف القطري من مستقبل الثورة السورية واضحا. وهو موقف يرنو إلى أن تكون سوريا ما بعد الأسد محمية قطرية.
وبالرغم من أن سحب الملف السوري من ايدي القطريين قد شكل انتكاسة جديدة لتطلعات قطر الامبراطورية فان قطر لم تكف عن دعم الجماعات المسلحة التابعة لها في حربها ضد الشعب السوري والجيش السوري الحر معا.
كل هذا كان معلنا، ولم يكن مفاجئا أن تنحاز قطر في ظل صمت غربي إلى الجماعات الظلامية التي صارت تنشيء امارات سوداء في المدن السورية التي تستولي عليها، غير أن المفاجئ فعلا أن تستغل قطر انشغال العالم العربي بما يجري في سوريا وسواها من البلدان العربية التي تشهد تحولات جذرية في طريقة الحكم لتشن حربا سرية على شقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي.
كان الاعلان السعودي والاماراتي والبحريني صادما.
فهل قررت قطر أن تشن حربا على الجميع؟
ليس من اليسير تفكيك ذلك اللغز.
فإذا كانت قطر قد استقوت بمالها على دول من مثل تونس ومصر وسوريا واليمن فما الذي تملكه وسيلة للاستقواء على جاراتها اللواتي ينافسنها في الثراء إذا لم يكنَ أكثر ثراء منها؟
من وجهة نظري الشخصية فان الخطأ القطري كان مطلوبا.
أولا لكي تستعيد الامارة الخليجية حجمها الطبيعي.
وثانيا لكي تتم السيطرة في هذا الوقت بالذات على الجماعات الارهابية التي اختصت قطر في تمويلها.
لقد صار معلنا اليوم أن قطر دولة راعية للارهاب. وإذا ما كان العالم الغربي حتى هذه اللحظة لم يصنفها كذلك فلأنه ينتظر منها أن تكشف المزيد من خفايا ذلك العالم السري الذي كانت تنفق عليه، لا أثناء السنوات الاربع الماضية، بل طوال السنوات التي تربع فيها الحمدان (ابن خليفة وابن جاسم) على سدة الحكم.
قد تسعى قطر إلى المصالحة مع شقيقاتها الخليجيات، غير أن سجلها الارهابي لن يُطوى بما يتوقعه خيالها من يسر.

ميدل ايست أونلاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى