أحكاية جحر الديك العجائبية ! أفقت صباحاً، وكان صوت أذان الفجر يرتفع من كل مكان في أنحاء دمشق، فالمآذن تكسر حدة العتمة عندما تتوهج مصابيحها مع تلك اللحظات الخالدة من حياة المدينة التي أحب ..
تفقدت الأحواض الفخارية والبلاستيكية، الموزعة على التراس، خوفا من أن تكون عطشى، ورحت أنقل إليها الماء بوعاء بلاستيكي أبيض وأوزعه بالتساوي ..
نبتة عرف الديك، التي زرعتها في حوض صغير قبل أسبوع . تطاولت بزهرتها الأرجوانية، وكأنها تناديني. جعلتني أشعر بثقة كبيرة . كما وبجهودي في عملية الزرع والعناية بالأصص والأزهار أيضا. فمسحت عليها برقة، وقلت يا سبحان الله تطاولت بفخر وكأنها تتحداني!
توهجت أضواء الحي الذي أسكن فيه، فقد حل دورنا في الكهرباء.
عدت من التراس إلى الصالون، وسارعت لإشعال التلفزيون لأتابع ما الذي حصل في غزة أثناء نومي، وبينما كانت الشاشة تتوهج، كنت أسأل نفسي : هل نام أهلنا في غزة مثلنا؟ هل ارتفع أذان الفجر فيها كما ارتفع هنا ؟!
جاء صوت مذيع التلفزيون بأخبار الفجر، وعرض صورا للمنطقة حيث يضرب رجال المقاومة قوات الاحتلال بإصرار وعزيمة وشجاعة أيضا. وكانت المحطة تعيد المشهد الذي جعلني أشعر بأهمية هذا الاسم العظيم لقرية صغيرة في وادي غزة اسمها جحر الديك !
خرجت إلى التراس من جديد . ومسحت بيدي على زهرة عرف الديك الأرجوانية التي أعادتني من جديد إلى قرية (جحر الديك) في غزة. وكنت قرأت عنها وعن بطولاتها قبل نحو عشر سنوات، وسجلت وقتها للعالم حكاية أسطورية يفترض أن تأخذها قصص السينما والدراما. على الأقل تلك الجزئية التي صاغها البطلان (أبو أنس و أبو حمزة) وهما يدافعان عن قريتهما الصغيرة. التي دمر الاحتلال 580 بيتًا من بيوتها في ذلك الوقت (عام 2014).
أعد المقاومان أبو أنس وأبو حمزة كمينا لقوات الاحتلال ، وانتظرا ثلاثة عشر يوما في مكانهما في شهر رمضان. وكانا خلال القصف الجوي العنيف والضاري، يتنقلان من حفرة إلى حفرة، يتسلحان بعزيمة الصبر والشجاعة والإيمان بحق الوطن أن يعيش ويقاوم أيضا. وكان غذاؤهما الماء فقط.
حكاية جحر الديك العجائبية : وتقول الحكاية إنه في تمام الساعة 6:30 صباحاً من الحادي والعشرين من تموز عام 2014، تقدم قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي مع دبابة (ميركافا) وقطعت مكان العبوة التي تزن ستين كيلو غراما ، ثم عادت لتلقى مصيرها المحتوم .
فجر المقاومان العبوة ، فتطايرات أجزاء الدبابة ، وتناثرت أشلاء الجنود، وانصبت الحمم على مكان المقاومين اللذين انسحبا بعد أن نفذا الكمين بنجاح، ولم يصابا بأي أذى . والمفاجأة أنهما عادا مرة ثانية إلى المكان نفسه ليشاهدا الحطام المتناثر والهزيمة المرة التي لحقت بالجنود .
هذه واحدة من حكايات جحر الديك قبل نحو عقد من الزمن، ومن الممكن أن نبحث عن حكايات جديدة في الحرب الحالية على غزة ، حكايات أقل مايقال عنها أنها أسطورية ، يجب أن تتعلم منها الأجيال ..
مسحت من جديد على زهرة عرف الديك، وكان الفجر قد شقشق من جهة الشرق !
بوابة الشرق الأوسط الجديدة
لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك
لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر