كتب

حين يقتل الابن الصالح أمه!

 “جريمة الابن الصالح” رواية جونج يو جونج أشهر كاتبة لروايات الإثارة النفسية في كوريا الجنوبية هي رؤية نفسية لعلاقة معقدة بين ابن وأمه في إطار من التشويق، ومن خلال راوي “يو جين” غير موثوق به. ففي وقت مبكر من صباح أحد الأيام يستيقظ “يوجين” على رائحة دم غريبة. يدرك أنه مغطى بالدماء، من رأسه حتى أخمص قدميه،وسرعان ما يكتشف جثة أمه المقتولة وسط بركة من الدماء داخل شقتهم الأنيقة. وبسبب نوبات الصرع المتكررة التي عانى منها طوال حياته، يجد “يو جين” صعوبة دائمًا في التذكر. كل ما يتذكره من ليلة الأمس هو صوت أمه ينادي باسمه.

يحتاج “يوجين”إلى بعض الوقت لإعادة توازنه النفسي، يتساءل من أين يأتي كل هذا الدم؟ من الواضح أنه لم يصب بأذى، لكن ماذا حدث في الليلة السابقة؟ عندما يستكشف المنزل، ويجد والدته مطعونة. هل كانت هناك عملية سطو لا يتذكرها؟ ومع ذلك، لا توجد مؤشرات على أي اقتحام. هل هو نفسه فعل ذلك؟ إنه مرتبك ولا يذكر أي شيء عن الساعات التي سبقت نومه، ويحاول يائسًا سد الثغرات بينما يحاول أيضًا معرفة ما يجب فعله لأن كل شيء يشير إليه باعتباره القاتل. هل يجب أنتختفي جثة أمه، وإلا فمن الواضح أنه سيكون المشتبه به الرئيسي؟ ومع ذلك، يحاول الاستفسار عن جريمة القتل، وبالتالي يبحث في غرفة والدته حيث يجد يومياتها – الملاحظات التي ستكشف له الكثير عن عائلته، وشقيقه، وقبل كل شيء، عن نفسه.

لسنوات يتم علاج يو جين البالغ من العمر ستة وعشرين عامًا من علاج الصرع، للسطرة على النوبات التي بدأت معه منذ الصغر، الأمر الذي أثر بشكل واضح على ذاكرته. على الرغم من معرفته أنه يحتاج إلى دوائه للبقاء على قيد الحياة، يتوقفبشكل دوري عن تناوله. تعرف والدته هذا، وكلما اكتشفت أنه توقف عن تناول حبوبه، تعيده إلى المسار الصحيح وتجبره على تناولها. الآن مع اكتشاف جثتها يعمليو جين على لم شتات ذاكرته حول ما حدث الليلة الماضية. الجواب المنطقي هو أنه فعل هذا، هو قاتل أمه، لكن لماذا يقتلها والدته؟ ما الذي جعلهيفقد عقله؟ هل الأمر نوبة صرع أم أن الأمر أبعد من ذلك؟.

يستخرج يو جين ذكريات من حياته كلها، يقرأ يوميات أمه، يجدها مفتاحًا لمساعدته في كشف الحقيقة، إنه يظهر ظلام العقل البشري وكيف يمكن أن يكون الحب العائلي خطأكارثيا في بعض الأحيان. ومن هنا يركز جزء كبير من الرواية على علاقة يو جين بوالدته. حيث نعرف إن والدته عاملته كوسادة، منعته من الاستمرار في السباحة التنافسية التي أحبها؛ حيث كان يشعر براحة أكبر في المسبح أكثر من أي مكان آخر لأنه “كان المكان الوحيد الذي لا تستطيع الأم الدخول إليه؛ كان عالمي حصريًا”. لقد أزعجته، واستجوبته باستمرار حول مكان وجوده، وفرضت عليه حظر تجول بدءا من الساعة 9 مساء، وتناول قرص من الأقراص المنومة التي وصفتها لها خالته مديرة إحدى المصحات النفسية،وسيطرت بشكل صارم على مصروفه، “تضخ أمي خوفًا لا متناهٍ في مجرى دمي”.

وأخيرا يبقى أن نشير إلى تطور حبكة الرواية التي ترجمها محمد نجيب وصدرت عن دار العربي تحمل قسوة رائعة كونها كاشفة لاضطرابات وتناقضات النفس الإنسانية. تحليل نفسي لرجل شاب واعد لا يعرف نفسه جيدًا كما كان يعتقد، المشاعر المتناقضة للغاية، والتي تجعل القارئ يتأرجح عاطفيا بين الشفقة والاشمئزاز، بين الأمل في أن يفلت من العقاب وبين ضرورة معاقبته حتى لو كان تصرفه مفهوم ومنطقي تمامًا.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى