خبراء: بوادر انشقاق الرئيس الروسي عن النظام السوري (محمد نعيم)

 
محمد نعيم

أكد خبراء استراتيحيون لـ "إيلاف" اتخاذ الحكومة الروسية اجراءات عسكرية متتالية، يُشتمّ منها تخلي بوتين عن الأسد، أهمها أنباء انسحاب الأسطول الروسي من المياه السورية، تجنبًا لأي صدام مع الغرب، في حال اتخاذه القرار بالتدخل عسكريًا في سوريا.
شهدت العلاقات الروسية السورية تحولاً عسكرياً غير مسبوق استناداً الى تسريبات استخباراتية إسرائيلية، اكدت تراجع الدعم والتأييد العسكري الروسي لنظام الرئيس بشار الاسد، إذ تشير التسريبات التي يدور الحديث عنها الى أن حكومة موسكو قامت بثلاث خطوات عسكرية، تؤكد تراجع الرئيس الروسي فلادمير بوتين عن توفير الغطاء العسكري للنظام السوري حال تعرض الأخير لهجوم عسكري من قبل الولايات المتحدة أو اوروبا، ووفقاً للتسريبات التي نشرها موقع NFC الإسرائيلية، سحبت روسيا سفن اسطولها البحري من مناطق في مياه البحر الابيض المتوسط مقابلة للشواطئ السورية، كما جمدت استخدام قواعد الاسطول الروسي في ميناء طرطوس، فضلاً عن قرارها وقف امداداتها العسكرية لنظام بشار الاسد.
تعليقاً على تلك التسريبات، أكد الخبير الاستراتيجي احمد عز الدين، لـ"إيلاف" أنه اذا صحت تلك المعلومات، فلا يعني ذلك فقط أن موسكو حيّدت علاقتها العسكرية مع سوريا، وانما قررت ابعاد قواتها بسرعة عن منطقة الشرق الاوسط حتى لا يكون لها تصادم عسكري مع الولايات المتحدة، اذا قررت الادارة الاميركية أو اوروبا أو دول عربية التدخل عسكرياً في سوريا.

 التعويل على نظام الاسد لم يعد ناجعاً

وبعبارة أخرى، يؤكد الخبير عز الدين: "باتت التقديرات الاستخباراتية السائدة في روسيا، تؤكد أن التدخل العسكري الغربي – العربي في سوريا، اضحى أقرب من اي وقت مضى، وأنه ينبغي على المستوى السياسي الروسي الاستعداد لليوم الذي يلي نظام الاسد، خاصة أن التعويل كحليف في منطقة الشرق الاوسط لم يعد ناجعاً، ولابد من التعاطي مع الحلفاء الجدد، الذين سيخلفون بشار الاسد في قيادة البلاد، بالإضافة الى قناعة الرئيس الروسي بضرورة تفادي التصادم بالقوى الاقليمية المناهضة لنظام الأسد".
ويشير الخبير عز الدين في حديثه لـ "إيلاف" الى أن قرار سحب السفن الحربية الروسية لا يمكن أن يصدر عن شخصية روسية اقل من الرئيس فلادمير بوتين، وأن اعتراض عدد من الدوائر العسكرية الروسية على هذا القرار، ربما كان سبباً في سلسلة البيانات العسكرية السرية في موسكو خلال الايام القليلة الماضية، والتي تحدثت عن مستقبل قواعد الاسطول الروسي في طرطوس، فضلاً عن مدة بقاء الكوادر العسكرية الروسية في سوريا.
هل يتخلى بوتين عن الأسد؟
وتستند التسريبات الإسرائيلية في ترسيخ ما افادت به من معلومات الى التصريحات التي اطلقها قائد الاسطول الروسي الادميرال "فيكتور تشيركوف" في الثاني والعشرين من آب/ اغسطس الجاري، مشيراً الى "أنه اذا وصلت الحرب ضد سوريا الى ميناء طرطوس، فمن المحتمل أن تخلي موسكو قطعها البحرية من المدينة ومن السواحل المقابلة لسوريا"، على الرغم من ذلك اشار تشيركوف الى أن قرار كهذا لا يمكن أن يتخذه سوى الرئيس بوتين شخصياً، ويشير التقرير الإسرائيلي الى أنه للمرة الاولى يعلن قائد عسكري روسي كبير أن بلاده تعتزم سحب قواتها العسكرية من سوريا على خلفية احتمال اندلاع مواجهة عسكرية متعددة الجنسيات ضد نظام بشار الاسد.
وتشير المعطيات الإسرائيلية الى أنه في المقابل وبعد اسبوع واحد من تلك التصريحات وتحديداً في الثامن والعشرين من الشهر ذاته، اعلن قائد اركان الجيش الروسي، الجنرال "نيكولاي ماركوف"، أنه لم يطرأ أي تغيير على جدول اعمال الجيش الروسي المتواجد في سوريا، وأنه لن يتم اخلاء قواعد الاسطول الروسي من ميناء طرطوس السوري، وأضاف أنه من السابق لأوانه الحديث عن الهروب من سوريا، وفي رده على سؤال غير تقليدي من صحافي روسي حول التوقيت الذي تعتزم فيه روسيا سحب قواتها من سوريا، اجاب قائد الاركان الروسي بسؤال مباشر، وقال: "لماذا كل هذا القلق من الوضع في سوريا".
 

تباين التصريحات العسكرية الروسية حيال سوريا


من جانبه، يرى الدكتور طارق فهمي، استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن تباين المواقف الواضح بين تصريحات قائد الاسطول الروسي وقائد اركان الجيش، يعكس حالة السجال التي سادت الاوساط العسكرية وربما السياسية في موسكو حول انهاء مهمة الجيش الروسي أو بقائه في سوريا، ومن غير المستبعد أن يكون الرئيس الروسي اجرى اتصالات مع قوى اقليمية ودولية، واصدر على خلفيتها قراره، للحفاظ على دور بلاده المستقبلي في منطقة الشرق الاوسط، خاصة بعد الاطاحة بنظام بشار الاسد، الذي بات قاب قوسين أو ادنى من السقوط وفق معظم التقديرات.
وفي حديثه الخاص لـ "إيلاف"، قال الدكتور طارق فهمي: "هناك العديد من الخطوات العسكرية التي اتخذها النظام الروسي خلال الاسبوعين الماضيين، يأتي في طليعتها الغاء الحكومة الروسية للمناورات العسكرية الواسعة Caucasus 2012، التي كان من المقرر اجراؤها في منطقة الشرق الاوسط، وكانت تحمل العديد من الرسائل الداعمة والمؤيدة للنظام السوري، ثانياً: إن الاسطول الروسي وضع في منطقة الشرق الاوسط 11 سفينة حربية روسية بعد أن جمعها من ثلاثة اساطيل روسية هي الاسطول الشمالي، اسطول البلطيق، واسطول البحر الاسود، الا أن هذه السفن عادت جميعها خلال الاسبوعين الماضيين الى قواعدها، ثالثاً: إن روسيا ابلغت الرئيس السوري بشار الاسد خلال الايام القليلة الماضية بأنها جمدت مساعداتها العسكرية لجيشه، وستقتصر المساعدات الروسية على تزويد سوريا بالمعلومات الاستخباراتية، وتقديم المشورة والنصح للجيش السوري عبر الخبراء الروس في قضايا لوجستية".
كما كشف الدكتور فهمي النقاب عن أن الدوائر الروسية لا تتناول من قريب أو بعيد توقفها عن تزويد سوريا بالسلاح بما في ذلك قطع غيار المنظومات العسكرية الروسية، التي تشكل السواد الاعظم في الآليات القتالية التي يتسلح بها الجيش السوري، وتكتفي موسكو فقط بالإشارة الى أنها لا تعتزم في المستقبل المنظور تقديم معدات عسكرية جديدة للنظام السوري. وبحسب الدكتور طارق فهمي، فإن سفينة الاسطول الروسي الوحيدة التي لا تزال رابضة في ميناء طرطوس السوري، تنتمي الى طراز PM-138، وستغادر هي الاخرى الميناء السوري لتعود في غضون شهر ايلول/ سبتمبر المقبل الى البحر الاسود.

 

موقع إيلاف الألكتروني    

         

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى