خفقة القلب (20)

ماذا أقول وقد أكلتْ لساني ؟! دون قصد أحاول أن أضع مخزون ذاكرتي على الورق واضعاً طيفها بين أهداب جفوني ومتكئاً على بقايا آخر النبض لديّ! حقاً حين تزداد المشاعر تضيق الكلمات !

القهوة صديقة اللقاءات .. بينما كانت قريبتي تعّد فنجان القهوة ، تلفّتُ حولي ، لم ينتبه إلينا أحد ، أيقظتُ حواسي التي كانت مخدرة ،نظرتُ إلى يدها التي تراخت بجوارها ، غالبتُ ترددي ومددتُ يدي تبحث عن يدها فلمستها ،وراحت تمسك بها، وتقبض عليها، وتقبّلها في شوق.. وتكهرب جسدي للمسة يدها ..ما كنت أفكر أن جرأتي يمكن أن تصل بي إلى لمس يدها في تلك الخلوة القصيرة ! ولأول مرة ألمس يد فتاة في حياتي ! ما أجمل لغة اللمس ، إنه الجلد يتغذى على اللمس بشتى أنواعه! يدها تغفو في يدي مطمئنة..يدي تحيط بيدها كهلال القمر..في عروق يدها تسري الكلمات ..لها أصابع من حرير..يدها دافئة.. يتسرب منها دفء غريب إلى غرف قلبي.. رعشات لذيذة تغزو جسدي .. جلد يدها يتغذى الحب من جلد يدي ..

الحب بسط سلطانه على الروح والقلب وانتقلت العدوى إلى الجسد وما تبقى من العقل .. نسيتُ ما في الوجود جميعاً ونسيت نفسي ومن حولي .. السعادة في متناول يدي ثمرة ناضجة ..اليد في اليد ،والقلب مع القلب ، والروح بجانب الروح ،وماذا أريد أكثر من ذلك ؟! لم أكن أطمع بالمزيد، فقط وددت لو يتوقف الزمان بيننا على نحو ما ! ارتمت اليدان كل منهما في حضن الأخرى وتسربت أشواقنا إلى دمائنا، ورحتُ أسمع صوت دمها يجري في عروقي! ارتجفتْ أصابع يدها واضطربتْ واشتعل الحب ،وأحسّتْ بالدفء يسري في أوصالها كما لو أن تياراً مخدراً ينساب إلى عروقها ويسلبها القدرة على الرفض ، احتفظت بيدها، حاولتْ أن تقاوم اليد الممدودة إليها لكن مقاومتها لم تستمر طويلاً، وسرعان ما استجابتْ ليدي، وتركتها تذهب معي وهي لا تدري إلى أين سيأخذها ضعفها واستسلامها ! يدها دافئة وطرية كالحرير تنام في كفي..ناعمة كيد طفل ولد منذ لحظات..وسرى دفء العالم في يدي، ألامس أطراف أصابعها كحبال الحرير، تنتابني قشعريرة ، يا الله لا أصدق .. أصابع يدها في ضيافة أصابعي، حرارة لذيذة تتوهج في أصابعي ، تعرّقت أصابعي وتصاعدت النشوة في نسغي كشجرة دائمة الاخضرار ، وتساءلتُ هل هذه درجة حرارة الجلد البشري وملمسه اللذين أحسستهما بين أصابعي ؟

كنتُ مشغولاً بالإنصات إلى أصابع يدها تتنزّه مع أصابع يدي ،تلك هي أصابع الحب !أصابعها محبوكة بأصابعي احتباك ضفائرها، عناق الأصابع قصة جميلة وحكايات لا يفهمها إلا العشاق! ارتبكتْ الأصابع وهي تتعانق وتتبادل الأفكار والحوار الفصيح والصامت، بالاتصال المباشر وبدون وساطة الكلام، وحدها الحواس لا تكذب ! أكاد لا أصدق ..يدي مملوءة بالأصابع، وراحتْ أصابع يدي تتفقد كل اصبع من أصابع يدها، وتركتُ لها حرية الضغط على كفها ، وراحتْ تتحسس الشرايين النائمة تحت جلدها الرقيق، وأصبحتُ كمن أمسك الدنيا بقبضة يده.. اعتقلتُ يدها وأودعتها كل عزيمتي وقوتي حتى لا تستطيع انتزاعها لو أرادت، وشعرتُ بأنه لا يمكن لأي قوة في العالم أن تنزع يدها من يدي ويطلق سراحها، كانتْ أناملها أشبه بريشة موسيقار يضرب بها على أوتار قلبي! مددتُ يدي لأمسح على خصلات شعرها ، لكن يدي توقفت في منتصف الطريق فما زال يوجد حدود بيننا لا يمكن تجاوزها !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى