خفقة القلب (30)

أتكلم إليكم بلسان عقلي وقلبي وفم قلمي : كل كلمات الدنيا لا تملأ الفراغ حين يغيب من نحبه ونشتاق إليه.. الذي لا يعرف قلب المرأة لا يعرف قلبه ، ولا يعرف الحب ! والذي لا يحاسب نفسه في علاقته مع المرأة تحاسبه الحياة عن استهتاره بمقدساتها، وتدنيسه الإناء الطاهر الذي اختاره مستودعاً لبذاره!

شيء ما بداخلي أكّد لي أن زوجة قلبي ستترك بصمة عميقة لا تمحوها الأيام والسنون ، فجذور حبها في قلبي أقوى من أن تقتلع بأية عاصفة! كانتْ مسلحة بأسلحة الغرام الشامل .. خطفتْ قلبي بأنوثتها وحيائها.. نمت بذور الحب وبدأتْ أوراقه تنمو في أغصان قلبي ، وتتفتح الأزهار وتصبح ثماراً ، فكما أن الأزهار تلد الثمار ، فإن الأفكار تلد الكلمات ! الثمار هي الفرح للأشجار ، الحب هو الفرح للقلب ، الإبداع هو الفرح للقلم ، والقبلات هي الفرح للشفاه ! من ذاق طعم الحب لن ينساه،لا يحتاج الإنسان ليتعلم دروس الحب ، فالذي يعلّم الإنسان كيف يحب ، كالذي يعلّم الماء كيف ينحدر في السواقي ، كالذي يعلّم الشمس كيف تداعب بأشعتها الذهبية زهرات الربيع، وكالذي يعلّم الرضيع كيف يلتهم ثدي أمه !

ذات مطر ..جاءني صوتها كرائحة خبز التنور الطازج ، وكرائحة التراب بعد شوق الأرض للمطر، فما أجمل عبير تلك التربة المبللة التي يخلّفها الشتاء ، وما أعذب رائحة النساء ..كل النساء! شعور مفاجئ بالاشتياق إليها ورغبة مجنونة لرؤيتها وسماع صوتها ..كم أنا مشتاق لذكريات الماضي.. دعوني أكسر الصمت بكلمات قليلة ..ثمة أمور عديدة تخفيها الكلمات..لا جدوى من الاحتماء بمظلة الكلمات..هنالك كلمات ذات شفافية فاضحة، تبدو عارية كفتاة حاضرة البحر بثوب مبلل يلتصق على جسدها! حين لامس صوتها أذنيّ وانصبّت كلماتها فيهما ، أحسستُ له نبرة لم أسمعها من قبل في أصوات الجنس الناعم ، بقي في أعمق مكان من أذنيّ، مدفوناً في رأسي ،يحتلني ويتجول في أرجاء ذاكرتي ،فقد شقّ الأذن وشقّ الرأس ودخل الدماغ ! باتت تسكن خيالي..أحسّ بقاسم مشترك بيني وبينها .. تفهمني أكثر من نفسي وتشعر بي دون أن أتكلم..بات صوتها أعذب الأصوات ، ناعم يرنّ في أذني ، يُذهلني ويُطمئنني ويُشعرني بلذة العذاب ، شلال الفرح الهادر من صوتها، المشحون بالحب ، يناديني ويعطر أنفاسي ، يسبقني الشوق إليها ، ويسافر خيالي معها !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى