خلافات ليبية جديدة: الانتخابات أبعد
خلافات ليبية جديدة: الانتخابات أبعد… بينما خرقت التحركات الداخلية والخارجية الجمود على الساحة الليبية، باجتماعات سرية بين مسؤولين ليبيين وأطراف إقليميين ودوليين معنيين بالملف، بينهم مسؤولون مصريون وأتراك وإماراتيون، لم تسفر هذه الاجتماعات، حتى الآن، عن تصورات لحلحلة الوضع. وبذلك، تتضاءل الآمال بالاتفاق على مسار سياسي لتسليم السلطة لحكومة وبرلمان منتخبين، خصوصاً في ظلّ بروز صعوبات جوهرية أمام إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، على الرغم من محاولات المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، منح فرصة للتفاوض وتقديم تنازلات.
وفيما تزدحم لائحة المرشحين لرئاسة الحكومة وعضويتها، يوماً بعد آخر، تزداد صعوبة التوافق على مرشح واحد، في ظل رغبة واضحة من الأطراف كافة في نيل حصة في المناصب الحكومية، قبيل التوافق على اسم رئيسها. ومع هذا، تشير التوقعات إلى احتمال تشكيل الحكومة بحلول الخريف المقبل، مع وضع جدول زمني للعملية الانتخابية التي قد تجري في الربع الأول من 2024، وهو الموعد الذي يرجّحه عدد من الأطراف.
وفي خضم العمل على تعديلات قوانين الانتخابات المعدة من قبل لجنة «6+6»، لا يزال يتعذّر التوافق السياسي على جميع البنود الخلافية، والتي لا تزال قيد البحث من أجل صياغات أكثر إحكاماً وتوافقاً مع طلبات مفوضية الانتخابات. وحتى الآن، يبدو هذا المسار مليئاً بالألغام، سواءً في ما يتعلّق بشروط الترشح أو ضوابطه، في ظلّ غياب صياغات بديلة لاعتمادها في الوقت الراهن، واشتراط موافقة مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» على البنود المطلوبة كافة، من دون التحفظ على أي بند في القانون.
بالتوازي مع ذلك، صوّت البرلمان الليبي على اختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية بشكل مفاجئ، على الرغم من صدور حكم عن المحكمة العليا بعدم دستورية هكذا خطوة، وهو ما من شأنه إضافة مزيد من التعقيدات إلى الوضع القانوني، بما يصعّب أكثر فأكثر إجراء الانتخابات مستقبلاً. ووفق ما جاء في بيان البرلمان الليبي، فإن النواب صوّتوا في جلسة مغلقة على اختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية مع إعفاء رئيس “هيئة الرقابة الإدارية” وأعضاء مجلس إدارة «مجلس التخطيط الوطني» وتعيين بدلاء منهم. وفي حين يحقّ للمحكمة الدستورية الفصل في القضايا والطعون المرتبطة بالجوانب الدستورية والقانونية، بموجب القانون الليبي، فمن المتوقع اشتداد الخلافات، بخاصة مع رفض «الدستورية» المتوقع لقرار تغيير قادتها.
أيضاً، من المتوقّع أن تؤدّي خطوة البرلمان إلى تجدّد الخلافات بينه وبين و«الأعلى للدولة»، على الرغم من حلحلة جزء كبير منها في الفترة الماضية. إذ إن الخطوة المشار إليها جاءت برغم تأكيد «المجلس» رفضه أيّ تعديلات خاصة بقانون المحكمة الدستورية أو وضعها، باعتبار أن هذه المسألة دستورية وليست لها علاقة بالصلاحيات المخولة للسلطة التشريعية.
بالنتيجة، يبدو واضحاً أن الأطراف الليبيين لا يرغبون في الوقت الحالي في إجراء الانتخابات أو حتى البدء في المسار السياسي بشكل فعلي، مع الاكتفاء بالمفاوضات والمناقشات التي لا تنتهي، في حين يفضّل المبعوث الأممي منح فرصة أخيرة، لكن هذه المرة للوساطات الإقليمية الجارية حتى مع استمرار الخلافات والصراعات على تقاسم السلطة.