دعم واشنطن للأقليات في الاقاليم المشتعلة يطفو من جديد؟! (أنطوان الحايك)

 

أنطوان الحايك  

أجرى دبلوماسي شرقي قراءة معمقة لكل ما يجري في المنطقة العربية، بدءاً من ايران مروراً بالعراق وسوريا فلبنان، ليخلص إلى التأكيد بأن المشروع الأميركي المعد للمنطقة باسرها هو حماية الأقليات، ودفعها باتجاه التألف في ما بينها، تمهيداً لانشاء جبهة عريضة تقف حائلاً بين تمدد السنية السياسية باتجاه الشرق الأوسط عموماً واسرائيل خصوصاً، تمتد من مضيق هرمز إلى البحر الأبيض المتوسط، بيد أن واشنطن تهدف إلى حماية منابع النفط والغاز ومعابرها بعيداً عن مكامن الخطر التكفيري، بعد وصول ظاهرة الارهاب إلى حدود بعيدة لا يمكن الركون لها بأي شكل من الأشكال، بفعل خروجها عن دائرة الضبط وخرقها للسقوف والخطوط الحمراء التي عادة ما ترسمها مصالح الدول الكبرى الاقتصادية والسياسية على حد سواء.
وتوقف الدبلوماسي عند المفاوضات الايرانية – الغربية، وما رافقها من محطات وتنازلات مقدمة من الدول الغربية ومن واشنطن، أبرزها البدء برفع الحظر والافراج عن بعض الأرصدة والأصول المجمدة لايران، في مشهد ينم عن تعاون منسق يسير وفق أجندة دولية شديدة الدقة والحساسية، بحيث بدا أن طهران هي التي تشكل رأس حربة هذا الائتلاف القائم على الأقليات، في ظل مؤشرات تؤكد أن واشنطن والدول الحليفة لها ترعى هذا المشروع وتعمل عليه، في اطار معادلة قوامها ضرورة المحافظة على المكتسبات التي حققتها ايران واضافة بعض الضمانات لشيعة البحرين واليمن.
وينتقل هذا الدبلوماسي إلى تشريح المشهد  العراقي، فيشير إلى أن واشنطن تعترف بالمصالح الاستراتيجية لجارتها ايران لوقوعها على حدودها أولاً، ولاعتبارها أن شيعة الأهواز هم من العراقيين، وبالتالي فإن حق طهران في بعض المكاسب مشروع للغاية، ودعم واشنطن لها في الانتخابات العراقية الأخيرة التي أدت إلى عودة مظفرة لرئيس الوزراء نوري المالكي هو خير دليل، مع الاشارة إلى أن الخارجية الأميركية لا تمانع ذلك بالرغم من الاعتراضات السعودية التي لم تصل إلى أي مكان أقله حتى الآن.
بالعودة إلى المشهد السوري وترابطه مع العراق وايران، يلاحظ الدبلوماسي أن واشنطن تبقى الرافعة غير المعلنة للنظام السوري، وهذا الدعم يظهر جلياً في عدد من المحطات، أبرزها غض النظر عن العنف المفرط الذي يلجأ اليه الجيش السوري في التعاطي مع الحرب الدائرة، اضافة إلى بعض الشكوك حول حصول أجهزة الأمن السورية على معلومات استخباراتية عن المسلحين عبر الأقمار الإصطناعية الأوروبية، وهذا أمر بات محسوماً خصوصاً في الأيام والأسابيع الأخيرة الماضية، حيث يعمد الجيش إلى استهداف مستودعات الأسلحة العائدة للمعارضة، اضافة إلى الرؤوس الكبيرة استناداً إلى احداثيات جوية دقيقة وعالية التقنية.
كما أن هذا لا يلغي واقع أن واشنطن لم تعد من الممانعين للحسم العسكري، القائم على تدمير أهداف ارهابية عالية التقنية وشديدة الخطورة، وكل ذلك في مشهد داعم للنظام السوري، ناهيك عن سكوت أميركا والدول الغربية المستجد عن مقاتلة "حزب الله" وكتائب عراقية إلى جانب اللجان الشعبية، بدليل عدم تطرق الاعلام الغربي إلى هذه المشاركة منذ سقوط القلمون، بما يؤكد نظرية الدعم الأميركي للأقليات في محاولة لاستكمال ما كان قد اطلق عليه في السابق تسمية "الهلال الشيعي".

الالكترونية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى