دمشق … و انا
أنا لست من مواليد دمشق فلقد ولدت في مدينة بانياس الساحلية غير أن الأسرة لم تطل إقامتها على شاطئ البحر في بانياس كما حصل معنا حين انتقل الوالد الموظف في المالية منذ عام ١٩٤٦.
بدأ عهدي بدمشق إذن و أنا بعد في ذروة المراهقة و منذ أيامي الأولى فيها إنغمست في حياة دمشق اليومية من طالب ثانوي و جامعي حيث تدربنا على مظاهرات الطلاب و إلى تأسيس رابطة الكتاب السوريين عام ١٩٥١ و التي توسعت فيما بعد من خلال انتساب كتاب عرب إليها مثل يوسف إدريس من مصر و حسين مروة من لبنان و آخرين فغيرنا اسمها إلى (( رابطة الكتاب العرب )) بعد مؤتمر قومي بلأدباء عقدناه في دمشق في خريف ١٩٥٤ في دمشق أيضا و انتخبت على اثرها أمينا عاما للرابطة الموسعة التي انتسب إليها عدد كبير من الكتاب العرب مما جعلنا نتشارك في تأسيس (( اتحاد الكتاب العرب )) الحالي.
كل هذه المراحل و الوظائف و الأنشطة الثقافية عشتها في بيوت دمشق و حاراتها و مدارسنا و نواديها و
ملاعبها.
لقد أخذتني المدينة إليها منذ اللحظات الأولى فكانت المكان و الزمان و الملاذ و كل ما يوقف شهوة الإبداع و يحرض على المشاركة المتحمسة في المهرجان البشري المتدفق، و بهذا المعنى فإن صورة دمشق تحولت من مدينة مهددة من السلطان المعظم إلى القبض علي و بعض رفاقي فاعتقلنا و حبسنا في سجن المزة عاما كاملا ..
و ها انذا أخيراً ما أزال على قيد الحياة و أنا ازداد إيماناً بإنقاذ المستقبل المهدد و لا بد ألا نوقف العمل على انقاذ أقدم مدينة في التاريخ.