د . وليد بوعديلة: قراء في رواية “الدكتورة أحلام”للكاتب محمد زتيلي: رواية الصراع الفكري وخطاب الاقصاء

 

يكتب الأديب الجزائري محمد زتيلي في روايته الجديدة “الدكتورة احلام”(منشورات الوطن اليوم،2020)محطات هامة من التاريخ الثقافي- السياسي الجزائري،من خلال يوميات داخل جامعة جزائرية دون تحديدها فبطلة الرواية الأستاذة الجامعية أحلام هي رمز المثقف التنويري المرتبط بالفكر الغربي والمحب للنموذج الأوربي في الحياة وفي العلاقات الاجتماعية والأداء المهني،وقد درست بالجامعات البريطانية واطلعت على المدنية والحضارة تجريدا وممارسة.

وستحاول جماعات دينية متطرفة اغتيالها وتوقيف نشاطها الاكاديمي،في إشارة من الكاتب لخطاب الاقصاء والزندقة والتكفير الذي تعرفه المجتمعات العربية تحديدا ومن الشخصيات التي تتحرك في الرواية وتسهم في تشكيل عوالمها نجد الطالب الجامعي مراد،ومن خلاله يدخل السارد في حكي الأحداث داخل أروقة الكلية وفي الغرف والمطعم ،وكل مكان في الحرم الجامعي،وهذه الشخصية أضافت للنص ملامح فكرية هامة،فعبره تمكن الكاتب من طرح اشكاليات الانتقال من الريف للمدينة، ومسألة دور المال المشبوه في دعم الفكر الديني المتطرف في المجتمع…

لكن الرواية لا تحدد الزمن الذي تقع فيه الاحداث،رغم أن القارئ العارف بالتاريخ الجزاىري يمكن له أن يجد مميزات جزائر الثمانينات والتسعينيات.

لقد استفاد الكاتب من احتكاكه بالنخبة الجامعية ومن مواكبته للأحداث وتتبعه للصراعات الفكرية السياسية في الجامعات والفضاءات الثقافية،كما قدم حقائق من ذاكرة المصليات في الجامعات، وكيف انفلتت من سيطرة الدولة وتحكم فيها أصحاب توجهات دينية ليست من المرجعية الوطنية،لكن لم نجد في النص الإشارة لمساجد تميزت بخطابها الاسلامي المعتدل،كما لم تقل الرواية بعض الصراعات التي وقعت بين التيار الإخواني والسلفي في بعض مصليات بعض الجامعات الجزاىرية،خاصة في التسعينات و مابعدها.

في الجانب التقني تتجه الرواية للسرديات الكلاسيكية الواقعية،لأن السارد عارف بكل شى،وموجه للأحداث،مع حضور بارز لتقنية المونولوق عند أحلام ومراد،وسيطرة الخطاب الواقعي،ربما لأن الروائي محمد زتيلي منشغل بتقديم التجاذبات الفكرية،ولم يستدع الاسطوري والشعري والتجريبي.

استمتعت بقراءة الرواية،وهي تمنح القارئ هوية سردية فكرية وسياسية،و تقدم محطات صعبة شهدتها وتشهدها الجامعات الجزاىرية،وتبين التنوع والاختلاف في المواقف والقناعات بين الطلبة أو بين الاساتذة،وغالبا هي تسير في ثلاث اتجاهات،اتجاه الأصالة واتجاه المعاصرة،واتجاه محاولات الجمع بينهما….ننصح القارئ العربي بقراءتها .

للتذكير فإن محمد زتيلي كاتب سرد وشعر،و مثقف مخضرم عاش مختلف التحولات السياسية والفكرية بالجزائر،تقلد مناصب في قطاع الثقافة،وفي اتحاد الكتاب الجزاىريين،من مؤلفاته رواية الأكواخ تحترق1977، ديوان فصول الحب والنحو ،1982،كتاب فصول في الحركة الأدبية والفكرية،1984عودة حمار الحكيم-نصوص ساخرة.1985…

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى