رد بومبيو الوقح على وزراء الخارجية العرب يستحق الرد

 

رد مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي الذي طالب فيه وزراء الخارجية العرب بالتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بدلا من ادانة قرار حكومته بتشريع الاستيطان في الأراضي العربية المحتلة يتسم بالوقاحة وقلة الادب، والخروج عن كل الأعراف الدبلوماسية؟

وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير، عبروا عن التزامهم بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة عندما اعتبروا القرار الأمريكي باطلا ولاغيا، ولكن الوزير بومبيو بات صهيونيا اكثر من الصهاينة انفسهم، ولا يكن أي اعتبار او احترام للقوانين الدولية التي يضع إسرائيل فوقها.

والأخطر من هذا الرد الوقع، دفاع بومبيو المستميت عمن وصفهم بـ”المفكرين العرب” الذي قال انهم يخاطرون بحياتهم للدفاع عن رؤية إقليمية للسلام والتعايش بشجاعة، ويواجهون تهديدات بالانتقام وقال “نحن بحاجة الى الحوار”، فأي رؤية إقليمية هذه التي تشرع الاستيطان، وسرقة الأراضي، واي تعايش هذا الذي يتحدث عنه مع هؤلاء اللصوص، واي حوار مع الذين يطبقون أسوأ المعايير والأنظمة العنصرية في فلسطين المحتلة.

***

26 عاما والسلطة الفلسطينية تستمع الى النصائح الامريكية وتنخرط في الحوار مع الإسرائيليين، وبرعاية وسيط السلام الأمريكي، بينما ينهب الإسرائيليون الأرض، ويوطنون 750 الف مستوطن في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وفي آخر المطاف يأتي هذا الوسيط ليكسر كل المحظور ويعترف بشرعية هؤلاء المستوطنين.

هذا الموقف الأمريكي العنصري المنحاز الذي يشجع الاستيطان، ويمهد لضم اكثر من 60 بالمئة من الضفة الغربية، مع تشديد الحصار الخانق على قطاع غزة، هو الذي يهدد السلام الإقليمي ويدفع بالمنطقة الى الحروب المدمرة.

“المفكرون” العرب الذين يدافع عنهم بومبيو لانهم يروجون للتطبيع، ويساندون الاحتلال وسياساته التجويعية لاكثر من ستة ملايين فلسطيني تحت الاحتلال، هم صناعة أمريكية إسرائيلية، ويخرجون عن كل قيم العدالة العربية والإسلامية، ويجب ان يحاكموا بتهمة الخيانة، فالتطبيع خيانة مثلما اكد الرئيس التونسي الشجاع قيس سعيّد.

المسؤولون الامريكيون من أمثال بومبيو ومعلمه دونالد ترامب الذي بات دمية في يد الإسرائيليين، يضعون الشعب الفلسطيني مجددا امام خيار المقاومة المسلحة للاحتلال، فاذا كانت أمريكا التي تدعي انها تقود العالم الحر، وتغزو البلدان وتحتلها تحت اسم الديمقراطية وحقوق الانسان، تؤيد الاستيطان وتشرعه، وتحرض المستوطنين اليهود ودولتهم على انتهاك القوانين الدولية، فعن أي حوار وسلام إقليمي يتحدثون؟

إسرائيل، وبدعم امريكي رسمي، تعيد الامجاد للأنظمة العنصرية المنقرضة، وتنسخ تجربة النظام الأكثر تطرفا في هذا المضمار، أي نظام جنوب افريقيا، ولا نبالغ اذا قلنا انها تتعاطى مع الفلسطينيين أصحاب الأرض الاصليون كهنود حمر ليس لهم أي حقوق غير القتل والاضطهاد.

***

الزمن الذي كانت تحسم فيه دولة الاحتلال حروبها ضد العرب في أيام، بل ساعات معدودة، قد ولى الى الابد في ظل “ثورة الصواريخ” التي فجرها محور المقاومة، فاذا كان فصيل فلسطين واحد اسمه “الجهاد الإسلامي” قد “شلّ” برده الانتقامي على استشهاد احد قادته الميدانيين (بهاء ابو العطا) نصف دولة الاحتلال، وخسّرها اكثر من مليار دولار في اقل من يومين فقط، فعلى بومبيو وترامب ومن خلفهم كل المسؤولين الإسرائيليين، وكل “المفكرين العرب” الذين يدافعون عنهم، ان يعيدوا النظر في سياساتهم وحساباتهم.

ان يؤيد بومبيو وترامب الاستيطان، ويشرعوه، فهذا يعني اسقاط حل الدولتين الى الابد، وقيام الدولة الواحدة، أي دولة إسرائيل العنصرية التي سيتواجد على ارضها ستة ملايين فلسطيني، حالهم مثل حالة الافارقة في جنوب افريقيا وروديسيا، وستواجه حتما المصير نفسه.

الهزائم التي مُني بها حلفاء أمريكا وإسرائيل في اليمن، والثورات التي تطالب برؤوسهم الفاسدة في العراق ولبنان هي مجرد البداية، وعليهم تحسس هذه الرؤوس فالقادم اعظم.. والأيام بيننا.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى