رفع سعر الخبز ينذر بدفع لبنان لأسوأ انفجار اجتماعي

 

من المتوقع أن تشتعل الجبهة الاجتماعية في أي لحظة في لبنان في ظل انسداد سياسي وانهيار مالي أعقبته الحكومة بإجراء جديد يثقل كاهل اللبنانيين الذين يعانون أصلا من تدهور مقدرتهم الشرائية.

ففي أحدث تدبير في مواجهة أزمة السيولة وشح النقد الأجنبي، رفعت وزارة الاقتصاد اللبنانية الاثنين سعر كيس الخبز بنسبة عشرين بالمئة في بلد يشهد انهيارا اقتصاديا حادا باتت معه السلطات عاجزة عن مواصلة دعم المواد الأساسية وسط أزمة معيشية خانقة فاقمتها تدابير الإغلاق بمواجهة كوفيد-19.

وأعلن وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة الاثنين أنه “نظرا إلى الارتفاع المتواصل والحاد لسعر القمح في البورصة العالمية وارتفاع سعر صرف الدولار، وحفاظا على الأمن الغذائي”، رفعت الوزارة سعر ربطة الخبز، الحجم الكبير من ألفين إلى 2500 ليرة “كحد أقصى”، أي بزيادة قدرها 20 بالمئة.

وسبق لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أن حذّر من أن الغاء الدعم عن بعض المواد الأساسية سيدفع لبنان حتما لانفجار اجتماعي.

ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها وزارة الاقتصاد إلى رفع سعر الخبز على وقع أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان منذ خريف العام 2019، أدت إلى خسارة العملة المحلية أكثر من ثمانين بالمئة من قيمتها مقابل الدولار في السوق الموازية بينما السعر الرسمي ما زال على حاله.

وارتفعت الأسعار بنسبة 144 بالمئة، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.

وأثارت إجراءات الإغلاق العام المشددة لمكافحة فيروس كورونا المستمرة حتى الثامن من الشهر الحالي الخشية على مصير عائلات تعاني أساسا أوضاعا اقتصادية هشّة في بلد يشكل العمال قرابة نصف اليد العاملة فيه، بحسب وزارة العمل ويحتاج 75 بالمئة من سكانه إلى المساعدة.

والاثنين، اعتبرت نقابة مستوردي المواد الغذائية أن “ما يمر به لبنان من ظروف صعبة بدء من الأزمة المالية والاقتصادية والشحّ في العملات الأجنبية وصولا إلى الإقفال العام… أرخى بثقله على القطاع وزاد من التحديات والصعوبات التي تواجهها الشركات المستوردة”.

وحذرت من أن تؤدي تلك العوامل وتداعياتها “إلى نقص في المخزون الغذائي إلى نحو النصف أو أكثر”، في بلد يستورد نحو 80 بالمئة من حاجاته الغذائية.

ووقعت وزارة المال والبنك الدولي الجمعة الماضية اتفاقا على تقديم مساعدة طارئة للبنان قدرها 246 مليون دولار على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 ألف لبناني يعيشون تحت خط الفقر.

وشهدت مدينة طرابلس الأفقر في لبنان، الأسبوع الماضي احتجاجات لعدة أيام ضد إجراءات الإغلاق التي ضاعفت معاناة اللبنانيين، تخللتها مواجهات مع قوات الأمن أسفرت عن إصابة المئات بجروح ومقتل شاب.

وعلى وقع تضاؤل احتياطي المصرف المركزي بالدولار، تدرس السلطات منذ أشهر رفع الدعم عن استيراد مواد أساسية هي القمح والأدوية والوقود. وكان من المفترض رفع الدعم نهاية العام 2020، في خطوة يُحذّر محللون من “آثار تضخمية” ستنتج عنها.

ومر على تكليف سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة للبنان أكثر من أربعة أشهر على وعد بإعلان فريقه الحكومي في أقصر وقت ممكن للخروج من الأزمة السياسية وإنقاذ البلاد من انهيار بات حتميا، لكن منذ ذلك الحين دخلت الأزمة بين رئيس الوزراء المكلف والرئيس اللبناني في متاهة اتهامات متبادلة أبقت البلد على حافة الانفجار.

وفي أحدث تلك السجالات والبيانات والبيانات المضادة، نفى مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية بعد ظهر الاثنين ما قال إن أوساط سياسية وإعلامية تروجه حول مطالبة رئيس الجمهورية العماد ميشال بالحصول على الثلث المعطل في الحكومة.

وجاء في البيان الذي نشرته الرئاسة اللبنانية على صفحتها بتويتر في سلسلة تغريدات  “تصرّ أوساط سياسية وإعلامية على الترويج بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يطالب بالحصول على الثلث المعطل في الحكومة العتيدة، ما أدى إلى تأخير تشكيلها وذلك على رغم البيانات والمواقف التي تؤكد على عدم صحة مثل هذه الادعاءات والتي صدرت عن قصر بعبدا في تواريخ مختلفة كان آخرها في 22 يناير/كانون الثاني الماضي”.

وتابع “حيال هذا التمادي في الترويج لمثل هذه الادعاءات، يُذكّر مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية مرة جديدة، أن الرئيس عون الذي لم يطالب مطلقا بالثلث المعطل، حريص في المقابل على ممارسة حقه في تسمية وزراء في الحكومة من ذوي الاختصاص والكفاءة، ويكونون موضع ثقة في الداخل والخارج وذلك حفاظا على الشراكة الوطنية من جهة وعلى مصلحة لبنان العليا من جهة ثانية”.

وكان الحريري قد قدم للرئيس اللبناني في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2020 تشكيلة حكومية من 18 وزيرا، لكن عون عبر عن تحفظه على طريقة تشكيل الحكومة وتفرد رئيس الوزراء المكلف باختيار الوزراء.  وردّ عون بتقديم طرح متكامل حول التشكيلة الحكومية المقترحة.

وتعثر حتى الآن تشكيل الحكومة الجديدة التي يفترض أن تتألف من اختصاصيين غير متحزبين بعد 14 لقاء بين الرئيسين عون والحريري. وبرزت في الآونة الأخيرة بيانات مضادة من كلا الطرفين يتهم كلا منهما الآخر بتعطيل تشكيل الحكومة.

وتسلط البيانات والبيانات المضادة الصادرة عن الحريري وعون، الضوء على أزمة عميقة في الوقت الذي يقف فيه لبنان على حافة الانفجار.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى