فن و ثقافة

رمسيس الثاني.. الملك العائد ليستقبل العالم من المتحف المصري الكبير

يقف تمثال الملك رمسيس الثاني، أحد أعظم ملوك مصر القديمة وصاحب المعارك الحربية الشهيرة، شامخًا في بهو المتحف المصري الكبير بالقرب من أهرامات الجيزة، كأنه يحيي زواره من مختلف أنحاء العالم، شاهدًا على عبقرية الفنان المصري القديم الذي نحت ملامحه المهيبة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام.

ينتمي رمسيس الثاني إلى الأسرة التاسعة عشرة من الدولة الحديثة، وقد حكم مصر نحو 66 عامًا (1279–1213 ق.م) خلفًا لوالده سيتي الأول. ويُعد من أبرز ملوك الحضارة المصرية، إذ ترك إرثًا ضخمًا من المعابد والنقوش والتماثيل التي خلدت انتصاراته العسكرية، ومن بينها تمثاله الأسطوري الذي يتربع اليوم في المتحف المصري الكبير.

وفيما يلي محطات بارزة من رحلة التمثال منذ اكتشافه حتى استقراره في موضعه الحالي بالمتحف الذي تفتتحه مصر رسميًا في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل:

من باطن الرمال إلى مجد التاريخ: في عام 1820، عثر المستكشف الإيطالي جيوفاني باتيستا كافيليا على تمثال الملك رمسيس الثاني مدفونًا تحت الرمال أمام معبد الإله بتاح في قرية ميت رهينة التابعة لمركز البدرشين بمحافظة الجيزة.

وقد وُجد التمثال في ستة أجزاء منفصلة، يبلغ طوله 11.35 مترًا ويزن نحو 83 طنًا من الغرانيت الوردي القادم من محاجر أسوان في جنوب مصر.

من ميت رهينة إلى قلب القاهرة: ظل التمثال في موقع اكتشافه أكثر من 135 عامًا، حتى قررت السلطات المصرية عام 1955 نقله إلى ميدان باب الحديد (الذي عُرف لاحقًا بميدان رمسيس) بوسط القاهرة، ليحلّ مكان تمثال نهضة مصر الذي نُقل آنذاك إلى منطقة الجيزة.

جرى نقل التمثال راقدًا على عربات ضخمة، ثم خضع لعمليات ترميم وتجميع دقيقة استُكملت خلالها بعض أجزائه المفقودة، بما في ذلك التاج الملكي، قبل أن يُنصب في وضع الوقوف أمام محطة سكك حديد مصر.

 

أصبح التمثال مع مرور الزمن أحد أشهر معالم العاصمة المصرية، وبرزت صورته على البطاقات البريدية والسياحية رمزًا من رموز القاهرة الحديثة.

القلق على التمثال وبداية رحلة الإنقاذ: مع ازدياد التلوث البيئي والاهتزازات الناتجة عن حركة القطارات ومترو الأنفاق، بدأ خبراء الآثار في التحذير من تضرر التمثال، فبدأت في عام 2004 دراسات لنقله إلى موقع أكثر أمانًا. وتم اختياره ليكون أيقونة استقبال الزوار في البهو الرئيسي للمتحف المصري الكبير، الذي كان حينها قيد الإنشاء.

موكب ملكي في شوارع القاهرة: نفّذت شركة المقاولون العرب عملية نقل تجريبية في يوليو/تموز 2006 باستخدام مجسم مطابق للتمثال يزن 83 طنًا. وبعد نجاح التجربة، بدأت عملية النقل الفعلية في 25 أغسطس/آب 2006، حيث تم تغليف التمثال بـ”قميص حديدي” وطبقة من الرغوة المطاطية لحمايته.

واستغرقت الرحلة 11 ساعة، قطع خلالها التمثال نحو 30 كيلومترًا من ميت رهينة إلى موقعه المؤقت قرب ميدان الرماية، وسط موكب مهيب تابعه الملايين عبر شاشات التلفزيون.

إلى المتحف المصري الكبير… حيث الخلود: بعد أعمال الترميم الدقيقة وتجهيز الموقع الجديد، نُفذت عملية النقل الثانية في 25 يناير/كانون الثاني 2018 بالتعاون بين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وشركة المقاولون العرب، لمسافة 400 متر فقط، ليُوضع التمثال أخيرًا في بهو المتحف المصري الكبير.

ومنذ ذلك التاريخ، يقف رمسيس الثاني شامخًا كأنه يستقبل الزائرين بنفس الكبرياء الملكي الذي حكم به مصر قبل آلاف السنين، ليكون أول ما يراه الداخل إلى المتحف، وأحد أبرز رموزه الخالدة.

ومن موقعه الفريد المطل على أهرامات الجيزة، وبجوار هرم خوفو الأكبر، إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة، يستعد المتحف المصري الكبير لافتتاحه الرسمي في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بحضور رئاسي ودولي رفيع المستوى.

إذ من المنتظر أن يشهد حفل الافتتاح الرسمي حضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلى جانب رؤساء وملوك وزعماء من مختلف دول العالم، في حفل يعكس مكانة مصر الثقافية والتاريخية.

وإلى جانب تمثال الملك رمسيس، يضم المتحف كذلك مجموعة الملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو، ومجموعة نادرة من المقتنيات التي تُعرض لأول مرة، وهو ما يجعله أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة.

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى