سأكون إلى جانبك
سأكون إلى جانبك
“الأفكار تخلق المصائر وتقودها…”
تذكرني هذه الفكرة بتطبيقات لها في الواقع…
منذ عامين نجح كابتن طائرة ضخمة، روسي في إنقاذ الركاب 230 راكباً من الموت، بعد أن دخل سرب من الطيور في المحركات فعطّلها، واضطر الكابتن للهبوط في حقل ذرة… وقد اتخذ هذا القرار في ذرّة من الثواني المتاحة قبل انفجار الطائرة وحريقها.
كانت فكرة الطيار هي: “أنا تدربت على الطوارئ والاحتمالات. فإذا لم أنجح فلأنني لم أتعلم جيداً…ربما كنت أشرد في المحاضرات”.
لقد ذكرني حادث الطائرة الروسية بالطائرة الفرنسية ، التي يقودها الطيار الكاتب “أنطوان دي سانت أكزوبيري” صاحب الكتاب الأجمل: “أرض البشر”. عندما نجا من الموت بعد سقوط الطائرة في جبال الأنديز الرهيبة ، جنوب متاهة الأمل. قال:
“سأمشي… لأن كل من أحبهم يتوقعونني أن أمشي… وأنا لن أخذلهم” ومشى ونجا في واحدة من مستحيلات الجغرافيا.
وذاكرة تقود إلى أخرى…
ففي العام 1989 ضرب زلزال مدمرأرمينيا. وكان من بين أقوى الزلازل في القرن العشرين. فخلال عدة دقائق قتل 250 ألف شخص، وتحولت منطقة واسعة إلى خرائب، بما في ذلك المدرسة التي يدرس فيها ابن الفلاح الأرمني. وكان الأب قد نجا لأن بيته بعيد عن مركز الزلزال، واقتصر الأمر على تصدع الجدران.
عندما وصل الأب إلى المدرسة رآها حطاماً. وبعد احتمال الصدمة الأولى… تذكر جملته التي كان يردها دائماً لابنه “سأكون دائماً هناك إلى جانبك”.
استنهض “أرتين” المفجوع قوة إرادته. وحدد مكان الصف الذي يقع في آخر ركن من المدرسة… وبدأ بإزالة الأنقاض بيديه العاريتين، وسط ذهول الآباء والشرطة وهم يحاولون منعه من المحاولة لأن الجميع دفنوا تحت الركام. وكان يقول لكل من حاول إقناعه ليس بعبث المحاولة، بل بخطورتها…. كان يقول هذه الجملة: “ساعدني أو فاصمت”. واستمر يحفر ويزيل الأنقاض حجراً حجراً بيديه النازفتين، حتى بانت فجوة يستطيع أن يدخل منها، فصاح ينادي: “أرماند” فأتاه صوت يقول: “أنا هنا يا أبي” ثم سمعه وهو يردد لزملائه في الصف” “أما قلت لكم لا تخافوا فإن أبي سيأتي وينقذني؟” فهو كان يقول لي: “أينما كنت توقع أن أكون إلى جانبك”.
مات من التلاميذ 14 تلميذاً، وخرج 30 كان آخرهم “أرماند”.
لو تأخر إنقاذهم عدة ساعات لماتوا جميعاً.
الآن أرتين متقاعد. وفي شيخوخته يأتي لزيارته المهندس الطفل “أرماند” ويقول له : الآن أنا من يقول لك: أينما كنت سأكون إلى جانبك.