فن و ثقافة

‘سوريا السريالية’ يوثق معاناة المعتقلين بعد سقوط الأسد

الفيلم يوثق انتهاكات التعذيب في سجون نظام الأسد، ويرصد معاناة المعتقلين وآمالهم في إعادة بناء حياتهم بعد التحرير.

 

كشف الفيلم الوثائقي الجديد “سوريا السريالية” عن سنوات طويلة من التعذيب والانتهاكات في سجون نظام بشار الأسد، خلال عرضه في “سينما أطلس 1948” بإسطنبول، ضمن فعاليات الذكرى السنوية الأولى لتحرير سوريا بعد عقود من الحكم الدكتاتوري الممتد من حافظ الأسد إلى ابنه بشار.

الفيلم، الذي تبلغ مدته 37 دقيقة، يستند إلى شهادات مباشرة من ناجين من سجون مثل صيدنايا وعدرا والمزة، ويسلط الضوء على القسوة التي عاشها المعتقلون داخل الزنازين المظلمة وظروف الاحتجاز غير الإنسانية، إضافة إلى قصص التمسك بالحياة والآمال التي راودت هؤلاء المحررين بعد إطلاق سراحهم. ويقدّم الوثائقي سرداً تصويرياً للمعاناة التي استمرت عقوداً، مع التركيز على اللحظات الأولى بعد التحرير، والتحديات التي واجهها السوريون في محاولتهم إعادة بناء حياتهم في ظل الدمار والخراب.

وفي حديث للأناضول، أشار مخرج الفيلم ديهات قايا إلى شعوره بالسرور بعد تحرير سوريا، وهو ما دفعه على الفور لإنتاج الفيلم دون إعداد سيناريو مسبق. وقال إن الهدف كان توثيق اليوميات الأولى للتحرير، بما فيها صور الدمار والمعاناة والقمع، مع التركيز على المشاهد الطبيعية والواقعية التي تنقل الحقيقة بلا تجميل أو مؤثرات درامية. وأضاف أن بعض المشاهد كانت مؤلمة للغاية لدرجة أنهم لم يتمكنوا من إدراجها في الفيلم، في محاولة لحماية المشاهد من صدمة شديدة.

من جانبها، أوضحت المنتجة تولاي غوكشيمن أنها سبق وأن أنتجت ثلاثة أفلام وثائقية طويلة عن سوريا، وتابعت أنها سافرت إلى مناطق مختلفة لتقديم مساعدات إنسانية، كما شهدت بنفسها آثار القمع والمعاناة التي حاولت تصويرها. واستعرضت خلال أسبوع من زيارتها لمناطق مثل حماة وحمص ودمشق حجم الدمار الذي خلفه نظام الأسد، وما واجهه السوريون من انتهاكات لحقوق الإنسان خلال عقود من حكم النظام.

يبدأ الفيلم بمشاهد الاحتفالات التي أعقبت الثورة السورية، ثم يتابع بمقابلات مع محررين من سجون الأسد، ليقدّم صورة شاملة عن التناقض بين القمع والمعاناة من جهة، والأمل وإعادة البناء من جهة أخرى. ويأتي الفيلم كوثيقة تاريخية تثبت حجم الانتهاكات الإنسانية والسياسية التي مورست في ظل النظام السابق، في خطوة تهدف إلى تعزيز الوعي الدولي حول ما حدث في سوريا، وتقديم الشهادات الواقعية التي قد تستخدم لاحقاً في محاكم العدالة الدولية.

من الناحية السياسية، يُعد الفيلم جزءاً من جهود توثيق الحقائق بعد سقوط الأسد، وتأكيداً على أن التحرير لم يأتِ فقط بإزاحة السلطة، بل أعاد للسوريين كرامتهم وأملهم في استعادة حياة طبيعية. ويشير العرض الأول في إسطنبول إلى الاهتمام الدولي بالملف السوري، ورغبة صانعي الأفلام في إيصال القصص الإنسانية خلف الصراعات السياسية إلى جمهور أوسع، بما في ذلك المشاهدين العرب والأوروبيين.

ويمثل “سوريا السريالية” أكثر من مجرد فيلم وثائقي، فهو شهادة على صمود السوريين وحافز لتوثيق التاريخ والذاكرة الجماعية، ويقدّم رؤية حقيقية لكيفية مواجهة شعوب مضطهدة لسنوات من القمع، ومحاولة بناء مستقبل على أنقاض الماضي المأساوي.

ميدل إيست أونلاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى