فن و ثقافة

سيناريو مسلسل رأفت الهجان : صالح مرسي وحواره مع الجمهور السوري !

خاص

زار كاتب السيناريو المصري صالح مرسي دمشق في عام 1993 بعد عرض مسلسل رأفت الهجان مباشرة، وكان المسلسل قد شغل المشاهدين العرب بمتابعة أجزائه، ناهيك عن تداعياته في أماكن أخرى.

وكان اللقاء حاشدا في مكتبة الأسد ، ورغم أن الكثيرين أدلوا بآرائهم وطرحوا الأسئلة، إلا أن المختصين أو المتابعين لفن كتابة السيناريو، لم يستغلوا الفرصة جيدا، وانتهى الحوار، والورقة التي أدون عليها ملاحظاتي احتوت على أفكار مشتتة أشعر اليوم بالندم لأنني لم أطرح أسئلتي التي تخص كتابة ذلك السيناريو.

وكما هو معروف، فالمسلسل يتكون من ثلاثة أجزاء، أخرجه يحيى العلمي بحرفية عالية، وقام أبطاله بإنجاز أدوارهم ليتحولوا إلى نجوم، فكسر محمود عبد العزيز نمطية البطولة في الأفلام والمسلسلات العربية، وأفسح في المجال أما ظهور خلاق لمجموعة نجوم حفظ الجمهور أسماءهم، واندمج مع أدائهم، وكنا أمام (ملحمة وطنية) فعلا بنيت على معلومات وتوثيقات  من ملفات المخابرات المصرية تتعلق برفعت علي سليمان الجمال الجاسوس العربي الذي زرعته مخابرات عبد الناصر داخل المجتمع الإسرائيلي للتجسس لصالح مصر، وهي خطوة مخابراتية بامتياز تحسب لهذا الجهاز .

ما كان ذلك ليحصل، لو (سيناريو صالح مرسي)، الذي رسم (مشهدية الحكاية) أمام الكاميرا، وأنجز حواراً سلسلاً مهنياً، والجميل أن دور النشر تلقفت الفرصة، ونشرت نص السيناريو ككتاب .

لا أعرف ماهو مصير نسخة هذا الكتاب التي اقتنيتها في ذلك الوقت، ولا أخفي أن تعاملي معها كان سطحيا، وسبب هذه السطحية، هو اهتمامي بالمضمون أكثر من بحثي في آلية صنع المشاهد التي قدمها صالح مرسي للكاميرا، وتحتوي على فكرة جوهرية يمكن أن نتعلم منها وهي: (آليات التعامل مع المادة الوثائقية في الدراما).

شاهدت المسلسل مؤخرا، ودققت في سياق السيناريو المنجز على الشاشة، وكان علي أن أنتبه إلى نقاط أساسية فيه ، لابد أنها لعبت دورا كبيرا في نجاح المسلسل وتوثيقه :

أولها ، الثيمة التي يعتمد عليها (السيناريو)، أي فكرة (زرع جاسوس) ، وقد ذهبت الحكاية إلى البحث عنه، وتدريبه، ورحلته، وأدائه، وهذه هي مفتاح النجاح الأول، واشتغل عليها المخرج العلمي بنجاح.

ثانيها، أن الشخصيات قدمت نفسها بعوالمها الداخلية، وتشابكاتها مع الشخصيات الأخرى، فغدت كل شخصية نموذجا للدراسة .

ثالثها، أن الحوار فيما بين الشخصيات، ومع نفسها، ساهم بشكل كبير وناجح، في تقدم الأحداث، وكشف التفاصيل، وتقديم الشخصيات على حقيقتها ، وكان (الحوار) يؤدي دوره، على نسقين، احدهما ذاك الذي يتعلق بحوار شخصيات أجهزة الاستخبارات، والثاني، ذاك الذي يتعلق بالشخصيات الأخرى، بغض النظر عن هويتها.

رابعها، عدم الاستخدام المفرط للمادة الوثائقية، كي لايخرج السيناريو عن كونه رواية تلفزيونية، إلى فيلم وثائقي .

خامسها ، التعامل مع زمن الحدث، والنقلات (الفلاش باك) التي دعمت السياق، ولم تشتت المشاهد، ناهيك عن تقسيم الأجزاء في السيناريو، وكأنها فصول الرواية الدرامية.

إن الكتابات الانتقادية الكثيرة، والحديث عن أخطاء في المسلسل، كلها واردة، ولكنها لاتقلل من أهمية هذا السيناريو، في سياق تطور السيناريو التلفزيوني العربي، والدعوة إلى الاستفادة منه عبر قراءته قراءة نقدية .

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى