شاشة رمضان : الدم والانتقام والقتل مفاتيح العربجي والزند وحارة القبة !
خاص
كل المهارات التي وصلت إليها الدراما التلفزيونية السورية، والذي يجري الحديث واسعاً عن هروبها كصناعة من أيدي السوريين، واستخدامها كرسائل ومضامين ليست في صالحهم. كل هذه المهارات صبت جهودها على (دخولات مخيفة) لتفاصيل سردها التالي الذي ينتظره المشاهد في بيته.
وأنا لم أستطع بعد متابعة كل شيء، فهناك مسلسلات كثيرة يفترض أن أتابعها، ولكن الأيام الأولى من الموسم الرمضاني الجديد 2023، وضعت أمامي ثلاث مسلسلات جاذبة تتابع باهتمام، وهي :
- مسلسل الزند (ذئب العاصي) .
- مسلسل العربجي.
- مسلسل حارة القبة في جزئه الجديد .
نعم هذه هي الأعمال التي ظهرت أمامي وتابعت بداياتها، وربما كان يمكن أن أتابع أكثر لأكتشف (الورطة الكبرى) التي يتم أخذ المشاهد نحوها على صعيد البناء الفني في مضمونه المؤثر، أو القادر على التأثير.
في مسلسل الزند ، يخرج الفنان تيم حسن ، من ملف (دراما الهيبة) ، والمضمون المشغول عليه باحترافية عالية في الكتابة والإخراج والتمثيل والإنتاج ، بعد أجزاء خمسة ، يخرج تيم وقد أضحى نجماً قادراً على التأثير، بشكله وأدائه وبالشخصيات التي يؤديها أمام الكاميرا .
يخرج من الأجزاء الخمسة من (الهيبة) ليدخل في مشهدية سوف يقرؤها النقاد بعناية عندما تنتهي تتعلق بشخصية (عاصي الزند) البطل الشعبي الذي يكافح من أجل حقوقه في مواجهة الاقطاع (نتذكر رواية الفهد لحيدر حيدر)، لكن المثير هو البداية الدموية التي شرعت الحلقات الأولى بتقديمها لهذه الملحمة ، بداية دموية تتجه إلى معارك وصراعات وحصاد دموي كبير لانعرف كيف يتجه إلى أين وماهي رسالته ..
ويبدأ مسلسل العربجي بمأتم النشواتي، مشهد يمتد على نصف الحلقة ، وكأنه يريد أن يبسط سجادة من التنبوءات ليجعلنا نتابع. وأمام (هيبة) الموت تفتح الحلقة الأولى منه على جسد مسجى، وتزوير بأخذ بصماته، ثم قتل (بالشناكل) ثم إخفاء جثث ثم انتظار مقيت أمام تطورات لاتنبئ براحة البال !
وعندما تفتح على مسلسل حارة القبة في جزئه الجديد ، تجد نفسك أمام وهج توتر وصراع يقوده (عباس النوري) بفرادة أدائه، و(خالد القيش) بكاريزما أدواره، و(فراس ابراهيم) بعودته وقد كسر رقته بدور الجشع والإجرام.هذا الوهج ينتهي برسالة واضحة عن أحداث دامية قادمة لانلبث إلا نشاهد بدايتها في عملية خنق يقوم بها فراس تفرد مساحة كبرى لمآسي (الحارة) التي أثقلتنا (دراماها) .
هل من الضروري في مهارات كتابة السيناريو، أو حتى في فن الإخراج ، الشروع بالعنف والتوتر المثير للقلق لكي يكون النص آسراً في تقديم هذه البضاعة الفكرية والترفيهية؟
سؤال مهم يطرح نفسه أمام أغلب كتاب الدراما السوريين الذين تناموا سريعاً مع موجة انتشار الشركات المحفزة على الانتاج ، ويتعلق بطريقة كتابة بداية الفيلم السينمائي أو الحلقة الدرامية أو المسلسل التلفزيوني.
في هذه الحالة ، وهي تدل على بؤس في الانتقاء، لن أكون متشددا معهم، ولا مع من تبنى نصوصهم وأنتجها، أن تكون هذه الخطوة تمهيدا للعنف الكبير القادم، هي ماتقلق فعلا ، فإذا كان السيناريو يستلزم تشويقا حادا في بداياته (ليس شرطا أن يكون دمويا ) ، فإن الاعتماد على سلسلة القتل والانتقام والدم والغدر والحقد وإشعال التارات، مسألة خطرة في أيامنا.
وهذه لانريدها أبدا، لايمكن أبدا أن تكون في صالح كل الشرائح التي تنتجها أو تشاهدها ..
بداية مخيفة للموسم الرمضاني، وسأحاول البحث عن أعمال تضيء الدرب ببصيص أمل !