افتتاحية الموقع

شرق المتوسط ومسار الموت السقيم ، هربا” من الموت المقيم !!

غرق مركب طالبي اللجوء قبالة شاطئ طرطوس ليس حادثاً عرضياً، ولا حدث طارئ. هو مصير متكرر ليائسين يمثلون أحوالاً شعبية، ويعبرون عن ظروف الشعب في سعيه للحياة والاستقرار والأمان واليقين. وبينما يستخرج العدو الإسرائيلي النفط والغاز من شرق المتوسط، نستخرج جثث هاربين من الضيق والعوز والفقر ومن انعدام العيش والظلم والقهر. فهل سنتكتفي بتغطية الأمرإعلامياً وتعداد الضحايا واتهام أصحاب المراكب أو المهربين؟؟ أم أننا سننتبه إلى أن هذا الهروب اليائس بات هوية قويه لتطلعات شعوبنا حيث اليأس من إمكانية العيش يشكل دافعاً للهرب ولو بركوب الموت والغرق و الموت؟؟

‏القضية (فوق سياسية) والمسألة إنسانية بامتياز. هل صحيح أن دولنا باتت عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من العيش لابنائها؟؟ وما الذي يجعل المرء يتمنى ركوب الموت مع معرفته بأرجحية الغرق؟؟ ألم يقل معظم (بل كل) من سألته وسائل الإعلام في شمال لبنان انه ( يفضل الهرب ولو كان الموت هو النتيجة مؤكدين أن الموت أثناء محاوله الهرب أفضل من الموت خنوعاً في ظل منظمومات سياسية تتمادي بقتلنا)  ثم ألا تلفت النظر جنسيات الهاربين؟! لبنانيين سوريين و فلسطينيين. انهم بلاد الشام المعروفة بأنها  أرقى الشعوب العربية وأكثرها ثقافة و تقدماً. أليس من الغريب أن يصل أهلها إلى الغرق إما باليأس المقيم أو بالهروب السقيم؟؟ لماذا لم تنجح هذه البلاد في ترجمة حضاراتها في دولة تعبر عن ثقافتها ورقيها؟؟ وبدلاً من ذلك تقسمت وتشرذمت أكثر، وافتقرت وتقاتلت وتناحرت وجاعت و و و و ألخ، و لم تجتمع إلا بموت هارب من اليأس القاتل.. ثم ألم يقدم أهل جزيرة أرواد اللذين إستنفر كبيرهم وصغيرهم لإنقاذ ضحايا مركب الموت؟؟ الم يتركوا مدارسهم وأعمالهم و بيوتهم ويسرعون إلى البحر لإنقاذ من يمكن إنقاذه؟؟ ألم يرسل أهل أرواد رسالة توضح روح وقوة وشجاعة وحضارة وانسانيه شعب بلاد الشام..
‏طبعاً، لا نشك أبداً أن أعداءنا عملوا ويعملون على إخضاعنا وتقسيمنا ونهبنا وتجويعنا واذلالنا، من الاستعمار القديم إلى الاستعمار الجديد، إلى الحكومات الدمى، إلى إثارة الطائفية والحروب الأهلية، إلى الربيع العربي و الإرهاب التكفيري، إلى العقوبات الاقتصادية والحصار الجائر.

وعبر كل ذلك، وبموازاة كل هذا المسار، وبمواجهة كل هذا الاستهداف يطرح السؤال: ماذا فعلنا وماذا فعلت الحكومات والحكام؟؟ لماذا فشلوا في صيانة بلادهم؟؟ لماذا قصروا في رد الأعداء؟؟ لماذا لم يستطيعوا أن يؤمنوا لشعوبهم الحد الأدنى من الأمل الوطني واليقين الحياتي للتمسك بهم وبهويتهم الحضارية الوطنية الإنسانية كطاقة روحية للمقاومة والتماسك والبناء والاستمرار الإنساني؟؟ ألم يثبت أهل أرواد في إندفاعهم لإنقاذ الضحايا أن هذا الشعب يمتلك روحية تستحق أن تستحق من الحكومات أن تعمل بهديها ووفقاً لوجدانها ونهجها ؟؟ا
إأن أعداءنا يريدون لليأس أن يترسخ في نفوسنا ليصبح هوية بديلة وقاتلة لهويتنا الحضارية الوطنية والإنسانية، وحوادث الهرب السقيم لم تعد مجرد إنذار ليأس شعبي بل صارت مسار موات يهدد معنى الاوطان و الانتماء والهوية. فهل يستمر الحكام  في الإستهانة بيأس الشعب من إدارتهم و إجراءاتهم وما تزرعه فيهم من حنق يجعلهم يندفعون إلى موت مرجح هرباً من موت مقيم.. حوادث غرق اليائسين يجب أن تهتز وتغير أساليب الحكم والحكام بحيث لا يتمنى أحد الهرب إلى الموت.

ألم يقول أفلاطون أن (هدف السياسة سعادة الناس)  سعادة الناس وليس تطفيشهم ودفعهم إلى الانتحار بقوة يأ سهم من العيش والتغيير.. بالفعل اليأس الوطني أخطر على الأمة من كل الأعداء المتربصين.. فانتبهوا إلى ما تزرعون في نفوس شعوبكم؟؟؟و احترموا الروح الاصيلة الحضارية التي أظهرها أهل أرواد، لأنها الهوية الحقيقية لبلاد الشام و شعبها و حضارتها كنموذج للعروبة وأمتها المستهدفة من الداخل ومن الخارج.

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى