عماد نصر ذكري يؤكد أن منظومة العلمانية لا يمكن أن تتعارض مع الدين

على الرغم من حساسية القضايا والأفكار والآراء التي يناقشها ويراها د. عماد نصر ذكري في كتابه “آيات علمانية” الصادر عن دار الربيع العربي، مثل الدين والعلمانية، والعلمانية والمشايخ، ومبادئ الشريعة الإسلامية، وعلاقات الإخوان المسلمين بالإرهاب والمرأة وغير المسلمين والنظام، والأزهر والدستور وأزمة التعليم، والزواج الثاني في المسيحية، وعلاقة نظام مبارك بالإخوان، وغيرها من القضايا مثار التساؤل والجدل والخلاف على الساحة المصرية والعريبة، إلا أن ذكري يناقشها بهدوء دون انفعال أو افتعال أو تعصب أو تطرف في الرأي.

ويؤكد أن العالم لن ينعم بالأمن والسلام والحرية في ظل الدول التي تحكمها الأصوليات عن طريق أحزاب دينية فاشية حتى لو تمسحت كذبا بالحرية وزورا بالعدالة، وهي أحزاب تتوهم أو توهم شعوبها أنها تمتلك الحقيقة المطلقة التي يجب أن تفرضها على مواطنيها أولا ثم على شعوب العالم لتتمكن من الأرض وأي فترة سلام تمثل هدنة مؤقتة لالتقاط الأنفاس وإعادة الحسابات وترتيب الأوراق قبل معاودة القتال والجهاد المقدس.

وتساءل ذكري كيف يمكن أن تنجو البشرية من هذا المصير المظلم؟ وقال “أعتقد أن الحل يكمن في كلمة واحدة هي العلمانية” وأوضح أن “منظومة العلمانية لا يمكن أن تتعارض مع الدين ـ أي دين ـ لأنها قيم إنسانية لا يمكن أن تعاديها الأديان التي جاءت لسعادة الإنسان ورفعته، والدين الاسلامي على سبيل المثال يدعو إلى حرية الفكر والعقيدة ونصوص القرآن الصريحة تؤكد أنه لا إكراه في الدين وأن من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، والذين يقولون إن آية السيف نسخت كل الآيات التي تدعو إلى حرية الاعتقاد يرتكبون جريمة كبرى في حق هذا الدين لأنهم يجعلونه دينا يعادي أبسط حقوق الإنسان”.

ورأى أن النظام العلماني يسمح بقيام أحزاب على أساس ديني، ففي ألمانيا حزب يسمى الحزب المسيحي الديمقراطي، لكنه بالطبع لا يمكن أن يدعو إلى أفكار متحجرة عفا عليها الزمن، فمثلا لن ينادي بتطبيق حد الردة على تارك الدين المسيحي أو بجواز المسيحي من مسلمة ويجرم العكس أو يفرض على الأطفال أن يتبعوا دين آبائهم إذا تحولوا إلى المسيحية ـ الدين المفترض أن يصنف الأفضل في نظر حزب يسمى مسيحيا ـ أو يمنع الطلاق إلا لعلة الزنى ـ رغم وجود نص إنجيلي لكنها فضيلة الاجتهاد مع وجود النص لأنه إذا اختلف النقل مع العقل يجب اللجوء إلى الأخير ـ أو يسن قوانين تفوح منها رائحة العقد الذكورية وتحط من شأن المرأة رغم أنه قد يتحجج ويتمحك بنص إنجيلي يدعو النساء أن يخضعن لرجالهن في كل شيء، فإذا تأسس في مصر حزب إسلامي يؤمن بصدق ودون ألاعيب ومناورات التقية بهذه القيم العلمانية الليبرالية سأكون من مؤيديه”.

وفي أكثر من موضع أدان “ذكري” نظام الرئيس السابق حسني مبارك، وقال “روج نظام مبارك في الداخل والخارج لمقولة مفادها أنه خط الدفاع ضد سطوة وسيطرة وهيمنة وجبروت الإخوان المسلمين، وأنهم البديل الجاهز للوثوب إلى قمة السلطة في حالة غياب مبارك وحزبه عن الساحة السياسية، والحقيقة أن مبارك سار على خط سلفه السادات بالكربون لا بأستيكة في طريقه تعامله مع الإخوان المسلمين، فهو وإن قمعهم سياسيا وأغلق الأبواب والمنافذ وكل المداخل المؤدية إلى الحكم أمامهم واعتقالهم إن تعدوا الحدود، فقد أطلق لهم العنان ومطلق الحرية في السيطرة على عقول الناس في الشارع، بل إنه وضع العراقيل أمام التيارات الفكرية والحزبية الأخرى، وحال بينها وبين الوصول إلى الجماهير فأصبح الشارع للإخوان والسلطان لمبارك وآله وصحبه”. وأضاف “ادعى النظام أن جماعة الإخوان محظورة رغم وجود مقار لها ومرشد عام يتحدث علنا باسمها، وما أبشع ما تحدث به مرشدون كثيرون، فالأستاذ مصطفى مشهور أعلن أن المسيحيين يجب أن يدفعوا الجزية ويمنعوا من الالتحاق بالجيش، وهي مقولة عنصرية تعرض من يتفوه بها في أي مجتمع ديمقراطية للعقوبة، والأستاذ مهدي عاكف يجاهر بأنه يقبل أن يحكم مصر مسلم ماليزي “هل خجل أن يقول صراحة مسلم قريشي”، ولكن يرفض أن يرأسها مصري غير مسلم، ويضيف “طز في مصر” فيضرب بقيم المواطنة عرض الحائط ويرتد عن مصريته ولا يحاسبه أحد رغم الانتماء إلى الوطن في الدولة الحديثة مطلق بينما الانتماء إلى الدين نسبي، فهل ردد المرشدون أقوالهم لأنه ليس على المحظور حرج؟

وأكد أن الجماعات الارهابية التي روعت – ولا تزال – الآمنين خرجت من عباءة الإخوان المسلمين بل إن د. عبدالله عزام عضو التنظيم الدولي لجماعة الإخوان هو الأب الروحي لتنظيم القاعدة، وأيمن الظواهري والسفاح أبو مصعب الزرقاوي الزعيم السابق للقاعدة في العراق وأبوبكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الاسلامية وغيرهم يعترفون بتأثير سيد قطب، كما أن صالح سرية قائد مجموعة الفنية العسكرية التي حاولت قلب نظام الحكم في مصر عام 1974 يشيد بقطب وبفضل كتابه “في ظلال القرآن” في تشكيل فكره.

يذكر أن الكتاب قدم له الكاتب د. خالد منتصر، ويقع في 158 صفحة من القطع المتوسط، والكاتب شاعر واستشاري الأمراض الباطنة بالمركز القومي للبحوث، عضو مؤسس في حركة مصر المدنية ومنتدى ابن رشد والجمعية المصرية للتنوير.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى