فن و ثقافة

عندما تشيخ الذئاب : نحن جميعا متورطون!

ترك مسلسل (عندما تشيخ الذئاب) انطباعاً مهماً لدى النقاد والمشاهدين الذين تابعوه في موسم العام الماضي.

وفي عروضه التالية على بعض الفضائيات. ورغم أن البناء الدرامي للمسلسل آسر، وعميق ، ويعكس صورة ما.

سوداء من صور الواقع العربي، إلا أن شارة المسلسل المغناة تتهمنا جميعا بلا مواربة بالتورط في الصمت، وقد بُنيت تيمتها على مبدأ التعميم والاتهام الشامل.

من البداية يكذبون ..

إلى النهاية يكذبون

كل النساء .. كل الرجال

من أجل جاه ينحنون ..

تضيف الشارة في مفردات لاهثة في المعاناة:

يتحدثون عن الأمانة .. ويسرقون

يقولون ما لا يفعلون..

والعدل يسأل من أكون ؟!

اتهام واضح وغير خجول للمشاهد بأنه متورط بالمأساة، ولذلك يجد المتابع نفسه أمام رغبة ملحة في التعرف على المعاني الكبيرة التي تحملها هذه الشارة المغناة، والآسرة في صوت مغنيتها ، فإذا هو يقلب مواجعه ويعود إلى صمته!

كتب كلمات الشارة الدكتور موريس منصور، وغنتها سارة فرح، ولأن المسلسل مأخوذ  عن رواية أردنية للكاتب الراحل (جمال ناجي) حازت على جائزة البوكر في الرواية، فإن تحويلها في المسلسل إلى صيغة سورية . تعني أنها غير معنية بمكان محدد في الأردن وكأن النص كان قادراً على فرض نفسه على كل المجتمعات العربية .

وعندما نحاول إنشاء علاقة بين الشارة المسلسل، فنطابق المعاني على مضمون الخطوط الدرامية ، نكتشف شيئا آخر، وهو أن الشارة ، في هذه الحالة، تصف المجتمع الذي تعكسه أحداث المسلسل ، بمجتمع غير عادل، وغير آمن، ومنافق، وعناصره واضحة للعيان لكن الصيغة النهائية تعود وتتهمنا جميعا بالصمت :

الكل يعرف أي درب يسلكون

يعرفون ويصمتون !

من هم (الكل) ؟!

ومن هم الذين يسوقون الأحداث إلى مأساويتها : (يكذبون، يسرقون، ينحنون)؟

ثمة قطبان في معادلة التوصيف، لكن أخطر مافي هذين القطبين ، هو القطب الصامت، لأن الحكمة المعروفة تتهمه علانية : (الساكت عن الحق شيطان أخرس).

شارة خطيرة من شارات الدراما السورية ، تمكنت من تكثيف المضمون المأساوي والخطير للمجتمع العربي، وحددت ببساطة معادلة المسؤولية الكبرى ، ونحن في أعماقها !

 

خاص بوابة الشرق الاوسط الجديدة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى