عن التطبيع مع إسرائيل
يبدو أن التطبيع مع إسرائيل بات أمرا مفروغا منه في هذه الأيام بعد أن قامت دولتان عربيتان جديدتان بعد مصر ، هما الإمارات و البحرين بهذا التطبيع الذي كان يعتبر نوعا من الكفر بالله ذات يوم غير أن مصر أكبر دولة عربية منذ عدة سنوات هي التي جعلت من هذا الكفر الوطني السياسي لدى العرب أجمعين نوعا مقبولا و ممكنا في زمن حاكم مصر أنور السادات اللاعب الماهر بالسياسة مع أعدائه داخل مصر من أحزاب و جماعات دينية رفضها عبد الناصر الحاكم العربي الذي خاض حربا ضروسا مع إسرائيل ، فصارت مع السادات بلدا آخر يحكمه شيطان يدعي الذكاء و المهارة فقام بزيارة إسرائيل بعد هزيمته و صار صديقا للعدو و كاد يجر معه حافظ الأسد إلى هذه اللعبة الخطرة و لكنه كان أمهر منه !
تجري الأن محاولات سرية و علنية مع السودان و السعودية و عمان و الأردن و باقي المجموعة العربية لدفع كل العرب إلى الإعتراف بإسرائيل و التطبيع معها ، فهل هذا العمل ممكن و لا بد منه؟ أم هوعمل شائن لا يمكن القيام به إطلاقا؟
هذا السؤال الذي نطرحه الأن في هذا المقال لم يعد كما يبدو نوعا من الكفر بالله و بالوطن ، بل صار أو يصير إجراءاً سياسيا ممكنا و إعترافا غير شائن بأن فلسطين ضاعت نهائيا و أن الضفة الغربية نفسها و المعتبرة حتى الأن المعقل الأخير للمروة العربية القويمة قد باتت الدولة العربية الأخيرة التي تصرخ الأن بأصوات شعبها الفلسطيني و بعض زعمائها الوطنيين أن التطبيع مع العدو التاريخي إسرائيل لم يعد خيانة وطنية بل صار واقعا لا مفر منه .
ما عسانا نحن الكتاب و الشعراء و المثقفين و المؤمنين بالله و الوطن العربي أن نفتح صدورنا و ننطق بالكلمة الأخيرة و الصحيحة في هذا الإشكال القومي و الوطني و الإنساني ..؟!
هل إنتهت فعلا قصة إحتلال العدو الصهيوني التاريخي و باتت نوعا من المواقف السياسية الصعبة و الممكن فعلا حلها بالتطبيع مع إسرائيل كما صنعت الدول العربية المذكورة آنفا؟؟
لا قيمة حتى الأن في إعتقادي لأي مراوغة فكرية و سياسية وطنية في تفسير ما قامت به مصر و الإمارات و البحرين و الدول الأخرى التي يضغطون عليها كي تتصرف حسب الأصول السياسية الماهرة كي تنضم إلى مصر و الدولتين الأخريين و تفتح كل الأبواب المغلقة نصف إغلاق و ننهي البكاء في مآسينا الكثيرة على وطن عربي ضاع أخيرا و لا مجال لإرجاعه و إنقاذه …
هذه مقالة كتبتها و نشرتها لا لأجل أن أطرح مشروعا تخطيطيا ماهرا لإنقاذ فلسطين من الضياع نهائيا ..إذ ليس في مقدوري و لا في مقدور أي كاتب أن يطرح الأن مثل هذا المشروع.
المشروع الوحيد الممكن طرحه الآن هو كيف ننقذ أوطاننا مثل سوريا و العراق و اليمن و غيرها التي ترفض التطبيع مع إسرائيل حتى الأن و هو أن نعمل على إنقاذ سوريا والعراق و اليمن و باقي هذه الدول من الضياع السياسي الكامل لبلاد مستقلة حرة متطورة !..
كيف ننقذ سوريا أولا و بعد ذلك إذا ما نجحنا في هذه العملية ننقذ ما تبقى من فلسطين أو فلسطين كلها من إسرائيل !..