نوافذ

عن “التغيير”

لُجين سليمان

بكين ــ منذ أن بدأت العمل في الجامعة اعتدت على التعاون مع الطلاب لإنجاز المشاريع بشكل مشترك. فنجلس ساعات نتناقش ونتباحث. ومهما كان التوقيت بمجرد أن أجد لدى بعضهم أسئلة او استفسارات أو مشاكل، أعمل مباشرة على مساعدتهم على الحل، خاصة وأن فريقنا يقوم على المبدأ التالي: المشرف يتولّى الأمور الاستراتيجية في الإشراف على الطلاب، وما تبقى من أساتذة بمختلف المراتب العلمية يتابعون الأمور بشكل أكثر تفصيلا، وصولا إلى طلاب الدكتوراه، والذين أيضا يتابعون العمل بشكل دقيق مع طلاب الماستر.

سمعت مؤخرا الكثير من الانتقادات حول مساعدتي الدائمة للطلاب، فهناك وجهة نظر سائدة بأنه عندما يواجه طالب ما مشكلة معينة، يجب أن يحلها بنفسه كي يتعلم،وبذلك من غير المعقول أن أبقى في الجامعة وقتا متأخرا لمساعدتهم، وفقا لفكرة تقول: أنهم إذا لم يواجهوا الكثير من التعقيدات لن يصبحوا باحثين.

وعلى الرغم من أني أعمل معهم بانسجام كبير،فلا أحب الطريقة التي تجعلهم يشعرون أنهم وحيدون في مواجهة مصاعب العلم، إلا انني حاولت الاستفادة من ملاحظات الآخرين علها تكون صحيحة في موضع ما. إذ بقي أحد الطلاب ثلاثة أيام يسألني عن الأمر ذاته وأنا أقول له، حاول أن تفكر وتعمل على حل الموضوع بنفسك، انظر إلى مراجع أخرى. وهو يصر على  أنه لم يجد الحل. أخيرا التقينا وسمعت وجهات نظره تجاه معظم المشاكل التي تظهر معه في “النمذجة”، وحقيقة كان محقا، إذ تحدث بطريقة منطقية وبوجهات نظر واقعية، وبالفعل كان قد فكّر مليا قبل أن يتوصل إلى هكذا نتائج. بقيت عندها يوما كاملا أعمل معه على حل الموضوع ونتبادل الاتصالات حتى وقت متأخر في الليل، إلى ان وصلنا إلى استنتاج مناسب. أخبرته عندها أن العلم عملية مؤلمة لأنها عملية تغيير وأي تغيير هو أمر ليس بالسهل ولذلك من الطبيعي أن نتعب ونسهر.

وبالفعل لو لم أقم بالتعاون معه وفهم وجهات نظره لم أكن لأتوصل لفكرة جديدة من أجل بحث قادم، ولم أكن لأفهم منطقه في حل المشاكل.قد يكون من الضروري أن يجّرب الطالب حل المشاكل بنفسه، ولكن لا أعرف ما الذي يجعل أي أستاذ جامعي يعتقد أن العلم بيديه وأنه وبمجرد أنه حصل على هذه المرتبة يحق له أن يتربع على عرش منفصل عن مشاكل أولئك الطلاب، ويتهمهم بعدم المعرفة أو الرغبة في المعرفة في حال واجهوا أية مصاعب ويدفعهم إلى التفكير وحيدين، وذلك على الرغم من أهمية وجود تواصل باتجاهين من القمة إلى القاعدة وبالعكس، فلا تغيير جوهري بدون تبادل آراء ووجهات نظر بعيدا عن احتكار المكانة لمجرّد الوصول إليها.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى