فلسفة الثورات العربية.. نموذج انتفاضي جديد (سلمان بونعمان)

 

تأليف: سلمان بونعمان


الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات – بيروت 2013
الصفحات: 158 صفحة
القطع: المتوسط

يتناول كتاب "فلسفة الثورات العربية"، لمؤلفه سلمان بونعمان، ثورات العالم العربي المعاصرة بوصفها ظاهرة فرضت نفسها على نسق التفكير العالمي، وانتزعت الاهتمام الاساسي لمختلف مراكز البحوث.. وكذا شغلت بال المفكرين وعلماء الاجتماع والسياسة والإعلام، لدرجة يعتقد معها أن الظاهرة الثورية العربية تجاوزت الأشكال والأطر التفسيرية التقليدية..
وكسرت نمطية النماذج الثورية التاريخية فجمعت بين الواقع والافتراضي.. وبين العفوية والتنظيم. وتلاحمت فيها مختلف الاطياف الفكرية والسياسية والدينية، الأمر الذي يعطي للباحث مبرراً للتفتيش عن نموذج افتراضي جديد، يفسر ثورات الربيع العربي.
يتألف الكتاب من فصلين. يقدم المؤلف في الأول رصداً لإشكالات مفهوم الثورة والتحديات الراهنة التي يطرحها، إضافة الى تصنيف منهجي للنماذج التحليلية التي اهتمت بدراسة الظاهرة في مدارس العلوم الاجتماعية، مع إبراز أزمة العلوم الاجتماعية في نماذجها المعرفية. إذ يستعرض دراسات أدبية متعلقة بالثورة، تتهم بعدم قدرتها على التنبؤ بحدوث الثورة في مجتمع ما.. ويسقط نقاشه على الحالة الثورية العربية الراهنة.
ونجد بونعمان يناقش نماذج دراسة الثورات في العلوم الاجتماعية، وهي: النموذج الوصفي، النموذج السببي، النموذج المقارن، النموذج الفاعل، نموذج الحركات الاجتماعية، نموذج الأثر الدولي، نموذج التركيب المتعددة الأبعاد. ليخلص في نهاية هذا القسم إلى أن أهمية التعاطي الإشكالي مع الظاهرة الثورية العربية الجديدة، ليس ترفاً علمياً.. ولكن لأغراض علمية تتصل بأسباب انفجار هذه الثورات بحد ذاتها وطبيعة نمطها.. وخصوصيتها الحضارية، والتفكير في مآزق نماذج العلوم الاجتماعية معرفياً ومنهجياً.
ثم ينتقل بونعمان للحديث عن أزمة النموذج المعرفي في العلوم الاجتماعية، وكيف فوجئت مراكز الأبحاث ومؤسسات الرصد والتفكير الغربية، والباحثين المتخصصين في دراسة المجتمعات العربية باندلاع الثورات العربية.. وموجاتها المتعددة والمختلفة، إذ كانت العلوم الاجتماعية تركز على قدرة الاستبداد العربي على إعادة انتاج نفسه بنجاح وضمان استمراريته أمام كل عقبة، فدرج الجميع على تفسير المجتمعات العربية بأنها "شعوب خارج التاريخ"..
وشكلت المنطقة العربية استثناء تاريخيا وجغرافيا واضحا خلال العقدين الأخيرين، ذلك من حيث إنها المنطقة الوحيدة في العالم التي لم تمسها عجلة التطور الديمقراطي بعد ان عمت العالم. ويقول المؤلف بأن التجربة الثورية التونسية والمصرية أثبتت عدم صحة افتراض العجز المتأصل والاستعصاء المزمن في الحالة العربية، وفي مواجهة التحول الديمقراطي، وأن ما حاولت أن تشيعه مراكز البحث الغربية "بشأن الاستثناء العربي" ليس صحيحاً، عقب أن ثبت أنه ممكن في حال توافر الظروف. وأنه قابل للنجاح.
وينتهي بونعمان في نهاية هذا القسم إلى القول بضرورة إيجاد منهج جديد وأدوات معرفية متجددة في البحث عن الإطار الكلي للثورات. وفي فهم أبعادها وامتدادها، وتجاوز العدة البحثية القديمة ومنطق الاسقاط في النماذج التاريخية . فالبحث عن نموذج كلي للثورات العربية ليس سهلاً. فلكل ثورة سياقها وزمكانها وسماتها. ولكن الجهد الفكري سيسمح باكتشاف قدرات المجتمعات العربية وإمكاناتها الكامنة في حركة التغيير.
أما في القسم الثاني من الكتاب فيناقش بونعمان إمكانية إقامة نموذج تفسيري للثورات العربية، بحيث نجده يركز على تقديم البديل المنهجي المقترح لإدراك الظاهرة العربية الجديدة، محدداً سماتها وخصائصها الفريدة، ومدققاً في أبعادها الكلية والنهائية، ومؤكداً على مركزية الإنسان بطاقاته وقدراته وإمكاناته، وبأحلامه وقيمه المجاوزة للمادة.. وعلى قدرة العربي أن ينجز نموذجاً ثورياً ذا ملامح حضارية عربية إسلامية.
ويقوده ذلك إلى البحث عن نموذج للحديث عن علم السياسة ونظرياته، وكيف أن الثورات العربية تجاوزت المقولات التي أنتجها الفكر السياسي والفلسفي الغربي، خصوصاً وجود طليعة وتنظيم سري وقيادة كاريزمية لقيام الثورات.
وفي النهاية، يؤكد بونعمان أن الأمة بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، بعد اللحظة الثورية السياسية، إلى ثورة ثقافية فكرية ذات عمق حضاري كفاحي، تجعلها سبيلاً للسيادة والاستقلال واستعادة المبادرة.


المؤلف في سطور
سلمان بونعمان، كاتب وباحث مغربي متخصص في العلوم السياسية، حاصل على الماجستير في القانون العام، وهو مؤسس المركز المغربي لدراسات والأبحاث المعاصرة. لديه عدة ابحاث ودراسات، كما عمل مشرفاً علمياً في منتديات فكرية عدة.

صحيفة البيان الأماراتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى