في انتظار الحرب المقبلة

ألم تقع الحرب بعد؟

الولايات المتحدة وهي القوة العظمى في عالم اليوم تشعر بأنه يليق بها أن تشن حربا على دولة شبحية. دولة لا وجود لها على الارض، وإن كانت مناطق عربية عديدة قد الحقت بتلك الدولة الشبحية باعتبارها امارات
.
شيء ما غير قابل للتفسير يعتري العملية كلها.

حين أعلن أبو بكر البغدادي وهو شخصية منتحلة عن قيام دولة الخلافة الإسلامية لم يتقدم بطلب إلى الجمعية العامة للامم المتحدة للاعتراف بدولته.لا يحتاج الامر إلى كثير عناء لكي تكون تلك الدولة معترفا بها من أعدائها المفترضين
.
في لاهاي الهولندية خرجت جمهرة من الصوماليين تأييدا لعودة الخلافة وفي معان الاردنية رفعت رايات الدولة االوليدة.

غير أن الأهم أن دولة البغدادي كانت قد أحيطت بحفاوة نادرة من نوعها من قبل وسائل الاعلام الدولية، الغربية منها بالأخص. بحيث صار اسم تلك الدولة يتردد على كل لسان كما لو أن كل شيء يجري على طريقة حق تقرير المصير، ولكن بطريقة مقلوبة.

ليست الشعوب المنكوبة هي الجهة التي تطالب بذلك الحق هذه المرة.

هناك قوة مسلحة توصف أحيانا بالارهابية ,أحيانا أخرى بالجهادية هي من قررت ان تتماهى مع ذلك الحق وتفرضه على شعوب تُركت لقدرها الغامض. شعوب منتهكة من العظم إلى العظم. شعوب لم تعد لديها غاية سوى أن تتشبث بفكرة حياة يغلب عليها شعور عظيم البلاهة.
لن تقع الحرب إلا من أجل تكريس تلك الفكرة.

حياة تقع بين مخيمين. بين فاصلتي عيش اصبحتا نوعا من الذكرى.

أضطر شعب بأكمله أن يكون رعية لخليفة هو خريج أحد المعتقلات الاميركية صارت تنتظر مَن ينقذها من هلاك محقق.

بالنسبة للولايات المتحدة لم تكن الحرب ضرورية إلى وقت قريب.

فداعش المسكوت عنه باعتباره جماعة ارهابية كان أحد أهم الوسائل التي تم تبنيها وتمويلها ورعايتها من أجل تهديم سوريا والحاق أكبر ضرر ممكن بالنظام الحاكم وبالمدنيين من سكان المدن التي استولى عليها ذلك التنظيم.

أما في العراق فقد كان تنظيم داعش موجودا وبقوة في الكثير من المناطق الغربية قبل الاعلان عن احتلال الموصل، بل أنه كان يحكم الموصل عمليا قبل أن يهرب الجيش العراقي تاركا أسلحته الحديثة لمجاهدي اللحظة الخطأ.

لم تكن الإدارة الاميركية لتشعر بالحرج لو أن التنظيم لم يقترب من حدود اربيل، وهي كلمة السر في الحرب المقبلة.

التحالف الدولي الجديد لمحاربة الارهاب سيكون مناسبة لاعادة احتلال العراق وهو ما يشكل مصدر غبطة للعراقيين، حكومة وشعبا ولأسباب متناقضة. فالحكومة العراقية التي ولدت من لحظة فشل تراهن على القضاء معارضيها من خلال الحرب على داعش أما الشعب فانه يفضل احتلالا اميركيا على احتلال ايراني.

في الوقت نفسه ستكون تلك الحرب فرصة لاحتلال أجزاء من سوريا. وهو ما لا يسر له النظام ولا المعارضة التي توصف مجازا بالمعتدلة. ما لن يتمكن النظام من احتوائه لن تقوى المعارضة على استعماله سلما للوصول إلى السلطة وهو حلم سيكون بعيد المنال في ظل احتلال لا أحد يمكنه أن يتنبأ بمخططاته البعيدة.

ستقع الحرب في أية لحظة لتزيد من الفوضى في بلدين، يعاني شعباهما من مشكلات طائفية وعرقية مزقت بخشونتها نسيجهما الاجتماعي وسلمتهما إلى فراغ، متاهته أكثر سعة من يتم الخروج منها عن طريق الحلول التاريخية.

ستقع تلك الحرب وعلينا أن نفكر منذ الآن في ما سيليها.

سوريا ستكون عراقا آخر. العراق سيكون سوريا أخرى.

لن ينجو البلدان من هلاك لن يصيب منه شيء دولة الخلافة التي سيتم الاعتراف لاحقا أنها لم تكن موجودة.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى