في 5 نقاط.. كيف انتهكت إسرائيل الإجراءات المؤقتة التي فرضتها محكمة العدل الدولية
أعلنت محكمة العدل الدولية فرض إجراءات مؤقتة على إسرائيل، في 26 يناير/كانون الثاني 2024، في أعقاب اتهام جنوب أفريقيا لها بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين. ولم تأمر المحكمة إسرائيل بوقف العمليات العسكرية في غزة، بل أصدرت تعليمات إلى إسرائيل بمنع الأعمال التي تندرج تحت المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية، وتحديداً قتل أفراد جماعة معينة، والتسبب لهم في أذى جسدي أو نفسي جسيم، والتسبب عمداً في التدمير الجسدي لهذه الجماعة، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادات.
ومنحت المحكمة الجانب الإسرائيلي مهلة حتى الثالث والعشرين من فبراير/شباط لتقديم تقرير للمحكمة، حول مدى التزام القوات الإسرائيلية بالقرارات الستة التي أصدرتها المحكمة، والتي تشمل كذلك إلزام الجانب الإسرائيلي بالتوقف عن أي تحريض لارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، واتخاذ كافة التدابير لتوفير المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.
على أنه خلال الشهر الماضي، بدا أن الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة انتهكت العديد من هذه التدابير المؤقتة، وضربت إسرائيل بما أقرته محكمة العدل الدولية عرض الحائط، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني.
كيف انتهكت إسرائيل الإجراءات المؤقتة التي فرضتها محكمة العدل الدولية؟
1– قتل المدنيين في غزة
في أعقاب الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية، الذي أمر إسرائيل بمنع قتل المدنيين الفلسطينيين في غزة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، استمرت في قتلهم.
ففي الفترة بين 27 يناير/كانون الثاني و9 فبراير/شباط، سجلت منظمة Airwars وقوع أكثر من 200 حادث أسفر عن أضرار للمدنيين الفلسطينيين، ووقوع إصابات جراء استخدام الأسلحة المتفجرة والرصاص الحي. وشملت هذه الحوادث هجمات على العاملين في مجال الرعاية الصحية والصحفيين والمدنيين الذين يبحثون عن مساعدات أو مأوى. واستمر قتل المدنيين بعد أول أسبوعين من الحكم.
وكان من ضمن هذه الحوادث مقتل هند رجب (5 سنوات)، وهجوم على رفح أدى إلى استشهاد 67 شخصاً، وإطلاق النار على رجل فلسطيني في أحد المستشفيات، وهجوم مميت في دير البلح، ومذبحة أطلقت فيها القوات الإسرائيلية النار على مدنيين كانوا يجمعون الطعام من قافلة مساعدات، أسفرت عن استشهاد 115 شخصاً على الأقل في شارع الرشيد بغزة.
2– أضرار جسدية ونفسية خطيرة
بعد حكم محكمة العدل الدولية، الذي أمر إسرائيل بمنع الأعمال التي تسبب أذى جسدياً أو نفسياً للفلسطينيين في غزة، ظهرت تقارير عن وقوع هذه الأضرار. إذ أفادت تقارير بأن الفلسطينيين الفارين من خان يونس تعرضوا للاعتقال والإهانة، ونقلوا إلى أماكن مجهولة على أيدي القوات الإسرائيلية.
وتحدث شهود عيان عن تعرض الفلسطينيين لعمليات تفتيش واستجواب واحتجاز عند نقاط التفتيش، ونقل بعضهم إلى معسكرات اعتقال في ظروف مجهولة. وفضلاً عن ذلك، نُشر مقطع فيديو يظهر جنوداً إسرائيليين يجبرون فلسطينيين محتجزين على وصف أنفسهم بالعبيد.
وروى الطبيب الفلسطيني سعيد عبد الرحمن معروف الانتهاكات التي تعرض لها خلال 45 يوماً من الأسر، مثل الحرمان من النوم وتعصيب العينين. ونشرت صورة أخرى لجندي إسرائيلي يقف فوق رجل فلسطيني عارٍ ومقيد ومصاب بجرح في ساقه.
وأعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء مزاعم الاغتصاب والاعتداء الجنسي والاعتقال التعسفي بحق النساء والفتيات في غزة والضفة الغربية. وتحدث أحد التقارير عن سيدة احتُجزت في قفص تحت المطر والبرد دون طعام. ووصف رجل فلسطيني آخر تعرضه للتعذيب الجسدي والنفسي طوال أسابيع أثناء احتجازه من القوات الإسرائيلية.
3– التدمير المادي ومنع الولادة
أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بمنع الظروف التي قد تؤدي إلى التدمير المادي للمجتمع، مثل اتخاذ تدابير لمنع الولادات، لكن الهيئات الدولية والمنظمات الحقوقية سلَّطت الضوء على الإجراءات الإسرائيلية التي أفضت فعلياً إلى هذه الظروف. واتهم خبير الأغذية البارز في الأمم المتحدة، الدكتور مايكل فخري، إسرائيل بتجويع الفلسطينيين عمداً، ووصف ذلك بأنها جريمة حرب.
وتشير تقارير حديثة إلى وفاة 10 رضع جرّاء سوء التغذية والجفاف، حيث يلجأ بعض الآباء إلى علف الحيوانات لإطعام أطفالهم. وتتأثر النساء الحوامل أكثر من غيرهن بهذه الظروف، حيث تتلقى واحدة من كل خمس نساء في وسط غزة علاجاً جراء سوء التغذية.
وقد أدى نقص الغذاء إلى ارتفاع معدلات الإجهاض والمضاعفات الصحية الأخرى. وفضلاً عن ذلك، سُجلت آلاف حالات العدوى والأمراض المختلفة بسبب نقص مياه الشرب النظيفة وغيرها من الضروريات. وأدت تصرفات إسرائيل، مثل إغراق الأنفاق بمياه البحر، واستهداف المستشفيات، وفرض الحصار، إلى تفاقم الأزمة الصحية في غزة، وهو ما ترك العديد من الفلسطينيين عرضة لخطر الموت والمرض.
4– حصار المساعدات التي تدخل غزة
أمرت المحكمة إسرائيل باتخاذ إجراءات فورية لتمكين وصول الخدمات الأساسية العاجلة والمساعدات الإنسانية إلى غزة. ومع ذلك، منذ صدور الحكم، انخفض المعدل اليومي لعدد الشاحنات التي تدخل القطاع بشكل ملحوظ.
ووجدت دراسة استقصائية– أُجريت بعد حكم المحكمة- شملت 24 منظمة إغاثة تعمل في غزة، أن التأخير والرفض عند المعابر ونقاط التفتيش الإسرائيلية كانت العوائق الرئيسية أمام تسليم المساعدات. وأوقف برنامج الأغذية العالمي تسليم المساعدات إلى شمال غزة لأسباب تتعلق بالسلامة، في دلالة على التحديات التي تواجهها منظمات الإغاثة العاملة في المنطقة. وفضلاً عن ذلك، زعمت إسرائيل أن موظفي الأونروا متورطون في هجمات حماس، ما دفع 18 دولة إلى تعليق تمويل الوكالة. ويعمل المتظاهرون الإسرائيليون على منع قوافل المساعدات، وسُجلت حوادث هجمات على قوافل المساعدات في غزة.
5– التحريض على ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية
ألزمت التدابير المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية إسرائيل بمنع ومعاقبة التحريض على ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة. ورغم ذلك، أدلى مسؤولون إسرائيليون وشخصيات عامة بتصريحات متطرفة، وكان من مظاهر ذلك مؤتمر نوقشت فيه إعادة التوطين في غزة، ووجهت دعوات لطرد الفلسطينيين. وبعد المؤتمر، صدرت تصريحات متطرفة أخرى من مسؤولين إسرائيليين.
في 12 فبراير/شباط، أفادت تقارير بأن بن غفير حث الجيش على إطلاق النار على نساء وأطفال غزة الذين يقتربون من إسرائيل. ونُقل عن بن غفير قوله خلال اجتماع لمجلس الوزراء: “لا يمكن أن نسمح للنساء والأطفال بالاقتراب من الحدود… أي شخص يقترب لا بد أن يقتل برصاصة في رأسه”.
وبعدها بيوم، قال وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريش، إنه من الضروري “ألا تمنعنا الضغوط الأمريكية أو الخوف من إيذاء المدنيين من احتلال رفح وتدمير حماس”. وكان يتحدث قبيل الغزو البري المخطط له لمدينة رفح الجنوبية.
وفي 19 فبراير/شباط، ألقت وزيرة شؤون المرأة، ماي غولان، كلمة أعربت فيها عن اعتزازها بأنقاض غزة. وقالت للكنيست: “أنا شخصياً فخورة بأنقاض غزة، وبأن كل طفل، حتى بعد 80 عاماً من الآن، سيخبر أحفاده بما فعله اليهود… لا حمامة، ولا غصن زيتون، بل سيف لقطع رأس زعيم حماس يحيى السنوار”.
عربي بوست