كتاب الموقعنوافذ

قصص هاتفية

قصص هاتفية … “الكاتب متآمر يتجسس على نفسه، ويفضحها”

“بيانكي”وكيل تجاري يجول إيطاليا شرقاً وغرباً ، شمالاً وجنوباً. يعود يوم الأحد إلى بيته، ويغادر يوم الاثنين. كانت ابنته الوحيدة تقول له : “أرجوك يا أبي اروِ لي قصة كل مساء”.
كانت تنتظر المساء، ولا تستطيع النوم قبل أن تسمع قصة من والدها. وكان الحل : أن يروي القصة عبر الهاتف كل يوم في التاسعة.
القصص التي يرويها كانت قصيرة جداً، حيناً، وطويلة قليلاً، أحياناً، وذلك حسب كمية ربحه في ذلك اليوم، ليدفع فاتورة الهاتف.
كانت قصص بيانكي غريبة لانطوائها على غرائب يبدعها الخيال. وعن عوالم غير موجودة، وبشر وحيوانات بعلّمون بغرابتهم صناعة المخيلة، وجمال الأشياء، وطفولتها.
وكانت القصص ممتعة إلى حد أن عاملات المقسم في هاتف المدينة، التي ينام “بيانكي” فيها، بعد جولة النهار…كنَّ يوقفن الرد على الطلبات حتى يستمعن إلى قصص “بيانكي” حتى نهايتها… مساء كل يوم في التاسعة.
هذه حيلة الكاتب الإيطالي “جياني روداري” لكتابة قصص أطفال (للكبار أيضاً!) وسماها “حكايات عبر الهاتف”.
ومن يقرأ هذه الكتاب الصادر عن “الهيئة العامة للكتاب في سورية” سوف يحدث له نوع من الرخاء الروحي الآتي من سلام تشيعه أجواء وشخصيات وأحداث هذه القصص. وفي نفس الوقت ستكون عبارة أحدهم ” الذئب مليء بالخيال” عبارة ذات معنى…إذ يمكن تحويل ثنائية (الذئب ـ الخروف) إلى تجميل أدوار الحيوان في لحظاته الأخرى. وباستنتاج جمالي بدلاً من جنائي.

من القصص : ” الشمس والغيمة”

“سافرت الشمس في السماء سعيدة فخورة بعربتها النارية، باعثة أشعتها في كل الجهات مسببّة الغضب لغيمة ذات مزاج عاصف، كانت تهمهم، وقالت لها:
“شمس مسرفة مبذّرة، داومي على رمي أشعتك في كل اتجاه، وسترين كم سيبقى لديك منها.”
في الكروم كانت كل حبة عنب تنضج على غصن تسرق شعاعاً أو حتى اثنين في كل دقيقة. ولا يوجد عشبة أو زهرة أو عنكيوت أو قطرة ماء إلا ويأخذ حصته من الأشعة.
قالت الغيمة: “دعي الجميع يسرقونك. سترين كيف سيشكرونك عندما لا يجدون ما يسرقونه منك !”
كانت الشمس كل غروب تحسب الأشعة المتبقية، فقط، عند المغيب. تنظر إلى حزمتها الذهبية. فتراها لم ينقصها ولا حتى شعاع واحد فتطمئن.

الغيمة ذابت من صدمة الحقيقة.
أما الشمس فغطست، بسعادة ، في البحر !

26.07.2014

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى