قلبان في جسد واحد ..

كأنّني الآن ……كأنّ دمشق ” تونس ” …كأنّ مسرح القباني في شارع 29أيار هو نفسه قاعة ” الفن الرابع ” في شارع “باريس ” المتقاطع مع شارع بورقيبة ….

بعد غد أبدأ بعرض عملي المسرحي الجديد( قلوب) على الخشبة التي عشقها أبو خليل القبّاني… و”مارون نقّاش” و”يعقوب صنّوع ” ….كأنّ هؤلاء الثلاثة من ديانة واحدة …..

فليكن إعلاناً مجّانيّاً (شو عليه),رغم أنّي أردته إعلاماً بالميم وليس بالنون.

المعذرة منك أيتها الصفحة التي أمثل فيها الآن وهنا والتي استضافتني وقتاً طويلاً بثقلي قبل خفّتي ,أليس من حقّي –بل من واجبي ـ أن أعلم القرّاء وأدعو الأصدقاء والمحبّين والكارهين والمنتقدين على حدّ سواء لمشاهدة جهد شاركتني فيه ممثّلات رائعات تحمّلن نزقي وتكيّفن مع أسوأ الظروف الإنتاجيّة (لا وجود لإنتاج أصلاً) وكذلك فنّيون ومحبّون و متطوّعون وحتّى دائنون راهنوا على متعتهم الشخصيّة وقالوا لأنفسهم :(خلّينا نلحق ” الرصيف” ـ اسم فرقتي المسرحية ـ على باب الرصيف لنشوف آخرتها مع هذا المغامر المجنون…مع هذا المؤذّن في المدن الصمّاء).

لن نتخلّى عن (دونكشيتنا) ما دام الآخرون لا يتخلّون عن (سانشيتهم ) وما دامت طواحين الهواء لا تدور إلاّ على مزاج الهوى.

كنّا في ما سبق نتشدّق بعبارة زوربويّة منتفخة مفادها أنّ الحياة أجمل وأوسع وأعمق من المسرح مبرّرين عجزنا عن تلخيص الحياة وانصرافنا إلى بعثرة الذّات خشية انفجار ما.

أما آن الأوان لاختصار المتع في متعة واحدة ولمجابهة كلّ الأسئلة بسؤال واحد ومن أراد أن يحمل كومة كلّ البطّيخ بين ذراعيه فلن يعود إلى البيت ببطّيخة سليمة وواحدة.

إنّ الأهمّ من الفن هو فن التعاطي مع هذا الفنّ أو ذاك فما زالت الغالبيّة الماحقة في عالمنا العربي تنظر إلى الفنّان إمّا أيقونة في عليائها أو مسخاً في دركه الأسفل وما زال المنشغل بالفن ينظر إلى مهنته إمّا مقاماً مقدّساً أو وظيفة يتعامل معها بتثاؤب.

شخصيّاً أعترف أنّي لا أطيق شعوذة كهنة المسرح ولا بؤس موظّفيه ولا سماجة منظّريه بل أعشق عشّاقه من الذين يأتونه لأجل المتعة ويخدمونه لأجل المتعة و يغادرونه بسبب غيابها.

ما الّذي يجعلك تقصد المسرح وتعرّض كافّة حواسك لكلّ احتمالات التلوّث وما الذي يجعل المسرحيّ يجازف بكرامته الشخصيّة ويعرّضها لكلّ احتمالات الإهانة غير تلك المتعة الخفيّة والمستحيلة.

لأجل كلّ ما تقدّم لن نخجل من الإعلان المجّاني عن( قلوب) لأنّ قلوبنا ليست بضاعة والمتلقّي ليس زبوناً….ودمشق ليست مجرّد عنوان في نشرات الأخبار …كما أنّ تونس ليست مجرّد عصافير خائفة تعلن ربيعاً كاذبا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى