فن و ثقافة

قمة السبع : عودة أميركا للقيادة ، أم حرب باردة ببخار حارق ؟؟!

 حاول الرئيس بايدن في قمة السبع الكبارتظهير شعاره القائل ( أمريكا تعود ) لقيادة الغرب في وجه الصين و روسيا، فهل كانت هذه القمة إثباتاً لما أراده بايدن ؟؟ و كيف قرر الغرب التعامل مع الصين و روسيا ؟؟ و ما جدية نتائج هذه القمة ؟؟

من وجهة نظر بايدن فإن تعريف الغرب يتضمن الدول المرتبطة بتمسكها بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والليبرالية الجديدة . يرى بايدن أن هذا الغرب يتعرض للخطرمن دول تستهدف قيمه هذه بقيم الإستبداد، حسب ظنه . لذلك وضع الرئيس الأميركي  الصين و روسيا كقيادة لهذا النهج الإستبدادي ( المزعوم) المهدد للغرب وقيمه . و في قمة السبع طالب بايدن  بالتضامن والتعاون في ردع الإستبداد ممثلا بالصين و روسيا، حسب تصنيف الغرب ؟؟ فهل نجح بايدن في مسعاه ؟؟ و كيف كان تعاطي الدول السبع مع دعوته ؟

من يقرأ البيان الختامي للقمة يشعر بأنه تضمن جميع النقاط التي طالب بها بايدن  وكأنه حقق كل ما يريده وحشد الجميع وراءه. و بالتدقيق نرى أن البيان دعا الصين إلى إحترام حقوق الإنسان ، خاصة بما يتعلق بالإيغور، و إعطاء هونغ كونغ  أوسع حكم ذاتي ممكن . كما أعلن البيان الإتفاق على ( تنظيم البنية التحتية العالمية )، وهو مشروع يرد به الغرب على مشروع الحزام والطريق الصيني ، و يدعي التفوق عليه بلإنصاف و العدل . كما دعت القمة الصين إلى شفافية أكثر في موضوع مصدر الفيروس المسبب لكورونا، مع تعهد الغرب بإنتاج 100 مليار جرعة لقاح خلال العام القادم، وتقديم مليار لقاح للدول الفقيرة. و بينما دعت القمة الصين إلى مزيد من حقوق الإنسان، و إلتزام قوانين التجارة الدولية ، هددت روسيا بمحاسبتها على هجماتها الإلكترونية ضد الغرب. و كان لافتاً أن الصين تركت مهمة الرد على بيان القمة إلى سفارتها في لندن، حيث أستهانت بما صدر بقولها ( أن زمن قيام مجموعة صغيرة من الدول بحكم العالم  انتهى و ولى ) …

الواضح أن الدول السبع مقدرة ومرتاحة لتعامل بايدن كشركاء بعدما تعرضت للإهانة من ترامب الذي وضع عليهم قيوداً و رسوماً جمركية مربكة، وعاملهم بإستعلاء وتكبر. لكن و رغم الإتفاق على البيان الختامي، فإن الدول الأوربية حذرة وتريد الإستمرار في التعامل مع الصين . و كان لافتاً قول ماكرون ( أن قمة الدول السبع ليست نادياً معادياً للصين ) . و يرى خبراء أن مصلحة أوربا تقتضي إستمرار التعامل مع الصين خاصة و أنها ستتضرر كثيراً إذا أعلن أي عداء إقتصادي غربي للصين . أي أن متانة الإتفاق الغربي تجاه الصين لينة و ربما هشة . و يمكن للصين تجاوزها بتوسيع التشاور و الإسهام الجدي بالتعافي الإقتصادي الدولي . و بتوضيح أن الخصوصيات الصينية ما هي إلا تقدير للإنسان وفق الثقافة الصينية، و ليست مبرراً للإستبداد الذي تتهم به، بل هو طريقة مجدية لتحقيق التنمية والتطورمع الحفاظ على كرامة و حرية الإنسان في الإرتقاء، ولا بد للصين من أخذ الرأي العام العالمي بالحسبان لتطور القيادة الصينية علاقتها مع شعبها من حيث الحريات و المشاركة السياسية  لتثبت أنها بالفعل  كأمة قوة عظمى بحق، و ليست قوة إستبداد تكسب من حكم الشعب و إخضاعه بالقوة و الظلم كما يروج .

قمة السبع أرادها بايدن إعلاناً عن عودة القيادة الأميركية للغرب، و تريدها أوروبا تحفيزاً للصين على التشاور واحترام قوانين التجارة الدولية وحقوق الإنسان، وعلى الصين أن تستثمرها لتفصح عن معنى خصوصياتها كي لا تظل موصوفة بالإستبداد . و في كل ذلك العالم مهدد بحرب باردة لكن بخارها يحرق أكثر من الحروب الساخنة لأن الإقتصاد لا يرحم و لا يعرف الرحمة .

بوابة الشرق الوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى