تحليلات سياسيةسلايد

«كرنفال» الجسر البحري: أميركا تمهّد لحرب دائمة

يحاول الأميركيون إعادة رسم المشهد في قطاع غزة، إعلامياً، بما يُظهر الإدارة الحالية – الديموقراطية – في موقع من يبتدع الحلول لإغاثة المدنيين في القطاع، بعدما قتلت وجرحت إسرائيل، حليفة «الصهيوني الأول»، الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أعاد أمس تأكيد دعمه «الأبدي» لإسرائيل، أكثر من 100 ألف فلسطيني في غزة، فضلاً عن تهجيرها نحو مليونين، وهدمها بيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم ودور أيتامهم، واقتلاعها وتدميرها بناهم التحتية، وجعلها مدنهم وبلداتهم أماكن غير صالحة للعيش.

 

وليس هذا فقط، بل محاصرتهم وتجويعهم، ثم قتلهم وهم يحاولون الحصول على بعض الغذاء القليل المتساقط من الجو، حتى قتلتهم إحدى حزمه الهاوية من السماء.وفي حين تتزايد الضغوط الداخلية الأميركية، وداخل «الحزب الديموقراطي» بشكل خاص، على الرئيس الأميركي الذي يخوض السباق الانتخابي في وضع متعثّر أصلاً، لجأ بايدن إلى تصعيد ضغوطه على الكيان، انطلاقاً من المسألة الإنسانية في غزة، «مبتدعاً»، بمعاونة ومشاورة الإسرائيليين طبعاً، فكرة الجسر البحري من سواحل قبرص إلى سواحل غزة، في مشروع قديم – جديد، له ما له من أهداف، غير إنسانية بالكامل.

وفي خطاب «حال الاتحاد» السنوي، في مبنى «الكونغرس»، أشار بايدن، أمس، إلى أن «وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع من شأنه إعادة الأسرى وتخفيف الأزمة الإنسانية في قطاع غزة»، معلناً «(أنني) سأوجّه الليلة الجيش الأميركي بقيادة مهمة طارئة لإنشاء رصيف بحري مؤقّت في البحر المتوسط على ساحل غزة، سيكون قادراً على استقبال سفن كبيرة تحمل الغذاء والماء والدواء وملاجئ مؤقتة».

وفي بيان مشترك عقب ذلك، أيّدت الولايات المتحدة و«المفوّضية الأوروبية»، وقبرص والإمارات وبريطانيا، «تفعيل ممرّ بحري لإيصال المساعدات إلى غزة». وأشارت هذه الأطراف إلى أن «الممرّ البحري يجب أن يكون جزءاً من جهد متواصل لزيادة المساعدات، وسنواصل العمل مع إسرائيل لتوسيع تسليم المساعدات براً».

بدوره، أعلن الرئيس القبرصي أن «ممرّ قبرص البحري، يستهدف تسريع نقل المساعدات إلى غزة وتخفيف الضغط عن الطرق البرية»، فيما قالت رئيسة «المفوّضية الأوروبية»، «(إننا) نقترب جداً من فتح ممرّ إنساني من قبرص إلى غزة، وسيبدأ العمل التجريبي اليوم (أمس)، ونأمل أن يبدأ تشغيل الممرّ بشكل فعلي السبت أو الأحد».

وبحسب قناة «كان» العبرية، فإن «إسرائيل سمحت لدولة الإمارات العربية المتحدة، بالبدء فوراً في نقل المساعدات إلى غزة عبر قبرص»، لافتةً إلى أن «مهندس عملية نقل المساعدات البحرية من الإمارات إلى غزة، هو القيادي الفلسطيني محمد دحلان».

أما في ما يتعلّق بالمفاوضات التي انتهت جولتها المصرية، أول من أمس، من دون تحقيق أي اتفاق، فبحسب المعلومات الآتية من القاهرة، فقد تمّ تأجيل اجتماعات الجولة الجديدة، والتي كان متوقّعاً انعقادها السبت، بمشاركة وفد إسرائيلي، ما بدّد «الآمال المصرية» في التوصّل إلى صفقة قبل بداية شهر رمضان، وسط مخاوف من «تحويل الوضع في غزة بصورته الحالية إلى وضع دائم»، وفقاً لما أفاد به مسؤولون مصريون، «الأخبار».

وأشار هؤلاء إلى أنهم يترقّبون «مواقف أكثر وضوحاً من الولايات المتحدة» من شأنها الضغط على الاحتلال لإرسال وفد عنه إلى القاهرة لاستكمال المفاوضات، لكنّ تقارير إسرائيلية أفادت بأن المستوى السياسي يرفض توسيع صلاحيات الوفد المفاوض في الوقت الحالي.

أيضاً، يعوّل المسؤولون المعنيّون بالمفاوضات على «الضغوط الميدانية التي تمارسها المقاومة، في إمكانية إحداث خرق، تأثراً بالخسائر التي يتكبّدها الاحتلال، وبفشله في تحقيق أهداف الحرب، فضلاً عن الضغط الداخلي الإسرائيلي».

كما يترقّب هؤلاء مخرجات اجتماع وزراء خارجية الدول العربية المعنيّة بالملف في السعودية غداً الأحد. ووفق مصدر دبلوماسي مصري، فإن هذا الاجتماع «يأتي كمحاولة للضغط السياسي للتوصل إلى اتفاق لهدنة يوم أو يومين في بداية رمضان».

وفيما جرى تواصل مباشر بين مسؤولين أمنيين مصريين وآخرين إسرائيليين، أمس، فقد شهدت الاتصالات «تكرار مطالب إسرائيلية بفتح معبر رفح لعبور الآلاف من الفلسطينيين الى الأراضي المصرية، بشكل مؤقّت، ولمدّة محدّدة يجري الاتفاق عليها»، وهو طلب كرّرته تل أبيب في كل الاتصالات التي جرت في الأيام الأخيرة، بحسب معلومات «الأخبار»، لكنه «قوبِل برفض مصري قاطع».

وتتخوّف القاهرة من معلومات أمنية، وردت في تقارير رُفعت إلى جهات رسمية رفيعة، تتحدّث عن نشاط إسرائيلي مكثّف بالقرب من الشريط الحدودي، الذي زاره قادة عسكريون مصريون، أمس، لتفقّد بعض المواقع ميدانياً.

وحدّدت التقارير مسارين للتحرّكات العسكرية الإسرائيلية على الحدود: الأول، سيؤدي إلى دفع سكان غزة، وبخاصة منطقة رفح، في اتجاه الحدود، بما يرفع احتمالية وقوع حالات اقتحام لها، وهو أمر اعتبره التقرير «غير متوقّع، نسبة إلى سعي إسرائيل لتجنّب زيادة التوتّر مع مصر».

أما المسار الثاني، فيرتبط بسيطرة إسرائيلية على الشريط الحدودي بشكل سريع، بما يمنع دخول أيّ مساعدات إلى القطاع عن طريق معبر رفح، ويؤدّي إلى كارثة إنسانية، مع تحرّك عشوائي لمئات الآلاف من المدنيين الموجودين في رفح. لذا نصحت التقارير بـ«الاستعداد لاحتمالية حدوث ظرف قهري على الحدود»، بما يتطلّب «جاهزية واستعداداً»، من أجل «استقبال عدد أكبر من المصابين، والاستعداد للتعامل مع كلّ السيناريوهات».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى