كولين هوفر تفكّك الاضطراب الجنسي في ‘حقيقة’ بطعم الاثارة والغموض
يفضل الكثير من القُراء في العالم روايات الإثارة والغموض والتشويق لكن رواية “حقيقة” للكاتبة الأميركية الأكثر مبيعا على قائمة “نيويورك تايمز”، كولين هوفر والصادرة عن دار المدى بترجمة الدكتور عابد إسماعيل إتسمت بصفة أخرى الى جانب هذه الصفات وهي الاضطراب النفسي.
بين الإثارة والغموض والتشويق نسجت كولين هوفر خيوط روايتها فمن قراءة الصفحة الأولى للرواية التي تبدأ بدهس شاحنة لـ شخص استعجل بعبور الشارع وتناثر دمه على قميص بطلة الرواية الكاتبة المغمورة (لوين آشلي) يشعر القارئ بجو من الغموض والإثارة النفسية فيبدأ محاولته في استكشاف شخصيات ابطالها القلقين حتى في تصرفاتهم العادية.
ترسم كولين خط مستقيم لروايتها يبدأ من تلقي الكاتبة الفقيرة لوين آشلي عرض من زوج الكاتبة فيرتي كروفورد، لإكمال الكتب المتبقية في سلسلة ناجحة لا تستطيع زوجته المصابة إنهاءها . فتذهب لوين الى السكن في منزل الكاتبة المشلولة الفاقدة للإحساس بكل من حولها، مع زوجها وإبنها الصغير وهناك عن طريق الصدفة تعثر على مذكرات فيرتي المكتوبة بكل مصداقية فتقلب الاحداث رأساً على عقب.
ككل المصابين بالاضطرابات النفسية لايمكن للقارئ استشعار ان فيرتي مريضة نفسياً من الصفحات الأولى لمذكراتها بل هي كاتبة فقيرة وطموحة تلتقي بجيرمي كروفود الذي سيصبح لاحقاً وزوجها بعد ان تجمعهما قصة حب عنيفة تثمر عن عن ولادتها لطفلتان توأمان.
” ما ستقرؤه سيكون له طعماً رديئاً في بعض الأحيان، وسترغب ببصقه، لكنك سوف تزدرد الكلمات التي سوف تصبح جزءاً منك، ومن إحساسك، وسوف تتوجع بسببها ”
وظفت هوفر الكثير من المشاهد الجنسية في روايتها وهذا انعكس بشكل إيجابي على الرواية لتوضح طريقة تفكير الشخصيات المصابة بالإضطراب الجنسي، والمريض بهذا المرض لايستطيع العيش مثل الناس السَوية فلن يستطيع القارئ التعاطف مع قصة حب فيرتي لزوجها جيرمي كروفورد لإنه محاولة للتملك أكثر من كونه حب.
فنرجسية فيرتي وحبها للتملك تدفعها الى محاولة قتل بناتها اللاتي شاركنها بقلب زوجها حسب قولها، فتعاملت معهن كأنداد لها وليس بناتها وتتسبب في موت واحدة منهن وقتلت الأخرى
” بعض العائلات محظوظة جداً لأنها لاتجرب ولو مأساة واحدة في حياتها . ولكن ثمة عائلات أخرى تنتظرها المآسي، على مايبدو، خلف درفة الباب. إذا وقعت الواقعة يحدث السيء ولكن سرعان مايقع ماهو اسوأ من السيء ”
مخطوطة مرعبة لإعترافات زوجة مريضة نفسياً همها الأول سعادتها الجنسية وانانيتها وتملكها، وام تعذب بناتها الصغار بنبذهن و اهمالهن وتسببت في موتهن، تقع في يد لوين لتكتشف حقيقة هذه الكاتبة المشهورة المصابة بإضطرابات نفسية وجنسية دمرت بها أسرتها الصغيرة وحرمت زوجها من السعادة
” ارمي نظرة باتجاه السرير . ماتزال عينا فيرتي مفتوحتين لاتنظران إلى شيء بعينيه . لست متأكدة أنها أدركت بأن ممرضتها قد غادرت . هل هي واعية لأي شيء حولها ؟ ينتابني إحساس مرعب تجاه كرو . وتجاه جيرمي. وتجاه فيرتي.
لا أعرف إن كنت أريد أن أعيش في ظرف كهذا . معرفتي بأن جيرمي متمسك بهذه الحياة .. جعل الأمر، بمجمله، سبباً للاكتئاب. هذا البيت والمآسي التي في ماضي هذه العائلة، والصراعات في حاضرهم”.
وتتشابك الأحداث بينهم بعد حدوث ظواهر غريبة في المنزل لتضع علامات الاستفهام حول حقيقة مرض فيرتي وإصابتها بالشلل وخطورة بقاءها بنفس البيت مع ابنها الوحيد المتبقي بعد وفاة بناتها، وهنا يبدأ القارئ بحل اللغز وتوقع الأحداث القادمة مثل قصة حب جيرمي و لوين وموت فيرتي وصولاً الى نهاية الرواية بإنتصار الخير على الشر كما يقال.
لكن، فجأة! تقلب هوفر الطاولة على القارئ وتصدمنا ببراءة فيرتي بطريقة ذكية جداً، لكنها براءة ليست مؤكدة وتخيرنا ببراعة بين الحقيقة الأولى التي فك القارئ لغزها على مدار 250 صفحة وبين الحقيقة الثانية التي اكتشفناها بآخر صفحات الرواية، لتبقى الحقيقة الحقيقية مجهولة !
على مدى 36 أسبوعاً بقت رواية “حقيقة” في قائمة نيويورك تايمز، وهي الكتاب الثاني للكاتبة الشابة كولين هوفر وهي المؤلف رقم 1 الأكثر مبيعًا في نيويورك تايمز بواقع 22 رواية، وتندرج رواياتها ضمن فئات الرومانسية المعاصرة للبالغين والشباب، بالإضافة إلى كتابتها لأفلام الإثارة النفسية.