لافروف في المغرب لتبديد ‘سوء الفهم’ حول مناورات مع الجزائر
يعتزم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف القيام بجولة افريقية في يناير/كانون الثاني القادم سيكون المغرب أحد محطاتها فيما تسعى موسكو لتوضيح موقفها في مسائل خلافية مع الرباط وسط تباين في وجهات نظر البلدين حول حرب أوكرانيا واستياء مغربيا من مناورات روسية جزائرية على حدودها تقول الجزائر إنها كانت مقررة لكنها لم تجر، مكذبة تأكيدات أوردتها وسائل إعلام غربية وحتى روسية.
وأكدت الخارجية الروسية زيارة لافروف للمغرب، بينما ذكر ميخائيل بوغدانوف مبعوث الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط وافريقيا، أن وزير الخارجية الروسي سيقوم برحلتين خارجيتين للقارة الافريقية اعتبارا من يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.
وتسعى روسيا التي تبدي اهتماما كبيرا بافريقيا ونجحت في انتزاع موقع متقدم في منافسة مع كل من فرنسا والولايات المتحدة، لتحسين صورتها وتبديد مخاوف الدول الافريقية من شح في إمدادات الغذاء للقارة بينما تعهدت موسكو في السابق بأنها ستستمر في تزويدها بما تحتاجه من غذاء وانتقدت اتفاقية تصدير الحبوب الموقعة مع أوكرانيا برعاية تركيا والأمم المتحدة وقالت إن شحنات الحبوب لا تصل إلى الدول الفقيرة بل لدول الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة للمغرب فإن زيارة لافروف تعتبر مهمة في توقيتها لرفع اللبس حول عدد من المسائل أهمها المناورات الاستفزازية الروسية-الجزائرية التي نفت الجزائر إجرائها، وقالت الخارجية الروسية قبلها إنها لن تكون موجهة لدولة ثالثة في إشارة إلى المملكة المغربية.
ويبدو أن النفي الجزائري المربك لإجراء مناورات مع روسيا على الحدود مع المغرب على صلة بزيارة لافروف المرتقبة للمملكة مع سعي الروس لتبديد القلق المغربي وتحسين العلاقات الثنائية، إذ تأخذ روسيا في اعتبارها أن الدور الوازن الذي تلعبه المملكة في المنطقة وأيضا العلاقات المتينة بين الرباط والقوى الغربية.
وتنظر موسكو للمغرب كشريك ولاعب أساسي في افريقيا بحيث لا يمكن تجاهله، فيما تأخذ في اعتبارها تقلبات مواقف الجزائر ومحدودية دورها ونفوذها في منطقة الساحل، إلا أن ذلك لا يحجب حاجتها للشريك الجزائري في مكافحة الإرهاب بشمال مالي، بينما تلقي موسكو بثقلها في دعم المجلس العسكري الذي يقود البلاد والذي أرغم فرنسا على إنهاء مهمة قوة برخان والعمليات العسكرية الأوروبية المتصلة بها.
وتحاول روسيا التي تواجه ضغوطا غربية شديدة بسبب حربها في أوكرانيا توسيع منافذها في إفريقيا من بوابة المساعدات الغذائية والعسكرية في إطار إستراتيجية تمدد ونفوذ في تنافس مع كل من باريس وواشنطن.
وتسلط زيارة لافروف المرتقبة للمغرب وثماني دول في افريقيا الضوء على مساع لتنشيط الدبلوماسية الروسية في القارة في خضم معركة لي أذرع طاحنة مع القوى الغربية.
والأرجح أن موسكو التي قطعت خطوات تقارب لافتة مع الجزائر تبحث عن إرساء توازن في علاقاتها بين الرباط والشريك الجزائري في نهج مشابه لذلك الذي اتبعته تركيا في علاقاتها مع أوكرانيا وروسيا طرفي الحرب التي أحدثت إرباكا عالميا على أكثر من مستوى سياسي واقتصادي.
ووفق تقرير نشره موقع ‘هسبريس’ الإخباري المغربي فإن زيارة لافروف المرتقبة للمملكة ستركز على بحث تعزيز العلاقات الثنائية والاضطرابات في منطقة الساحل الإفريقي إلى ملف النزاع في الصحراء المغربية.
وسيكون الموقف المغربي من الحرب الروسية في أوكرانيا ضمن المباحثات التي سيجريها وزير الخارجية الروسي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة وقد تبدد سوء الفهم بين البلدين في هذا الملف.
وكانت الخارجية الروسية قد ذكرت في وقت سابق أنها ستجري اتصالات مع وزراء خارجية عرب من بينهم الوزير المغربي ناصر بوريطة.
وبحسب ميخائيل بوغدانوف “لا يمكن للوباء ولا للحملة الغربية المناهضة لروسيا أن يمنعا زيادة تطوير العلاقات الروسية الإفريقية متعددة الأوجه”، متحدثا عن عراقيل وضعت في طريق تطوير هذه العلاقات”.
وأوضح أن “اللقاءات مع الدول الإفريقية ستقدم تقييما موضوعيا للظروف الجديدة التي نعمل فيها وستساعد في توضيح وتحديد الجوانب العملية لمزيد من التعزيز الديناميكي للتعاون الإفريقي”.
ملف الصحراء المغربية
ومن المتوقع أيضا أن تتصدر قضية النزاع في الصحراء المغربية مباحثات لافروف في المغرب في الوقت الذي تعمل فيه الدبلوماسية المغربية على استمالة موسكو في هذا الملف بالغ الحساسية بالنسبة للمملكة والتي جعلت منه منظارا لعلاقاتها الخارجية.
وتتمسك روسيا العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي بأنه لا وجود لبدائل للتسوية السياسية للنزاع إلا من خلال قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، فيما تدعم الجزائر التي ترتبط بعلاقات شراكة وثيقة مع موسكو، الطرح الانفصالي وتلقي بثقلها في دعم جبهة البوليساريو ماليا وعسكريا.
وكان موقف المملكة من الحرب الروسية في أوكرانيا واضحا منذ البداية بأن أعلنت رفضها لحل النزاعات بالقوة وهو نهج دأبت عليه في التعاطي مع مثل هذه الأزمات، لكن ربما تنظر له موسكو على أنه اصطفاف مع الغرب الرافض للغزو والذي يواصل دعم أوكرانيا بالسلاح ويضغط على الروس بعقوبات اقتصادية قاسية.
وتؤكد الرباط أنها تتابع الأزمة في شرق أوروبا بقلق وأنها تتمسك بمبدأ “الوحدة الترابية لجميع دول هيئة الأمم المتحدة”، داعية إلى حل سلمي ينهي الحرب.
ويأخذ المغرب في موقفه من الحرب الروسية في أوكرانيا، اعتبارات تتعلق بتوازن المصالح مع ارتباطه بعلاقات تجارية واقتصادية مهمة مع موسكو.